وزير الشؤون النيابية: الهدف من تعديل قانون الكهرباء التصالح وليس تغليظ العقوبة    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يلتقي ممثلي "الأمم المتحدة" لدعم وتمكين المرأة ذات الإعاقة    أبرزها زيادة النقد الأجنبي.. تكليفات رئاسة جديدة للحكومة اليوم الأحد    22 مليار جنيه قيمة السرقات، نائب وزير الكهرباء تكشف حجم الفاقد من التيار    «التخطيط» تترأس اجتماعًا تحضيريًا للجنة المصرية – الأرمينية المشتركة للتعاون الاقتصادي    تفاصيل لقاء السيسي ورئيس حكومة كردستان – العراق (صور)    جهاز منتخب مصر يتفقد ملعب مباراة زيمبابوي بكأس الأمم الأفريقية (صور)    وصول سارة خليفة والمتهمين في قضية المخدرات الكبرى إلى جنايات القاهرة    وزير الثقافة ومحافظ القاهرة يتفقدان متحف الشمع لوضع خطة عاجلة لتطويره    مدير فرع الرعاية الصحية بالإسماعيلية يفاجئ مستشفى فايد (صور)    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    تاريخ من الذهب.. كاف يستعرض إنجازات منتخب مصر فى أمم أفريقيا    وزير خارجية زيمبابوى: مصر وروسيا من أبرز الداعمين لمبدأ الوحدة الأفريقية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مدينة قلقيلية ‫ويداهم بناية    الجيزة: لا نزع ملكية أو إزالات بطريق الإخلاص.. ونناشد المواطنين عدم الانسياق وراء الشائعات    حيماد عبدلي: منتخب الجزائر يسعى للذهاب بعيدًا ببطولة أمم أفريقيا    سلامة الغذاء: تصدير 192 ألف طن مواد غذائية.. والسعودية واليمن وإسبانيا وروسيا أبرز المستوردين    محافظة أسوان تعلن إصدار تصاريح الحفر لتوصيل الغاز الطبيعى بقرى حياة كريمة    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    الصحة: إغلاق 11 مركزًا خاصًا للنساء والتوليد ب5 محافظات لمخالفتها شروط الترخيص    مسرح "ليالى الفن" يستعد لإحياء احتفالات أسوان برأس السنة    أبرز المسلسلات المؤجلة بعد رمضان 2026.. غادة عبد الرازق ونور النبوي في الصدارة    ليلة استثنائية في مهرجان القاهرة للفيلم القصير: تكريم عبير عواد واحتفاء بمسيرة عباس صابر    حملة تموينية مكبرة بالقاهرة تضبط مخالفات في تعبئة السكر وتجميع دقيق مدعم    "معلومات الوزراء" يستعرض أبرز المؤشرات الاقتصادية العالمية للعامين 2025 و2026    «الرعاية الصحية» تطلق حملة للمتابعة المنزلية مجانا لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن    رئيس جامعة الازهر يوضح بلاغة التعريف والتنكير في الدعاء القرآني والنبوي    من مصر منارةً للقرآن إلى العالم... «دولة التلاوة» مشروع وعي يحيي الهوية ويواجه التطرف    د.حماد عبدالله يكتب: "اَلَسَلاَم عَلَي سَيِدِ اَلَخْلقُ "!!    تكريم لمسيرة نضالية ملهمة.. دورة عربية لتأهيل الشباب في حقوق الإنسان تحمل اسم محمد فايق    "إلقاء فئران محنطة على جارسيا".. تقرير: حالة تأهب أمنية قبل دربي كتالونيا    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    السيسي: مصر لم تهدد إثيوبيا في أي وقت ومطلبنا عدم المساس بحقوقنا في نهر النيل    انطلاق الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تعديلات قانون الكهرباء    مصر تتقدم 47 مركزا فى تصنيف مؤشر نضج الحكومة الرقمية للبنك الدولى    على أنغام الربابة والمزمار… نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك والإعلان عن بدء فصل الشتاء    فريدة سيف النصر تنعي سمية الألفي بكلمات مؤثرة وتسرد ذكرياتهما معاً    محافظ أسيوط يعلن عن استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف ورعاية الموهوبين رياضيًا    المقاولون العرب يعلن تعيين علي خليل مستشارًا فنيًا لقطاع الناشئين    الري تتابع إيراد النيل.. تشغيل السد العالي وإدارة مرنة للمياه استعدادًا للسيول    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    إصابة 14 عاملا فى حادث انقلاب أتوبيس بالشرقية    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    استئناف إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية من معبر رفح البري لتسليمها إلى الجهات الفلسطينية    نقابة صيادلة القاهرة تكشف حقيقة عدم توافر أدوية البرد والأمراض المزمنة    النادى الذى فقد نجمه!!    