في اليوم الثاني لفتح باب الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر: «لم يتقدم أحد»    تحذير مهم من «الأطباء» بشأن تصوير الأطقم الطبية في أماكن العمل    الأخضر يواصل ارتفاعه عالميًا.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الخميس 9-10-2025    موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر وإلغاء الصيفي 2025    يستحقها عن جدارة.. السيسي يدعم ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام    ترمب بعد اتفاق شرم الشيخ : أنهينا الحرب فى غزة ونتوقع سلامًا دائمًا فى الشرق الأوسط    إصابة 4 أطفال فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال في الخليل وجنين    بث مباشر مباراة منتخب مصر الثاني ضد المغرب الآن استعدادًا ل كأس العرب    أبوقير يفوز على القناة ويبتعد بصدارة دوري المحترفين.. والبلدية يتعادل مع السكة الحديد    ياسين محمد: فخور بذهبية بطولة العالم للسباحة بالزعانف للناشئين    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: من السابق لأوانه تحديد المرشحين لتدريب مصر للشباب    «الحديد كان بيولع زي الورق».. تفاصيل 16 ساعة في حريق مركز قطع غيار سيارات بالحرفيين (معايشة)    مى القاضي تدخل في صراعات مع أحمد فهمى في مسلسل 2 قهوة (تفاصيل)    على أنغام السمسمية.. مسرح المواجهة والتجوال يحتفل بانتصارات أكتوبر فى جنوب سيناء    «محدش فينا هيتردد».. كريم فهمي يكشف حقيقة اعتذاره عن المشاركة في «وننسى اللي كان» ب رمضان 2026    زيارة مفاجئة لوزير الصحة لمستشفى الخازندارة العام بشبرا (تفاصيل)    ساليبا: نريد الثأر في كأس العالم.. والإصابة مزعجة في ظل المنافسة الشرسة    خبيرة أمن: ترامب واضح في التزامه بجلب السلام للشرق الأوسط    بارليف.. نهاية وهم إسرائيل.. تدريبات الجيش المصري على نماذج مشابهة ببحيرة قارون    بيت الزكاة والصدقات يثمّن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة    هل يجوز للرجل الزواج بأخرى رغم حب زوجته الأولى؟.. أمين الفتوى يجيب    جهاز تنمية المشروعات ينظم معسكر للابتكار ضمن معرض «تراثنا 2025»    سمير عمر: الوفود الأمنية تواصل مناقشاتها لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق غزة    تأثير اللولب على العلاقة الزوجية وطرق التغلب على ذلك    جامعة قناة السويس ضمن تصنيف التايمز البريطاني لعام 2026    هدوء بلجان تلقي طلبات الترشح للنواب بالشرقية    محافظ كفر الشيخ: تجربة مصر في زراعة الأرز نموذج يُحتذى إفريقيا    إعلان عمان: ندين ما خلفه الاحتلال من أزمة صحية كارثية بقطاع غزة    سحب «المشروع x» ل كريم عبد العزيز من دور العرض.. تعرف على السبب    جلسة منتظرة بين مسؤولي الزمالك وفيريرا ..تعرف على الأسباب    الاحتلال الإسرائيلي يطلق قنابل غاز مسيل للدموع وسط الخليل بعد إجبار المحلات على الإغلاق    أوبو A6 Pro 5G.. أداء خارق وتقنيات متطورة بسعر يناسب الجميع!    وزير التنمية النرويجي يلاطف الأطفال الفلسطينيين خلال زيارته لمستشفى العريش العام    بتكليف من السيسي.. وزير الصحة يزور الكابتن حسن شحاتة للاطمئنان على حالته الصحية    أطعمة تضر أكثر مما تنفع.. احذر القهوة والحمضيات على معدة فارغة    «المصري اليوم» تُحلل خارطة المقبولين في كلية الشرطة خلال خمس سنوات    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 9 اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    بالأسماء تعرف علي أوائل الدورات التدريبية عن العام 2024 / 2025 بمحافظة