استمعت اليوم الأحد، محكمة جنايات جنوبالقاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة، إلى طلبات دفاع المتهمين، فى أولى جلسات محاكمة كل من الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق "هارب"، وعلاء وجمارك مبارك نجلى الرئيس السابق، واللواء طيار نبيل شكرى رئيس جمعية الطيارين، ومحمد رضا صقر، ومحمد فخر الإسلام، وذلك لاتهامهم بالتربح، وتسهيل الاستيلاء على المال العام لهم، والإضرار العمدى به، فى القضية المعروفة إعلامياً بقضية "أرض الطيارين". قبل بدء الجلسة، نظم العشرات من أنصار الفريق أحمد شفيق المرشح الخاسر لرئاسة الجمهورية، واللواء نبيل شكرى المتهم فى قضية الاستيلاء على أرض الطيارين، وقفة احتجاجية أمام مقر أكاديمية الشرطة، تضامنا مع المتهمين، وتجمع عدد من أعضاء الحركة الوطنية المصرية للتنديد بالمساس بالقضاء المصرى النزيه والوطنى الشريف، وتأييدا للنائب العام وقضاة مصر الأجلاء، وقاموا بقرع الطبول، ورفعوا لافتات تحمل صور الفريق شفيق، ومدون عليها "نعم لسيادة دولة القانون .. نعم لاحترام قيادات أكتوبر" و"لا لتسييس القضاء.. لا لتصفية الحسابات.. لا لظلم الشرفاء" و"القضاء المصرى خط أحمر" و"مصر للجميع وبالجميع.. احذروا غضبة 13 مليون مصرى.. اللى بيخون قادة جيشه.. بيخون ملحه وعيشه"، وأكد أنصار شفيق أنهم حضروا من أجل طياريى مصر الذين دافعوا عن أرض مصر، وضحوا بدمائهم من أجل الوطن، وكانت نهايتهم المحاكمة اليوم أمام الجنايات. بدأت الجلسة فى تمام العاشرة والنصف صباحا، بإدخال المتهمين المخلى سبيلهم قفص الاتهام، والمتهمين جمال وعلاء مبارك نجلى الرئيس السابق، واللواء نبيل شكرى المحبوسين على ذمه القضية، ثم قام ممثل النيابة العامة بتلاوة أمر الإحالة، والذى ذكر فيه أن الفريق أحمد شفيق قام ببيع قطعة أرض مملوكة لجمعية الطيارين تبلغ مساحتها 40 ألفا و233 مترا بالبحيرات المرة بالإسماعيلية، إلى جمال وعلاء مبارك، دون تقديم طلب منهم لتخصيص الأرض. وأفادت التحقيقات بأقوال الشهود، بأن الفريق أحمد شفيق قام بمنح جمال وعلاء مبارك مساحة 30 ألف متر سنة 1991 وبقياس الأرض من خبراء المساحة تبين أنها 40 ألف متر بزيادة 10 آلاف عما هو منصوص عليه بالأرض، كما تم بيع الأرض بسعر 75 قرشا للمتر الواحد، بدلا من 8 جنيهات. وشمل قرار الإحالة أيضاً، أن اللواء طيار نبيل شكرى رئيس جمعية الطيارين، قام بتقديم خطاب إلى قاضى التحقيقات، تضمن أن الأرض تم تخصيصها لجمال وعلاء مبارك عام 1985 فى التوقيت الذى لم يكن فيه الفريق شفيق رئيساً للجمعية، ومختوما بختم رسمى من الجمعية، مؤرخ بعام 1991، مما يثبت وجود جريمة تزوير فى أوراق رسمية، وذلك لتبرئة الفريق أحمد شفيق. فيما أقر نبيل شكرى فى التحقيقات، باعتراف تفصيلى بارتكاب الواقعة، حيث أقر بأن نجلى الرئيس المخلوع لم يقدما أى طلبات للجمعية خلال الفترة من 1991 وحتى الآن، يطلبان فيه تخصيص لأرض، وإنما جاء التخصيص مباشرة من الفريق أحمد شفيق بالمخالفة لقانون الجمعية. فيما ثبت من أقوال علاء وجمال مبارك المحبوسين على ذمة القضية 15 يوما، بأن