مواعيد مباريات اليوم الأحد 21-12- 2025 والقنوات الناقلة لها | افتتاح أمم إفريقيا    شهر رجب.. مركز الأزهر العالمي للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    مصرع شاب وإصابة آخر صدمتهما سيارة فى كرداسة    توجيهات من التعليم للمديريات بسبب قلة عدد المسجلين للعمل كرؤساء لجان ومراقبين أوائل بامتحانات الثانوية العامة    خطة أمريكية بقيمة 112 مليار دولار لتحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام 2025    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    الإسكان الاجتماعي لصاحبة فيديو عرض أولادها للبيع: سنوفر الحلول الملائمة.. والحاضنة لها حق التمكين من شقة الإيجار القديم    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    علاء نبيل: حذرت أبو ريدة من الصدام بين طولان وحسام حسن قبل كأس العرب    ندوة بمعرض جدة للكتاب تكشف «أسرار السرد»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من لم يمت بالسيف.. قتله الميكروباص!
نشر في اليوم السابع يوم 15 - 09 - 2012

ما أروع هذا الكائن العجيب الذى هبط على شوارع مصر منذ عدة سنوات كى يحتل كل مساحات الأسفلت المتاحة وغير المتاحة، هو ليس مركبة فضائية بالضبط، كما أنه ليس وسيلة انتقال بالضبط، وإنما يحمل بعض خصائص الاثنتين، فضلا عن خصائص أخرى يحار فيها العقل والوجدان. وبداية من الصراع على الركاب فى كل بقعة من بقاع مصر، وانتهاء باغتصاب بعض هؤلاء الركاب يمارس رواد الفضاء الذين يقودون هذه المركبة العجيبة كل أنواع القيادة التى تختلف تماما عما درج عليه البشر العاديون فى قيادة مركباتهم، فالإشارة يمين لا تعنى هذا الاتجاه تحديدا، وليس هناك ما يمنع هؤلاء الرواد من فهم الاتجاهات طبقا للرياضة الحديثة التى توصلوا إليها، وقواعد الوقوف لديهم خاصة جدا، فلا جدال أن الفرملة والتوقف فى نهر الطريق لها حكمة لا يدركها أهل هذا الزمان، ولا بأس من الميل يمينا ثم يسارا والرجوع للخلف قليلا دون حاجة للنظر فى المرايا العاكسة، فتكفى الحاسة السادسة وقرون الاستشعار التى تظهر ماشية فى رؤوس رواد الفضاء الجدد، ولو أن ذلك ليس جديدا، فقد سبق للدكتور اللواء محمد عبدالوهاب أن سأل القطار «يا وابور قوللى رايح على فين؟»، ثم إنه أمره أن «حود مرة وبعدين دوغرى»، فإذا كان القطار بجلالة قدره، ورغم قضبانه يمشى على كيفه، فكيف يحتج أحد على تلك المركبة اللذيذة المسمسمة التى تتنطط بدلال على غيرها من المركبات وبعض خلق الله من المشاه؟!
لا بد أن حاقدا موتورا هو الذى ينتقد ذلك التقدم التكنولوجى غير المسبوق، والذى تحققت به لمصر «السيادة على الأسفلت»، لأن تلك المركبات تساهم بفاعلية فى حل أهم أزمتين تواجهان المجتمعات المعاصرة، فهى تحل أزمة نقل الركاب المساكين الذين لا يملكون سيارات خاصة. أما الأزمة الثانية التى تساعد هذه المركبات فى حلها، فهى تلك الأزمة التى شرحها مالتيز فى دراسته القيمة عن السكان، والتى حذر فيها من التزايد المرعب لسكان الكرة الأرضية مع التناقص المستمر فى الموارد، وبناء على ذلك تقدم تلك المركبات حلا عبقريا بتخفيض عدد سكان مصر عن طريق قتل من أفلت من برامج تنظيم الأسرة، ويبدو أن البرنامجين يكملان بعضهما البعض، فبرنامج تنظيم الأسرة هو إجراء وقائى لمنع ميلاد الإنسان، أما برنامج الميكروباص فهو إجراء علاجى لمنع استمرار الحياة أو على الأقل عكننتها وتوتيرها حتى تدفع البعض للموت بأمراض القلب وضغط الدم والسكر أو الانتحار.