الجيزة    استبعاد معلمة ومدير مدرسة بطوخ عقب تعديهما على تلميذ داخل الفصل    التضامن: مكافحة عمل الأطفال مسؤولية مجتمعية تتكامل فيها الجهود لحماية مستقبل الأجيال    نادي جامعة حلوان يهنئ منتخب مصر بالتأهل التاريخي لكأس العالم 2026    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 134 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    بعد 24 ساعة من حكم الإعدام.. "القودة" تنهي خصومة ثأرية في أبو حزام بقنا    حبس المتهمين بقتل بلوجر المطرية    قسطنطين كڤافيس وشقيقه كيف يُصنع الشاعر؟    إصابة 12 شخصا فى حادث انقلاب سيارة بطريق العلاقى بأسوان    انتخابات النواب: 73 مرشحًا في الجيزة بينهم 5 سيدات مستقلات حتى الآن    إطلاق قافلة زاد العزةال 47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    برشلونة يعلن رسميا إقامة مواجهة فياريال في أمريكا    محمود مسلم: السيسي يستحق التقدير والمفاوض المصري الأقدر على الحوار مع الفلسطينيين والإسرائيليين    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تستهل مشاركتها بالنسخة الثانية من منتدى «البوابة العالمية 2025» ببروكسل بلقاء مديرة الشئون المالية والاقتصادية بالمفوضية الأوروبية    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت يهدد سكان المنازل الآيلة للسقوط فى السيدة زينب وبولاق وشبرا... منازل تعلن عن سخطها.. واستجابة المسؤولين لشكاوى السكان تقتصر على إرسال اللجان دون تلبية مطالبهم بسكن بديل
نشر في اليوم السابع يوم 26 - 09 - 2012

"صباح" من حارة الشربتلى: ليس أمامنا بديل.. "سعاد" من مثلث ماسبيرو: لجان الحى أخبرتنا بأن المنزل غير صالح للترميم.."صلاح": أردد الشهادتين خوفا من الموت
"لو كان الفقر رجلا لقتلته" مقولة شهيرة نتداولها دون أن نستشعر معناها فما بالك لو كان الفقر حياة تحياها وعمرا تقضيه، هذا المعنى تفصيليا يحياه أهالى المساكن المتهالكة الذين وجدوا أنفسهم بفعل الفقر وتخلى الدولة عن مسؤوليتها يعيشون بين جدران مشققة حفر عليها الزمن معالمه، لتكون شاهدا على عمر قضته، وتحولت بفعله إلى أماكن غير صالحة للحياة، ومن وقت لآخر نسمع ونقرأ عن حادثة لعدد من الأفراد لقوا حتفهم تحت جدران منزل سقط على أصحابه دون سابق إنذار، وتتوقف مأساتهم عند تلك النقطة دون البحث عن عدد هذه المنازل أو خطورة سقوطها أو الأفراد المعرضين للخطر بسببها.
"اليوم السابع" تجولت فى عدد من المناطق بمحافظة القاهرة للتعرف على مأساة سكانها مع المنازل المهدمة، وتعد القاهرة مجرد نموذج لعدد من المحافظات التى يكثر بها هذا الخطر.
بدايتنا كانت مع منطقة السيدة زينب والتى يوجد بها عدد من المناطق العشوائية المعروفة مثل تل العقارب، وتنتشر بها المنازل المهدمة، باعتبارها عشوائية بالأساس، فيوجد بها عدد من المنازل المهدمة هناك والمعرضة للانهيار فى أى لحظة، ويكتفى السكان هناك برفع أيديهم بالدعاء لله وسؤاله لحل أزماتهم بعد أن يئسوا من التحدث مع مسؤولين نسوا أن أرواح البشر أهم بكثير من الخطب السياسية والادعاءات الانتخابية.
من داخل حارة الشربتلى ودرب الفضل، تظهر بداية المأساة، حيث منازل تعلن عن سخطها، وتظهر هذا فى شكل تشققات خارجية وعائلات تجلس بداخلها غير عابئة بما سيحدث.. المواطنة "صباح سعيد" التى فضلت الجلوس على باب المنزل هروبا من الضيق بداخله، هى واحدة من 6 أسر يسكنون المنزل المكون من ثلاثة طوابق، كل طابق به أسرتان، تحيا كل منهما فى شقة مكونة فقط من غرفة ودورة مياه، ويتراوح عدد الأفراد بالأسرة الواحدة بين 2 إلى 6 أفراد.
