د.عبد الهادى مصباح أقامت نقابة الأطباء دعوي قضائية ضد شركة البراهين العالمية التي تبث قنوات الخليجية والصحة والجمال والناس وقناة الحافظ.
واصفة تلك القنوات بأنها تبث منذ فترة طويلة برامج صحية تشجع علي العلاج بالأعشاب متناسية كل آداب مهنة الطب ومتجاهلة القوانين, التي تنظم البث والتي تنظم ممارسة مهنة الطب علي حد وصفها.
ولفتت النقابة إلي أن تلك البرامج تقوم باستضافة أشخاص ليس لهم علاقة بالطب وغير مؤهلين لعلاج المرضي.. فهي تستضيف صيدليا يدعي قدرته علي علاج جميع الأمراض بالحجامة..
كما يتم استضافة حاصل علي بكالوريوس تربية رياضية ويدعي أنه يعالج جميع الأمراض بالأعشاب.. وبرنامج آخر تقوم فيه خريجة سياسة واقتصاد بعلاج جميع الأمراض الجلدية بالأعشاب.
وأوضحت النقابة أن ضيوف تلك البرامج ليسوا متخصصين في العلاج.. ومعظمهم لا يحملون مؤهلات علمية تجعلهم أهلا للعلاج..
بالإضافة إلي أن العلاج بالأعشاب والحجامة لم يصرح به من وزارة الصحة حتي الآن, وأكدت النقابة في دعواها القضائية أن هذه القنوات تدغدغ مشاعر المرضي الذين أضناهم المرض وتبيع الوهم علي أنه العلاج الشافي لكل الأمراض.
كما حذرت وزارة الصحة المصرية من استخدام أو شراء الأدوية التي يتم الإعلان عنها عبر القنوات الفضائية, وحددتالصحة 5 أنواع من هذه الأدوية هي' نوفاريكو' لعلاج الدوالي و'نوبين' لتسكين الألم و ايزي كويت للإقلاع عن التدخين.
وشاي دكتور منج للتخسيس, و'شايني لوك' لتساقط الشعر, نظرا لأن تلك الأدوية غير مسجلة بوزارة الصحة, وغير معلوم مصدرها والمخاطر التي قد تترتب عليها.
قرأت هذين الخبرين في معظم الجرائد اليومية بعد أن فاض بي الكيل وأنا أشاهد مثل هذه الإعلانات المستفزة التي تهدد صحة الإنسان دون رقيب عليها..
تلك التي تجعل شجرة الجميز تتحول إلي غصن البان, والأصلع صاحب شعر غزيز.. وأدوية لعلاج الضعف الجنسي وإعادة الشيخ إلي صباه, وأخري لعلاج الخصوبة والعقم وتأخر الحمل, وكذلك السكر, وفيروس سي, والسرطان, والإيدز.. وبكل بجاحة يأخذ الإعلان الشكل المباشر في المخاطبة ليخاطب الغرائز والرغبات لدي المشاهد.
والإقبال علي مروجي العلاجات الوهمية منتشر في بلدان كثيرة وليس في مصر فقط, ويندرج في أذهان الناس تحت مفهوم الطب الشعبي.
وقد انتهز البعض الموجة المنتشرة في العالم كله لاستخدام بعض وسائل الطب البديل أو المكمل المبني علي أساس علمي مثل العلاج بالوخز بالإبر, والهوميوباثي, وتقنيات الاسترخاء, والكيروبراكتيك, والعلاج من خلال تعديل مسار الطاقة في الجسم, والعلاج بالمغناطيس, وغيرها.
والذي يجب أن يمارسه أيضا أطباء متخصصون, لكي يركبوا تلك الموجة ويوهموا المرضي بأن ما يقدمونه لهم له أساس علمي علي عكس الحقيقة.
واتجاه المرضي إلي هذه المراكز والعلاجات نابع من أن الإنسان بطبعه يرفض الاعتراف بأنه مريض, ويميل إلي البعد عن تناول الأدوية- خاصة مع ارتفاع أسعارها وعدم وجود نظام تأميني يكفل توفيرها خاصة الأمراض المزمنة- ويسعي نحو من يبعث الطمأنينة في نفسه.
وهو ما تفعله هذه الإعلانات عندما تمنحه بعض الأعشاب وتوهمه بأنها ستحقق له الشفاء, تحت إدعاء أنها إن لم تنفع فإنها لن تضر, وهذا ادعاء باطل لأنها بالتأكيد يمكن أن تضر, فالأعشاب عبارة عن مواد كيماوية ويمكن أن تتخللها ميكروبات وفطريات وسموم.
