الحياة الحزبية فى العصر الحديث ثرية فى بدايتها فى أوائل القرن العشرين، ومع بدايات أحزاب كالوفد ومصر الفتية "الفتاة" والسعديين والوطنى وغيرهم الكثير الذين عبروا عن مرحل تاريخية لها سمات خاصة من ملكية واحتلال ووحدة مع السودان وقيام دولة إسرائيل ثم حرب 48، عانت هذه الأحزاب من عالم يتشكل خرائط ترسم للمنطقة وجيوش تبنى بشكل حديث إلى أن أتى انقلاب يوليو والذى يعتبره البعض ثورة وأرى أنه انقلاب على حياة دستورية وحزبية لها من الزخم ما إن استمر دون توقف لتغير شكل مصر ولكن كان لحكام هذه المرحلة رأى آخر وهو حل كافة الأحزاب وتشكيل كيان وحيد هو الاتحاد الاشتراكى وهنا كانت الانتكاسة الكبرى وإجهاض لمكتسبات دامت عقودا وتراكمت فيها خبرات لنعود من نقطة الصفر فى منتصف السبعينيات إلى تكوين منابر تلاها إنشاء أحزاب بقانون ورثت فيه 3 أحزاب كل ممتلكات الاتحاد الاشتراكى من مقار وأيضا من عقول وجاء مبارك وهو الذى أفقر الحياة الحزبية وحولها لأحزاب كرتونية تعمل بالكاد داخل مقراتها وفى الأغلب لحساب أمن الدولة وتتصارع على رئاستها وتتفجر من الداخل بسبب تحكم لجنة شئون الأحزاب فى ترخيص الأحزاب فتكون 24 حزبا لا نستطيع تذكر اسم 10 منها ولم يكن لهم التأثير الكافى ليشعر بهم المواطن وباستثناء ظهور حزب الغد وتلاه حزب الجبهة الديمقراطية قد لا نجد ما نذكره مميزا لطول فترة حكم مبارك غير تصاعد فكرة التوريث لتدخل أيضا داخل أروقه الحزب الوطنى الديمقراطى وهو التطور الأهم فى الحياة الحزبية المصرية إلى أن قامت الثورة وبعد طول حرمان حزبى أنشئ 66 حزبا حتى الآن بين دينى وليبرالى ويسارى اشتراكى وقومى ناصرى خاضوا عدة معارك بدءا من استفتاء الدستور فالانتخابات البرلمانية بمراحلها الثلاث وبقسميها الشعب والشورى ثم جولتين رئاسيتين حاميتين وفى كل هذه المعارك بدا التقدم واضحا للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية والتى لها قدرات تنظيمية استمرت خلال فترات التوقف طيلة ال60 عاما السابقة. ما سبق هو تطور الحياة الحزبية المصرية طيلة 90 عاما ومازال التطور وتغيير الصورة مستمرا فلا يصح أن يظل الناخب حائرا بين 66 حزبا لا توجد فروق جوهريهة بين أفكارهم وبرامجهم. ولما كان نتيجة الفوران الحزبى هو الاستقرار فنتوقع أن يتم التعبير عن الأيدلوجيات الأربعة الرئيسية فى مصر "الدينية والليبرالية والاشتراكية إلى عدد أقل من الأحزاب من خلال التحالفات التى تحدث بين حين وآخر والتى قد تصل فى بعض الأحيان إلى اندماجات تقلل عدد القوائم التى تزيد حيرة الناخب وتفتت الأصوات ولا مانع أن يحتوى كل حزب كبير على تيارات داخلية بين أطراف أيدلوجية ولكنها فى النهاية تحت نفس اللافتة. إن ما يحدث هو تجميع لأرقام كبيرة وجبر لبعض الكسور كى نحصل على أفضل تمثيل للشعب داخل مؤسساته التشريعية ما يحدث هو حالة من النضج السياسى نحاول فرضه حتى لو كانت البيئة السياسية مازالت مليئة بالمعوقات. لذا نرى فى اندماج بعض الأحزاب الليبرالية فى حزب المؤتمر وفى التحالف الشعبى وفى تحالف الأمة المصرية أذان قد حان للبدء فى شق طريق دولة أكثر استقرارا حزبيا.