تقول صباح عن المنزل الذى يزيد عمره على 50 عاما: "نعلم جيدا أن المنزل آيل للسقوط وأنه معرض للانهيار فى أى لحظة، ولكن ليس لدينا بديل، كما أننا لا نستطيع تحمل نفقات ترميمه، فليس أمامنا سوى العيش به كما هو والتوكل على الله". الخوف من الموت لا يتوقف عند سقوط المنزل المشقق ولكن إمكانية تسببه فى سقوط المنازل المجاورة هو خطر آخر يفرض نفسه هنا، خاصة أن المنزل الملاصق لهم حالته أسوأ بكثير من حالة منزلهم، ومن الممكن أن يسقط فى أى وقت، صباح التى لديها من الأبناء 6 تحيا فى هذا المنزل منذ زواجها، وتؤكد أن إدارة الحى لم تكن لها دور فى ترميمه أو حتى البحث عن المشاكل به، رغم قيامهم بتقديم الشكاوى من فترة لأخرى لكنهم لم يتلقوا ردودا من المسؤولين سواء بترميمه أو الوعود بالحصول على منازل بديلة، وتؤكد أن حالة البيت بدأت تسوء منذ حوالى عام ونصف ومن وقتها وهم يتقدمون بشكاوى منتظمة للحى، ولم يتلقوا ردا، كما لم تحاول إدارة الحى إرسال لجان لمتابعة ما حدث للبيت.
الحال بدرب الفضل المجاور لحارة الشربتلى لم يختلف كثيرا بل هو أسوأ، تقول إحدى سكانه وتدعى سعاد محمد: "اعتدنا على إدارة الحياة فى هذه المنازل، فضيق ذات اليد وقلة الحيلة لم تمنعنا من البقاء، ولكن ماذا نفعل ونحن لا نمتلك أموالا للترميم أو للتنقل، فنحن ندفع هنا إيجار 150 جنيها، وهو مبلغ كبير جدا بالنسبة لدخلنا الصغير، وتشير سعاد إلى عدد من جيرانها الذين يدفعون إيجارا لا تزيد قيمته فى كثير من الأحيان على 12 جنيها، بل وبعضهم يدفع جنيها ونصف أوخمسة جنيهات، وكلها أموال قليلة تجعلهم يكتفون بإدارة الحياة هنا حتى إن كانوا يعيشون تحت سيف خطر انهيار المسكن على رؤوسهم.
وفى السياق نفسه فهناك أسرة أخرى ترى أن إرادة الحياة بين أربعة جدران قادرة على أن تجعلك تتمسك بهم حتى إن كنت تعلم أنهم سيسقطون على رأسك فى أى وقت، هذا هو المبدأ الذى اعتمدت عليه أسرة جمال محمود شحاتة، التى تسكن فى منزل متهالك، بدأت مأساته مع زلزال عام 92 ومن بعدها وهو يقاوم البقاء، لكن سكانه يقاومون رغبته فى السقوط أيضا من خلال ترميمه على قدر إمكانياتهم الضئيلة.. أسرة جمال تسكن فى الدور الأول وهى مكونة من أب وابنه وابنته وأبناء ابنه، ابنته التى وجدناها وحدها فى المنزل عمرها 15 عاما، لم تذهب للمدارس ولا تعرف أى شىء عن التعليم بسبب فقر والدها، ولم تفكر الأسرة فى تقديم شكاوى للمسؤولين انطلاقا من مبدأ الشكوى لغير الله مذلة، واكتفوا بالعيش بهذا المنزل المتهالك كما هو.
الحال لم يختلف كثيرا فى المنازل المجاورة لمستشفى 57357 وهى تتعرض لنفس الأزمة ومليئة بالشقوق، التى تهدد بسقوطها فى أى لحظة، ويؤكد السكان أن إدارة الحى ترسل من فترة لأخرى من يقوم بفحص المنازل، وكتابة تقارير تطالب بضرورة ترميمها، ولكن الأمر يتوقف عند تلك النقطة ولا يتبعه قرارات بالترميم أو الإزالة، وتؤكد أننا بأى حال من الأحوال سنترك المنازل مع بدء أعمال التوسيع التى ينشئها المسؤولون فى المستشفى وستؤدى إلى إزالة المنازل بالأساس.
