تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوطن» ترصد اقتحام السفارة الأمريكية لحظة بلحظة
المتظاهرون اقتلعوا بلاط الأرصفة للرد على قنابل الغاز.. وسحبوا البنزين من تنكات السيارات وصنعوا منه «مولوتوف»

لم تكن الليالى الثلاث الماضية وصبيحة يوم أمس، مجرد فعاليات للتظاهر أمام السفارة الأمريكية، تنديداً بالفيلم المسىء للرسول صلى الله عليه وسلم، بل كانت كحرب الشوارع التى اعتاد على خوضها المتظاهرون ضد قوات الأمن المركزى، منذ جمعة الغضب والأحداث التى تلتها من اقتحام السفارة الإسرائيلية، واشتباكات محمد محمود وغيرهما، بكل ما شهدته تلك الأحداث من مشاهد الكر والفر وصافرات إنذار المصفحات، وصيحات جنود الأمن المركزى وهجومهم على المتظاهرين، ودخان القنابل المسيلة للدموع والمستشفى الميدانى.
الحادية عشرة - مساء الأربعاء
اندلعت الاشتباكات بين عدد من المتظاهرين وقوات الأمن المركزى، القائمة على تأمين مقر السفارة الأمريكية بالقاهرة، إثر محاولة بعض المتظاهرين اقتحام السفارة، مما أدى إلى استخدام الأمن المركزى العصى للتصدى لمحاولات الاقتحام، فاندفع بعض المتظاهرون وألقوا الحجارة والزجاجات على قوات الأمن التى بادلتهم الرشق بالحجارة لإبعادهم عن محيط السفارة، باتجاه ميدان سيمون بوليفار، خلف فندق شيراتون القاهرة، لتصبح هى ساحة المعركة بين الأمن والمتظاهرين، مما اضطر الأمن المركزى إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين.
الثانية عشرة مساءً
التف عدد من المتظاهرين خلف مسجد عمر مكرم، لتحضير كميات كبيرة من الحجارة لمواجهة اعتداءات الأمن، وكسروا أرضية الأرصفة، واقتلعوا «البلاط» منه وحطموه إلى قطع صغيرة يمكن رشق الأمن بها، فيما جلب آخرون مزيداً من زجاجات المياه الفارغة وملأوها بالبنزين، لعمل «مولوتوف»، لمواجهة مصفحات الأمن المركزى التى تداهم المتظاهرين بحركات دائرية، كمناورة لتفريقهم وإلقاء القبض على بعضهم، فيما تقدم المتظاهرون مرددين هتافاتهم «الله أكبر.. الله أكبر»، فى هجمة جماعية منظمة تعد الأولى فى الأحداث، ورشقوا قوات الأمن المركزى الموجودة بميدان سيمون بوليفار بشكل مفاجئ أفقد الأمن توازنه، مما اضطره للتراجع، لإعادة تنظيم صفوفه ثم إطلاق وابل من القنابل المسيلة للدموع، والتقدم نحو المتظاهرين لكسب مساحة ونقل الاشتباكات، بجوار مسجد عمر مكرم.
ورغم نفاد الحجارة من أيدى المتظاهرين، إلا أنهم لم يهدأوا فكسروا مزيداً من الأرصفة وبلاط الأرضيات، وتقدم حاملو الحجارة إلى الصفوف الأمامية للمتظاهرين لمواصلة الاشتباكات، واستعد آخرون لنقل المصابين خارج محيط الاشتباكات لإسعافهم.
تراجعت مصفحات الأمن المركزى إلى أمام مقر السفارة الأمريكية، بعد أن أغلقت خلفها شارع السفارة بحواجز حديدية، وترك موقع الاشتباكات خلف مسجد عمر مكرم وميدان سيمون بوليفار، مما دفع المتظاهرين إلى التقدم ومواصلة الاشتباكات وإحراق سيارتين كانتا تقفان خلف الحواجز، وعلى الفور أسرعت قوات الأمن بالتقدم وإطلاق القنابل لتفريق المتظاهرين وإبعادهم عن موقع الحريق والسماح لسيارة الإطفاء بإطفاء الحريق الذى شب بالسيارتين.
الواحدة صباح الخميس
دخلت مجموعات «الألتراس» إلى محيط السفارة، وبدخول الألتراس بدأت المناوشات تشتد، حيث دارت اشتباكات طاحنة طوال الليل، وفى دقائق معدودة يتراجع الجميع إلى مسافة أبعد عن السفارة الأمريكية، وتنصب قوات الأمن أسلاكها الشائكة على أطراف الشوارع المؤدية إلى السفارة، وبعد دقائق أخرى يتشبع خلالها الجو بالغاز المسيل للدموع الذى تنتجه قنابل الأمن محدثة أزيزاً تضطرب له الآذان.
