لو أنت جالس فى قهوة فى ميدان التحرير سترى الاشتباكات على يسارك بين قوات الأمن والشباب، والمتحف المصرى على يمينك، حيث مازال الباعة متفوقون على الأمن بنتيجة عشرة - صفر. هذا كان حال ميدان التحرير أثناء الاشتباكات بين المتظاهرين الذين يحاولون اقتحام السفارة الأمريكية وبين قوات الأمن، وعلى الرغم من الاشتباكات والحالة الثورية بغض النظر عن رفضها أم لا فهى لم تستطع إعادة ميدان التحرير إلى شكله الثورى مرة أخرى، حيث استمر عمله كقهوة كبيرة مليئة بالشباب بين الغازات المسيلة للدموع من جانب الأمن وقنابل المولوتوف من جانب الثوار. أيوه شاى.. ينطلق صوت الباعة مخترقا صوت القنابل فى مشهد لا يمكن أن نراه سوى فى قلب ميدان التحرير، حيث أصبحت الاشتباكات هى الوضع الطبيعى للمكان وللبائعين بالتبعية فلا يحركهم ساكنا إلا وقوع قنبلة فى قلب الميدان ليقوموا برفع كراسيهم وأدوات الشاى سريعا استعدادا لاقتحام قوات الأمن ثم يعودوا لنصبها مرة عقب تراجع القوات. "إحنا واخذين على كده والقعدة هنا ليها طعم ثانى" يقول محمد فاروق الذى جلس بين أصوات المولوتوف والقنابل ممسكا بكوب الشاى وكأن شيئا لا يحدث فى مشهد بدا هو الأغرب من مشهد البائعين. "يعنى عمرك سألت نفسك الناس اللى بيطلعوا هجرة غير شرعية عشان يغرقوا بيعملوا كده ليه وهما عارفين أنهم هيغرقوا" يقول محمود عادل أحد الباعة الذين نصبوا منتجاتهم بجانب مقاهى التحرير وفى قلب المظاهرات وأضاف "إحنا خلاص وصلت بينا أننا ما بقتش فارقة معانا لما يبقى شاب زيى عايش بقاله 6 سنين فى الشارع بيحلم بكشك أكيد مش هتفرق معاه قنبلة غاز أو حتى رصاصة حية". 6 سنوات هى ما قضاه محمود فى ميدان التحرير كبائع جائل ويقول "زمان كانت الفلوس أقل بس كان الميدان أجمل على الأقل ما كنش فيه بلطجة وكنا بنتعامل مع ناس نضيفة" وتابع الشاب الذى لم تمر دقائق على سقوط قنبلة غاز فى قلب فرشته الصغيرة "ممكن فى دقائق تهد الفرشة ويضيع كل ما فيها وإحنا هنا ما قدمناش غير الاعتماد على ربنا".