"شارع أو صندوق قمامة، قسم شرطة، سيارة إسعاف، الشئون الاجتماعية، دار إيواء" هى الأماكن التى يمر عليها الطفل اللقيط تباعا منذ لحظة ميلاده، وإن كانت تلك الإجراءات ضرورية لإثبات حالة الطفل، والكشف عليه صحيا ثم إيداعه أى من دور الرعاية، إلا أنها كلها مراحل جامدة وصعبة يظل الرضيع فيها يبحث عن شربه لبن ولا يجدها إلا عندما يكون فرد من بين أفراد "الملجأ" الذى سيقيم فيه، أو أنه يتم تسليمه إلى مرضعة تقوم بإرضاعه، هذا ما يذكره جمال الدين عطية رئيس مجلس إدارة مؤسسة السيدة نفيسة الخيرية للأيتام ولفاقدات البصر بحلوان، حيث يشير إلى أن أول شىء يتم عمله للطفل هو كتابة محضر بمواصفاته، وتدوين شكل ولون ملابسه وأى علامات مميزة فى جسده، ثم تأتى عربة الإسعاف لنقله إلى المستشفى لتوقيع الكشف الطبى عليه، ويتم إخطار إدارة الأسرة والطفولة التابعة للشئون الاجتماعية التى تعمل على تسليم الطفل إلى مرضعة بالتعاون مع وزارة الصحة، وإن كان من المفترض أن تقوم المرضعة على رعاية الطفل إلى أن يبلغ عمره العامين، وتقوم بتسليمه مرة أخرى إلى الشئون الاجتماعية، إلا أن ما يحدث فى كثير من الأحيان أن المبلغ الذى تصرفه الشئون للمرضعة لكفالة هذا الطفل كل شهر على مدار العامين يدخل أدراج بعض الموظفين ليتغاضوا عن التدقيق والتمحيص فى شئون المرضعة وظروفها المعيشية والاجتماعية، مما جعل كثيرات يلجأن إلى الشئون لتسليمهم أطفال يستخدمونها فى أعمال التسول. ويشير عطية إلى أن المرضعات يكن من الطبقات الدنيا فى المجتمع، ويمتهن الرضاعة كمهنة تجلب عائدا حيث تصرف الشئون الاجتماعية مرتبا شهريا لهن، وألبانا صناعية لإطعام الأطفال، فكيف يكون ذلك إذا كان أهم شىء فى وظيفة المرضعة أنها تقوم على إرضاع الطفل طبيعيا، كما أنه فى حالات كثيرة لا يتم فيها تسليم الطفل مرة أخرى للشئون الاجتماعية، ويصبح الصغير منسيا عند أناس يستغلون براءته فى أعمال التسول واستخدامه كخادم لديهم. ويؤكد عطية أن اللقيط طفل يتيم مرتين فهو يتيم مجتمعى ويتيم أسرى، ويقول إن أطفال الدار وهن بنات يفطن إلى حقيقتهن عندما يبلغن 5 سنوات أو 6 ويقال لهن على أن الأم أنجبت وهربت، لذا لا شأن لأحد فى المجتمع أن يسأل أى منهن عن أبيها أو أمها، وإنما فقط يسأل المجتمع عن مدى نفعه هذا الشخص وقيمته فيه، لذا فمن الضرورى أن تهتم كل فتاة بتعليمها والحصول على أعلى مستوى من التعليم ليكون لها سلاحا بدلا من أن تعمل خادمة فى البيوت وإن وافق أهل البيت عليها، لأنهم عادة يتخوفون من الأشخاص مجهولى النسب، وطالما أن الفتاة مؤدبة وعلى خلق وتلتزم بمذاكرة دروسها فإنهن يكون صداقات عديدة فى المدرسة بل تأتيها إلى المؤسسة صديقتها لقضاء بعض أوقات الفراغ مع بعضهن البعض. ويشير عطية إلى أنه فى السابق كان يكتب فى شهادة ميلاد هؤلاء الأطفال لفظ "لقيط"، أما الآن فإنه لم يعد تسجل هذه الصفة ويتم كتابة اسم الحى والشارع الذى وجد فيه الطفل، ويتم اختيار اسما رباعيا له، وأيضا تدوين اسم رباعى للأم وهذا ما يحدث حتى مع الأطفال الذين تتسلمهم الدار فى سن كبيرة طالما أن ليس لديهم شهادات ميلاد، فيتم أخذ المحضر والذهاب به إلى السجل المدنى لاستصدار الشهادة وتتولى الدار رعاية من تتسلمهن من بنات ويظللن بها حتى يتزوجن، ويتم اختيار العريس بحيث يكون مناسبا للفتاة فى مؤهله الدراسى والسن ولا توجد فوارق اجتماعية يبدو معها أن الزواج سوف يفشل فى مستقبل الأيام، مع الاهتمام بالسؤال عن عائلة العريس التى يجب أن تتعرف جميعها على الفتاة وتوافق عليها حتى لا يحدث أى مشكلات فى المستقبل بسبب أنها "مجهولة النسب"، كما تحافظ الدار على حقوق فتياتها وتأتى لها بشقة تكتب باسمها بعدما تم توفير مبلغها فى دفتر التوفير طوال السنوات الماضية، وذلك من خلال التبرعات التى ترد إلى الدار.