وذكر أحد جنود الأمن المركزى، رفض ذكر اسمه، «السلفيين كانوا أكثر هدوءاً من الألتراس، لم يتخطوا حدود المسموح إلا عندما قاموا باقتحام السفارة أمس، واخترقوا سورها العالى، غير أن اليوم الثانى للاعتصام لم يشهد فعلاً مشابهاً»، ويؤكد الجندى أن عشر حالات بين جنود الأمن المركزى تلقوا أحجاراً تسببت فى جروح فى أماكن متفرقة من أجسادهم، فضلاً عن العشرات ممن أُصيبوا باختناق بفعل الغاز.
وصل عدد من المتظاهرين يستقلون دراجات بخارية إلى موقع الاشتباكات، بجوار وخلف مسجد عمر مكرم، بعد أن ازدادت حدة الاشتباكات بين الأمن والمتظاهرين، بإلقاء زجاجات مولوتوف تجاه الأمن وإحراق الأخشاب لتتصاعد من النيران ألسنة دخان للتخفيف من تأثير غازات القنابل المسيلة للدموع، فيما راح الأمن يمطر الجو بمزيد من القنابل، فى وقت تزايدت فيه الاشتباكات والهتافات «بالروح والدم نفديك يا سول».
وفى الميدان نُصب مستشفى ميدانى داخل خيمة تضم عدداً من الأطباء، الذين نفوا انتماءهم لأى تيار أو حزب، مؤكدين على أنهم أتوا لعلاج المصابين بين صفوف المتظاهرين، بسبب اختفاء سيارات الإسعاف من محيط الاشتباكات، فيما أشار أحمد، أحد أطباء المستشفى الميدانى، إلى أن أغلب الإصابات التى تصله عبارة عن حالات اختناق نتيجة الغازات المسيلة للدموع، وكدمات وجروح سطحية نتيجة الرشق بالحجارة والتكدسات.
الواحدة والنصف صباحاً
أحمد السيد، الشاب العشرينى الذى جاء من طنطا لنصرة رسول الله -كما يقول- وللمطالبة بطرد السفير الأمريكى، أحاطته رحمة القدر عندما أصيب بطلقة خرطوش جاورت عينه من أعلى ومن أسفل، وكاد يفقد إحدى عينيه، ويقول: «عندما أصبت بالطلقة فى وجهى اعتقدت أنها قطع أحجار متناثرة لكن عندما ذهبت إلى المستشفى الميدانى أكدوا لى أنها طلقة خرطوش».
«ضربة واحدة بالعصا من أحد جنود الأمن المركزى أشعلت الأحداث»، هذه كلمات «السيد» الذى شارك فى الوقفة منذ عصر أمس، محاولاً توضيح أسباب الاشتباكات التى بدأت بضربه عصا واحدة وتحولت إلى طلقات وقنابل وإحراق سيارات وعشرات المصابين، فى ظل مشاعر جياشة لدى مئات المتظاهرين، المنددين بالإساءة للرسول، ويؤكد السيد أن الوقفة سادها الهدوء والسلمية ولكن بعد ضرب جندى أمن مركزى متظاهراً بالعصا على رأسه، اشتعلت الاشتباكات، ويضيف «تلقيت طلقة فى وجهى بجوار مسجد عمر مكرم بعد أن خرج الأمن إلينا وترك موقعه أمام السفارة، وتعدى علينا بالقنابل وطلقات الخرطوش».
الثانية فجراً
وسط الكر والفر والقنابل المسيلة التى تحلق فوق الرؤوس بصوتها المزعج، وسماع دوى الطلقات التى يختلف على تحديدها المتظاهرون ما بين طلق مطاطى وخرطوش وصوت القنابل، يقف بدراجته النارية وسماعته المعلقة على رقبته ليتحدث إلى «الوطن» عن سبب مجيئه إلى موقع الاشتبكات، مستهلاً كلامه ب« إلا رسول الله، هما المسلمين قليلين علشان يسكتوا على إساءة الرسول؟ إحنا نقدر نحرق السفارة باللى فيها».