الفريق أحمد شفيق هو الذى خصص لهما الأرض كاملة، وطلبا من قاضى التحقيقات التنازل عن الأرض، وإعادتها مرة أخرى لجمعية الطيارين. وكشف نبيل شكرى فى التحقيقات، بأنه توجه إلى الرئيس المخلوع بالمركز الرياضى بالقوات المسلحة بملعب الإسكواش، وأبلغه أن المساحة التى تم تخصيصها لنجليه غير قانونية، فنهره مبارك وقال له حرفيا "مين اللى هيتكلم". فيما أنكر باقى المتهمين الاتهامات المنسوبة إليهم، وأكدوا أن المسئول عن عمليات تخصيص وتسعير الأرض هو الفريق أحمد شفيق، وفى نهاية قرار الإحالة وجه المستشار أسامة الصعيدى قاضى التحقيقات 10 اتهامات للفريق أحمد شفيق، أبرزها التربح وتسهيل الاستيلاء على المال العام المرتبط بجريمة التزوير فى محرر رسمى، والإضرار بالمال العام، فيما وجه 6 اتهامات للمتهمين الآخرين، وهم محمد رضا صقر ونبيل شكرى ومحمد رءوف ومحمد فخر الإسلام، كما تم توجيه تهمة الإضرار بالمال العام والاستيلاء عليه لجمال وعلاء مبارك، وطلب توقيع أقصى عقوبة على المتهمين. ومن جانبهم، أنكر جميع المتهمين ما ورد بأمر الإحالة من اتهامات، وأكدوا على عدم صحتها، كما استمعت المحكمة بعدها لطلبات عثمان الحفناوى المدعى بالحق المدنى عن الدكتور محمد أنيس وكيل أول وزارة الزراعة والثروة السمكية، والذى التمس من المحكمة التصدى بنص المادة 11 من قانون الإجراءات، وإدخال مواد جديد خاصة بتخريب الاقتصاد المصرى والرشوة والوساطة، مشيرا إلى أن قاضى التحقيق أغفل فى مواد الاتهام ذكر مثل تلك الاتهامات، بالرغم من ذكرها فى أمر الإحالة، كما طلب التعويض المدنى ب100 ألف جنيه. كما طلب دفاع المتهم الأول اللواء طيار نبيل شكرى، الإفراج عن المتهم لعدم توافر أسباب الحبس الاحتياطى، وعدم الخوف من هروبه، مؤكدا أن المتهم لم يفر من الموت، حينما قام العدو الإسرائيلى بضرب الطائرات المصرية فى يونيه 1967، وصعد بطائرته الليلية على ممر غير ممهد، وقام بإسقاط طائرة إسرائيلية، وأعاد الكرامة لمصر، كما خدم فى حرب الاستنزاف، وحصل على النجمة العسكرية مرتين، ولا يتصور أبدا أن يقوم بالإضرار بالمال العام والاقتصاد، ملتمسا من المحكمة الإفراج عنه أيضا نظرا لبلوغه سن ال 79 سنة، ومعاناته من العديد من الأمراض المزمنة، وعدم وجود مبرر لحبسه احتياطيا، كما أن المشرع حدد بدائل أخرى للحبس الاحتياطى، ألا وهى الوضع تحت المراقبة وتحديد الإقامة. ودفع محامو المتهم الثانى أيضا، بانقضاء الدعوى بالتقادم، حيث إن المتهم ترك الخدمة كرئيس مجلس إدارة جمعية الطيارين منذ عام 1992، وآخر واقعة منسوبة إليه منذ ذلك العام أى منذ 10 سنوات، ولا يمكن أن يقال إن مدة التقادم لازالت سارية له وللمتهمين الآخرين، كما طلبوا السماح لهم بالاطلاع على أوراق القضية. كما دفع المحامون، بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بجميع الوقائع المنظورة أمامها، وبنظر القضية لأنها جنحة، مؤكدين أن وقائع التزوير والتربح فى القضية لا تتعدى أن تكون أكثر من جنحة. ومن جانبه، انضم دفاع المتهم الثالث محمد رضا عبد الحميد، إلى طلبات محامى الثانى فى أنها جنحة