إن الصراع بين العربة الكارو التى يجرها الحمار وبين «الميكروباص» يلخص باختصار رائع معنى نظرية صراع الحضارات فى صياغتها المصرية، ولابد من إعداد دراسات وعقد ندوات للمقارنة بين أثر العقلية المسترخية للعربجى الذى يقود مركبته على مهل، بل قد ينام ويترك للحمار الأمر كله، مقارنة بالعقلية المستفزة لرواد الفضاء المصريين، الذين تراهم وكأنهم ملدوغون لتوهم من عشرين حنشا، وقد انحنوا على عجلة القيادة بشكل فريد، حيث إنهم لا يمسكون هذه العجلة إلا لماما، فالذراع اليمنى متجهة إلى الخلف لجمع الرسوم من الركاب، أما الذراع اليسرى فهى إما ممتدة من النافذة أو ممسكة بكوب دافئ من الشاى.
ورواد الفضاء المصريين بدورهم يتطلبون أكثر من دراسة وندوة، بل يمكن تخصيص مركز دراسات إستراتيجى أو جمعية أهلية لهم، فتحت عنوان «إعطاء الفرصة للقيادات الشابة» يمكن دراسة الإنجاز الذى يتحقق أمام أعيننا فى قيادة «الميكروباص» حيث يتولى القيادة بالفعل أطفال هم براعم المستقبل الواعد الذين يكذبون ادعاءات المغرضين بأن الأجيال الشابة لا تأخذ دورها فى القيادة، كذلك يمكن وتحت عنوان «عفا الله عما سلف» أن يتم تناول ظاهرة رواد الفضاء ذوى السوابق أو المشهود لهم بالبلطجة والإجرام، لأن ما تحقق فى ظاهرة «الميكروباص» هو ثورة اجتماعية هائلة تضاف إلى سجل الثورات التى غيرت مجرى التاريخ وربما الجغرافيا، وتحت عنوان «تطبيقات فرويد على الميكروباص» يمكن بحث العلاقة بين الميكروباص والجنس، وآثار هزهزة المركبة فى إثارة الرغبة وتقوية الأداء، وربما أدى ذلك إلى اكتشاف علمى يعالج حالات العقم لدى الرجال. إن رواد الفضاء المصريين وعساكر المرور يشكلون طرفى المعادلة العبقرية التى يستمتع بها الشعب المصرى دون باقى شعوب الأرض قاطبة، فهناك تعاون مثمر بين الطرفين يؤدى فى النهاية إلى تحقيق المصالح العليا للوطن، فأغلب عساكر المرور مثلا يكتبون مخالفات لتلك الميكروباصات دون أن يؤثروا على أعصاب السائقين، لأنه سيان قرأوا أرقام السيارات المخالفة أو كتبوها، فهم أولا وأخيرا لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، والأعمال بلا شك بالنيات، وحتى إذا قرأوها أو كتبوها فهناك قاعدة مريحة للتعامل: «إذا أردت أن تنجز، فأبرز الوينجز»، والوينجز هى ماركة سيجارة منقرضة، وإن لم ينقرض أثرها إلى هذه الأيام.
وللرد على الحاقدين، نود أن نقول بكل وضوح إن ظاهرة الميكروباص هى اختراع مصرى مائة بالمائة، وإننا سندافع عن حقنا فى الملكية الفكرية من خلال منظمة التجارة العالمية، سقى الله أيام بناة الأهرام والسد العالى، ولعلهم يفخرون بما يحققه أحفادهم من إنجازات فى مجال السيادة على الأسفلت، وبورك رجال الفضاء المصريين مع دعاء من الأعماق أن يزيد الله من أمثالهم بما يحقق للوطن الحد الأمثل من السكان، ذلك الحد الذى قد يقتصر على رواد الفضاء وحدهم، أى يصبح كل سكان مصر هم سائقى الميكروباص والبقية الباقية من الركاب، وبعض الحمير والكلاب التى هربت من الطرق وتوارت فى قمم الجبال. أما «التوك توك» فهو إنجاز آخر، يحتاج إلى مساحة أكبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.