هانى بغدادى، موظف بمجلس الشعب، حضر إلى موقع الاشتباكات بجوار مسجد عمر مكرم بدراجته البخارية لينقل المصابين إلى ميدان لتحرير حيث المستشفى الميدانى. «بغدادى» أصيب فى أحداث محمود محمود بطلقات خرطوش أسفل الوجه وفى القدم، وحُمل على دراجة بخارية لإسعافه خارج موقع الحدث، والآن دوره لا يقل أهمية عن دوره فى الأحداث التى شاركها منذ اندلاع الثورة وحتى هذه الاشتباكات»، بصوت عالٍ يقول «أنا جىّ هنا أنقذ أى حد وقع ولّا اتصاب، إحنا عايزين حقنا هو لما نعلى صوتنا ننضرب بالخرطوش والقنابل والمطاطى، هنفضل كده لحد إمتى؟ هى دى مصر؟»
ويؤكد «بغدادى» أن ازدراء الأديان وإساءة الرسول جريمة لا بد أن يعاقب عليها، مطالباً بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومندداً بالفيلم المسىء لرسول الله بأمريكا، واستنكر صاحب الدراجة النارية، ما يفعله الأمن من إطلاق القنابل والخرطوش، قائلاً «بيضرب علينا قنابل ليه.. علشان رفضنا إساءة الرسول، ده الأقباط شجبوها، تظاهروا قُدام السفارة وشجبوها».
ووسط الهتافات التى تتردد بلا انقطاع والاشتباكات التى لا تتوقف، ووسط مئات المشاركين فى أحداث السفارة، رقد «وائل حافظ» الذى جاء من الإسكندرية على الأرض، بينما تدمع عيناه ويزداد وجهه احمراراً من أثر غازات القنابل. «وائل» يعمل فى شركلة «بيرللى للإطارات» كان يتصور أن التظاهرة ستكون سلمية، ولن تندلع اشتباكات، لكنه، حسب قوله، ، فوجئ بمناوشات بين الأمن والمتظاهرين وحرب عصابات، بعد أن استخدم الطرفان مسجد عمر مكرم، حلقة خداع يلتف من حولها كل طرف ليداهم الآخر ويفاجئه بمهاجمته.
ويطالب «وائل» بوقف مرور السفن الأمريكية من عبور البحر الأحمر، ويقول: «مش عايزين اقتصاد أمريكى، ولا عايزين معونة، الشعب يجوع ويصوم بس مش عايزين حاجة من أمريكا»، مضيفاً أن الرئيس أوباما طلب من الحكومة المصرية حماية الممتلكات الأمريكية، وهى ما تفعله قوات الأمن عندما تدافع عن السفارة، وتقذف الشباب المصرى بالقنابل حفاظاً على الأوامر الأمريكية، واضح إن الأمن خايف على السفارة، ما يسيبونا نحرقها ونقول إن الفلول اللى عملوها، زى ما حصل فى ليبيا قالوا أنصار القذافى اللى قتلوا السفير وخلصنا».
ويطالب الشاب القادم من الإسكندرية الرئيس مرسى بطرد كل الرعايا الأمريكيين من مصر، والوقوف مع مطالب الشعب وأن يعيد للمصريين والمسلمين كرامتهم، بعد أن اختاروه فى الانتخابات، ويضيف «لازم نحاكم المسؤلين عن الفيلم ونعدمهم فى ميدان عام».
الثانية والنصف فجراً
عقب انشغال المتظاهرين بجمع الأحجار، وجلب الزجاجات الفارغة، تداهم قوات الأمن المتظاهرين، وتجبرهم على الانتقال إلى ميدان التحرير، بعد أن هاجموا مصفحات الأمن المركزى، فما كان منهم إلا سحب كميات من وقود السيارات المتوقفة بميدان التحرير، وعمل زجاجات حارقة «مولوتوف»، مواجهين بها مصفحات الأمن المركزى التى امتد مجال حركتها إلى ميدان التحرير بعد أن كانت تقتصر على محيط السفارة الأمريكية وخلف مسجد عمر مكرم.
وعلى جانب الطريق وخلف إحدى الأشجار التى تعلو فوق الرصيف المجاور للمسجد، يختبئ «إبراهيم» أحد المتظاهرين لتفادى رشق الحجارة والقنابل المسيلة للدموع التى توجه على أجساد المتظاهرين، وفوق رؤوسهم، بعد أن شارك فى وقفة أمس الأول أمام السفارة الأمريكية بهدف شخصى له وهو «إحراق السفارة»، ويؤكد ل «الوطن»، وهو فى مخبئه خلف الشجرة أنه لا يخشى من التصريح بعزمه على إحراق السفارة، كرد فعل مناسب لما نشره أقباط المهجر من إساءة للرسول، فى أمريكا.