وليست جناية، مشيرا إلى أن مجلس الإدارة تزول صفته بعد مرور المدة المخصصة له، والمحددة ب 5 سنوات، مشككا فى أمر الإحالة الذى ذكر الاتهامات جميعها. ثم استمعت المحكمة، إلى المحامى فريد الديب دفاع المتهم السادس والسابع (علاء وجمال مبارك) والذى طلب الاطلاع على المستندات المرفقة، مؤكدا أنها وصلت إلى 3 آلاف ورقة، ودفع ببطلان جميع التحقيقات التى أجراها المستشار أسامة الصعيدى قاضى التحقيقات لعدم حيادته، مؤكدا أن سلامة التحقيق تبنى على حيدة المحقق، فإذا فقدها بطل التحقيق وجميع قرارات المحقق وما ترتب عليها، متهما الصعيدى بأنه نبه الجميع إلى حقيقة ظاهرة واضحة، وهى أن القضية تفوح منها رائحة الانتقام السياسى من المتهم الأول الفريق أحمد شفيق مرشح الرئاسة السابق، وأن مقدم البلاغ المحامى عصام سلطان عضو مجلس الشعب السابق، حاول أن يقف حجر عثرة فى سبيل ترشح شفيق للانتخابات الرئاسية، من خلال قانون العزل السياسى، وأنه عندما قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية هذا القانون فإن تكبره دفعه إلى تقديم ذلك البلاغ. وقال الديب لسلطان أمام المحكمة "خلاص يا سيدى الراجل منجحش سيبه فى حاله"، معلنا أمام المحكمة أن جمال وعلاء، تنازلا منذ اللحظة الأولى عن قطعتى الأرض محل الاتهام، إلا أن قاضى التحقيقات رفض إصدار طلب للنائب العام، بتمكين علاء وجمال من التصرف فى القطعتين لوجود أمر مسبق بمنعهما من التصرف فى أموالهما، وأعلن أنه تقدم بطلب للنائب العام لتمكين علاء وجمال من التصرف فى الأرض، وأنه أصدر القرار بالفعل، إلا أنه يحتاج لتوقيع رئيس مجلس إدارة جمعية الطيارين الحالى للتنفيذ وإنهاء الإجراءات. ووجهت المحكمة سؤالا لجمال وعلاء داخل القفص، هل تتنازلون؟ فأجابوا: نعم نتنازل، ليعقب ممثل النيابة العامة قائلا إن الطلب قدم بالفعل، ولكنه ليس لديه معلومات عما حدث به أو اتخذ به من قرارات. وهنا تدخل فريد الديب قائلا: "هما جمال وعلاء ناقصين كل ما يخرجوا من تهمة يخشوا فى التانية"، ورد عليه رئيس المحكمة "هو فيه أرض ب30 ألف جنيه"، فأجاب الديب "يا بيه أكتب زى ما أكتب فى العقد، هو كان فيه حد فى مصر فيما مضى بيكتب فى العقد الثمن الحقيقى هربا من دفع الضريبة.. تحبوا نخليه 300 ألف ولا 3 مليون.. الحكاية ما تستهلش الكلام ده كله.. وكل يوم تحقيق إحنا مش عايزين الأرض خدوها وفتوا فيها.. إحنا أصلا ما استلمنهاش". وأنهى الديب حديثه للمحكمة قائلا "يا فندم دول بيخوفوا الناس بيقولوا مستشار تحقيق.. مفيش حاجة اسمها كده إلا لو المحكمة تصدت للقضية.. اسمه قاضى تحقيق". وعقب ممثل النيابة العامة على حديث الديب، مؤكدا على عدم وجود دليل أو مستند يثبت عدم حيادية قاضى التحقيق مع المتهمين، مشيرا إلى أن جمال وعلاء ليس من حقهما التصرف فى الأرض لصدور أمر بمنعهما من التصرف فى ممتلكاتهم، لافتا إلى عدم درايته بطلب التنازل بصفة رسمية. فسألت المحكمة، الديب: هل معك مستند التنازل، فأجاب: "للأسف يا فندم مش معايا دلوقتى، بس هو موجود وخلال ساعة من رفع الجلسة سأجلبه لكم وكافة المستندات وخطابات النائب العام".