كما أنها غير مستوفاة للأركان العلمية كمدة صلاحية الدواء, والعناصر الفعالة فيه, والمواد الضارة والسموم, وكمية الجرعة الفعالة, والتي قد تؤثر علي الصحة العامة للمريض أو المستهلك.
وتبع هؤلاء الأفاقين من يدعي أنه يعالج من خلال الطب النبوي, ويستشهد بآيات من القرآن كقول الحق الذي يراد به باطل, فنجد مدعيا يزعم إمكانية علاج السكر وفيروس سي بالحجامة,, وبول الإبل, وعسل النحل الذي يكبر الثدي ويصغره, وغيرها من وسائل النصب مثل العلاج بالشوربة.
وبصفة عامة فقد صار الناس الآن معنيين أكثر من ذي قبل بالمحافظة علي صحتهم وزاد وعيهم, وقد أوجد هذا الاهتمام طلبا هائلا علي منتجات وخدمات تروج للصحة ربما من خلال أعمال تجارية مشروعة تستغل هذه الفرصة السانحة في تقديم منتجات وعلاجات وخدمات لديها فوائد ثابتة علميا.
ولكن في نفس الوقت أفرخت هذه الموجة من الاهتمام جمهورا من أدعياء الطب والدجالين باسم الصحة, تاركة الناس أكثر تعرضا للوقوع في شراكهم, ومع التقدم العلمي والتكنولوجي الرهيب أصبح هناك العديد من الأمراض المكتشفة حديثا, والتي لم يواكبها في السرعة اكتشافات للأدوية التي تعالجها لأن العلاج يحتاج إلي وقت لإثبات أمانه وفاعليته.
مما أعطي فرصة لهؤلاء النصابين لكي يلعبوا علي مشاعر المرضي, ويستغلوا معاناتهم الصحية والاقتصادية, بالإضافة إلي ضعف وتراخي القواعد الحكومية والقوانين المنظمة لهذه الفوضي الإعلانية, مما تزايد معه بصورة هائلة سوء استخدام هذه الوسائل العلاجية والمكملات الغذائية والدجل المحيط بها.
إذن كيف يمكن للمواطن أو المريض الذي يريد أن يتعلق بقشة أن يميز الصالح من الطالح في ظل غياب قوانين رادعة للفضائيات والصحف التي تمارس هذا النوع من النصب والدجل علي شاشاتها وصفحاتها ؟
في الحقيقة هناك بعض الرايات الحمراء التي يمكن أن تنذرك بوجود علم زائف وأن يثير لديك المخاوف والشكوك القوية مثل:
محاولة إغرائك مستخدما تكتيكات التخويف وعناصر الجذب العاطفي, أو ربما بأسلوب ضمان استرداد النقود, وليس من خلال النتائج المؤكدة للسلعة التي يروج لها ؟
يعدك ب' أعادة الحيوية' أو' إزالة السموم' أو تحقيق التوازن بين جسمك وبين الطبيعة' ؟ أو يزعم قدرته علي زيادة قوة احتمالك وتنشيط القدرة العلاجية الذاتية لجسدك أو زيادة مستوي نشاطك ؟
يقدم' برهانه' مستندا إلي روايات فردية من أشخاص يقولون إنهم جربوه, وليس إلي حقائق علمية مؤكدة ؟
ينصح بالمكملات باعتبارها' ضمانا لكل الناس ؟
أو يوصي بجرعات شديدة الضخامة من العناصر الغذائية ؟
يزعم أن بإمكانه علاج, أو شفاء, أو الوقاية من مشاكل صحية متنوعة ومتعددة, ليس لها علاقة ببعضها.. من التهاب المفاصل إلي السرطان إلي العجز الجنسي إلخ ؟
يخرج بمزاعم غير واقعية مثل' يعيد سنوات العمر إلي الوراء' أو' يستعيد شبابك' أو الحل السحري للشفاء من الأمراض أو أسلوب سريع وسهل ؟
يلقي باللوم علي موارد الغذاء باعتبارها منبع المشاكل الصحية أو السلوكية ؟
ويهون من شأن اللوائح الحكومية المنظمة التي لا تعطي فرصة لأسلوبه في العلاج أو النصب ؟ ويتجاهل النصائح التي تتقدم بها السلطات الطبية المعترف بها ؟
يذكر' تركيبة سرية' ؟ أو يعجز عن ذكر قائمة بالمكونات فوق غلاف العبوة أو عن ذكر أي أثار جانبية محتملة من جراء استخدامه ؟
غالبا ما يمتدح المنتج المعلن عنه شخص يطلقون عليه' خبير في التخصص' دون أن يحمل أي شهادات اعتماد مقبولة ؟