ويقول «إبراهيم»: طلبنا من الأمن أن يفسح لنا الطريق لنحرق السفارة، وأنا أقولها صراحة، كنت أريد أن أحرقها، وأكدت للأمن أننا لن نمس أحداً بداخلها»، وطالب الرئيس مرسى برد فعل لما يحدث من إساءة للرسول، مؤكداً استمرار الاحتجاجات لحين طرد السفير وقطع العلاقات.
ويتهم إبراهيم شباب الألتراس بإشعال الاشتباكات بين الأمن والمتظاهرين بعد أن ألقى أحدهم حجارة على الأمن الذى لم يفرق بين أحد، وأطلق القنابل على جميع المتظاهرين، فى مشهد فوضوى حسب قوله.
الثالثة فجراً
ورغم بتر قدمه وإعاقته فى الحركة جراء إصابته فى أحداث جمعة الغضب بطلقة «خارقة حارقة» على كوبرى قصر النيل -كما يقول- إلا أن أحمد حزين أصر على الوجود فى موقع الاشتباكات الذى يشترط خفة حركة، وسرعة فى الهروب، لضمان سلامة الخروج من الاشتباكات، وعندما يهم المتظاهرون بالهروب من هجوم قوات الأمن والقنابل، مذعورين، يحاول تهدئتهم وعدم الخوف، ويحفزهم على مواصلة الصمود، والاستمرار فى صد تقدم الأمن بقنابلهم وكل ما يطلقونه، هاتفاً «محدش يرجع، القنابل ما بتقطعش الرجل ولا بتموّت».
أحمد حزين، الذى يتوكأ على عصا يمسكها بيده اليسرى، يقول «أنا فقدت قدمى من أجل مصر، ومستعد أن أفقد روحى من أجل رسول الله»، ويؤكد أنه سيظل يقاتل من أجل رسول الله، وليس لمجرد الوقوف فى مظاهرة أو الاستمرار فى اعتصام»، ويضيف: «طالما فيها رسول الله يبقى مفيهاش مرسى ولا مصر ولا أى أهداف تانية».
« مبارك هو مرسى» هكذا هتف الرجل الثلاثينى طويل القامة نحيف الجسد سائق الميكروباص بملابسه الرثة، بعد أن حضر إلى موقع الاشتباكات للانضمام إلى صفوف المتظاهرين الذين يواجهون ضغط مناورات قوات الأمن، بهجماتهم المفاجئة، واستهل حديثه ل «الوطن» ب«أنا جىّ أطالب بحق دينى والسفارة لازم تتشال والسفير لازم يمشى»، والذى عبّر من خلال كلماته عن سبب مجيئه وعن مطالبه.
لم يخشَ عمر على سائق الميكروباص الموت، وحضر إلى موقع الاشتباكات لمشاركة المتظاهرين فى مواجهاتهم مع الأمن المركزى، ويضيف «أنا أموت علشان دينى، هى موتة ولا أكتر»، رافضاً السكوت على إساءة أقباط المهجر للرسول، ومندداً بصمت الرئيس مرسى عن الإساءة، وطاعة الرئيس أوباما فى حماية الممتلكات الأمريكية فى مصر، قائلاً «فينك يا مرسى ولاّ قعدت على الكرسى».
الثالثة والنصف فجراً
شاعت بين المتظاهرين الأنباء التى أدلى بها مصدر أمنى بوزارة الداخلية عن قيام عدد من المتظاهرين حول السفارة الأمريكية بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على قوات الشرطة المكلفة بتأمين مبنى السفارة والتى أقامت سياجاً من السلك حول المبنى لمنع الوصول إليه.
ويضيف المصدر أن الاشتباكات تسببت فى إصابة 3 ضباط و11 من المجندين بإصابات مختلفة، مشيراً إلى قيام المتظاهرين بإلقاء زجاجات حارقة على سيارتين من سيارات الشرطة خلال مرورهما بأحد الشوارع القريبة، مما دعا القوات للتعامل معهم لإبعادهم عن محيط السفارة وإطفاء السيارتين، وتمكنت قوات الشرطة من ضبط عدد 9 من المتهمين وجارٍ اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم.
ودعت وزارة الداخلية فى بيان لها، المتظاهرين للتعبير عن مشاعر غضبهم بصورة سلمية وناشدت الرموز الوطنية التدخل لتهدئتهم حفاظاً على الأمن والاستقرار ومصالح الوطن.