ومن السيدة زينب انتقلت "اليوم السابع" إلى مثلث ماسبيرو المكان الأشهر فى حوادث سقوط المنازل والتهجير، ولا تتوقف الأزمة هناك عند حد المنازل المهدمة ولكنها تمتد إلى صراعات بين رجال الأعمال والسكان حول ملكية كل منهما للأرض والرغبة فى البقاء بها، خاصة أن السكان على يقين بأن رجال الأعمال لديهم رغبة فى الحصول على الأراضى بأسعار أقل من أسعارها وبناء أبراج بدلا من المنازل المهدمة. السير داخل مثلت ماسبيرو مصحوب بخوف من سقوط الجدران المتشققة والمنازل المهدمة والتى هجرها أغلب سكانها، وبقى آخرون لا تساعدهم إمكاناتهم المادية على الخروج منها إلى أماكن أخرى، كما أنهم لا يملكون أى إمكانات مادية لترميمها. سعاد صديق سيدة سبعينية تعيش فى مثلث ماسبيرو منذ أن أتت من صعيد مصر هى وزوجها منذ 30 عاما، ليسكنوا فى هذا البيت المكون من طابقين، وكان إيجاره وقتها 6 جنيهات وهو نفس المبلغ الذى يدفعونه حتى الآن، ولم يتبق منه بفعل الزمن سوى دور واحد تسكن به هى وأبناؤها بعد وفاة زوجها، حالة البيت المهدمة التى تظهر جلية أجبرتها على ترميم المنزل أكثر من مرة وتركيب عروق خشبية فى السقف الذى تآكل تماما مع الوقت، كما أن الدور الثانى مهدم تماما وتغزوه حشرات وحيوانات من خلاله، وعن مسؤولية إدارة الحى أكدت أنها حاولت أكثر من مرة الاتصال بهم وأتت لجان لفحص المنزل، ولكنهم يؤكدون أن المنزل غير صالح للتعديل أو الترميم. ونفس الحال هو حال فتحية محمد وتسكن فى بيتها.
وانتقلت "اليوم السابع" من مثلث ماسبيرو فى بولاق أبوالعلا إلى شبرا وتحديدا إلى شارع الجسر بالساحل الذى سقط به منزل ولقى 8 أفراد به حتفهم، فإذا حاولت الذهاب إلى هناك فستجد حطام المنزل الذى سقط كما هو يعيق بقية السكان عن العيش والتحرك بسهولة، ودفع هذا عددا من السكان إلى المبيت بالشارع خوفا من أن تسقط عليهم المنازل المجاورة المعرضة للسقوط بالأساس.
الوضع نفسه يتكرر فى منزل صلاح محروس الذى يسكن فى شارع محمد عبد الكريم، الملاصق تماما للمنزل الذى سقط، يمتلك صلاح شقة بالإيجار ويرغب فى تركها لأنها مهدمة تماما، ولكن صاحب البيت يرفض أن يعطيه مقابلا ماديا ملائما، مما دفعه لتحرير عدد من المحاضر ضده حتى يقوم بترميم البيت أو إعطائهم بديلا ماديا مناسبا، يقول صلاح: "أنام كل يوم وأردد الشهادتين خوفا من الموت فى أى لحظة، وقد أرسلت أبنائى للعيش مع أختهم المتزوجة منذ أن سقط المنزل المجاور لنا خوفا من أن يسقط علينا المنزل فى أى وقت"، وتتدخل هنا زوجته باكية: وتتذكر ما حدث أثناء سقوط المنزل المجاور قائلة: "سقط المنزل فجأة وأصابنا برعب شديد فشعرت أن بيتى سيسقط معه، ومن وقتها ونحن نحيا فى رعب، خاصة أن المنزل الذى سقط حاله كان أفضل بكثير من منزلنا". كلمات صلاح وزوجته تعبر عن مأساة يحياها أهالى المساكن المتهالكة ولا يشعر بهم أحد، فهل المسؤولون سيتحركون انطلاقا من مبدأ أن حياة الأفراد أهم من أى شىء، أم سيظلون فى ثبات عميق وسيظل الدم المصرى كما يطلق عليه غالبية المواطنين "رخيصا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.