ويروى حازم القزاز (27 سنة)، بائع بأحد المحلات المجاورة للسفارة، ما دار فى ليلة الغضب الثانية: «المعتصمون كانوا فى مكانهم بشكل طبيعى، لم تتم أى محاولات لاقتحام السفارة كما حدث بالأمس، وكانت قوات الشرطة فى أماكنها لا تتقدم ولا تتأخر، حتى دخل إلى الشارع عدد من شباب الألتراس، فى حدود الساعة الحادية عشرة، كانوا يرددون هتافات بها سباب، وفجأة راحوا يقذفون قوات الشرطة بالطوب، وقنابل المولوتوف، فرفع الجنود دروعهم لحماية أنفسهم ثم بدأت التشكيلات فى مطاردة الألتراس، فى حين أُخرج المعتصمون السلفيون إلى مكان أبعد عن محيط الاعتصامات»، بينما يقول جبريل أحمد (20 سنة) أن «الألتراس لم يكن لديهم نية فى العنف، لكن فجأة وجدنا أفراداً يشتبكون مع الأمن، فانقلب الجنود علينا، وضربونا دون سبب، ودون تحديد المخطئين، فلم يكن منا إلا أن دافعنا عن أنفسنا».
ويذكر جبريل أن «قوات الأمن قامت بضرب سيدة عجوز عمرها يتجاوز الستين عاماً، دون إبداء سبب، كانت جالسة فى أمان الله، فباغتوها بالضرب بعصيهم، دون سبب، وكذلك ضربوا أولاداً صغاراً، وسيدات»
الشيخ محمد عمر عبدالرحمن، نجل الشيخ عمر عبدالرحمن المعتقل لدى الولايات المتحدة، لم يتحرك خطوة من مكان اعتصامه أمام السفارة حتى مع تصاعد الأحداث ومع تصاعد الدخان المسيل للدموع بكثافة، استعان الشيخ، ومؤيدوه بكمامات وزجاجات خلّ كى يتحملوا روائح الغاز، استقر الشيخ ومؤيدوه خلف حواجز أمنية وضعها جنود الأمن المركزى.
وينفى محمد عبدالرحمن ما تناولته إحدى الشبكات الإخبارية العالمية عن قيام بعض السلفيين من المعتصمين باقتحام السفارة للمرة الثانية، وإحداث تفجيرات بداخلها، مشيراً إلى أن ذلك «مجرد وهم تختلقه أذهان هؤلاء»، ويروى عبدالرحمن ما حدث فى الليلة الثانية للاعتصام قائلاً: «الإخوة كانوا أمام السفارة وتضافرت معهم بعض القوى، بشكل سلمى، وظلوا يرددون ما حلا لهم من هتافات، حتى جاء شباب الألتراس ودخلوا مرددين سبابات فحاول الشباب السلفى تشكيل حاجز بشرى يحول بينهم، وبين قوات الأمن، لكن محاولات السلفيين باءت بالفشل فانسحبوا من محيط السفارة بالكامل، لتنصب قوات الأمن أسلاكها الشائكة فتمنع الجميع من الاقتراب ثانية إلى محيط السفارة الأمريكية».
صباح الخميس
تحول اليوم الثالث للتظاهرات إلى معارك كر وفر أشد ضراوة بين المتظاهرين وقوات الأمن التى اتخذت من أمام مسجد عمر مكرم خط دفاع عن السفارة الأمريكية وتمركز أكثر من 2000 جندى من قوات الشرطة فى محيط الوزارة وخلفهم أكثر من 10 مدرعات فى الخط الأمامى للمواجهة لتفرقة المتظاهرين الذين انتشروا أمام مسجد عمر مكرم وفى ميدان التحرير.
وضع مئات من الشباب الذين لا يمثلون أى تيارات سياسية، بعد انسحاب القوى السلفية والإسلامية من محيط السفارة حواجز أسمنتية وأشعلوا إطارات سيارات على بعد أمتار من مسجد عمر مكرم، لعدم وصول المدرعات إليهم واستخدموا الحجارة والمولوتوف فى مواجهة قوات الشرطة التى كانت تطلق القنابل المسيلة للدموع بكثافة باتجاه المتظاهرين الذين تقدموا على قوات الشرطة التى كانت تتوقف عن الضرب لحين تقدم المتظاهرين عليهم ثم يبدأوا بالتحرك باتجاههم فور تقدمهم وضربهم بالعصى والقنابل المسيلة والاتجاه عليهم بالمدرعات لإرجاعهم للخلف.
وردد المتظاهرون هتافات «الشعب بيقول إلا الرسول» «يا حكومة قولى الحق بتخافى على رسولنا ولا لأ» «يا داخلية يا داخلية ليه بتحمى السفارة الأمريكية».
وشهد ميدان التحرير خللاً مرورياً واضحاً ووجود عدد كبير للمواطنين الذاهبين لأعمالهم الذين تناقشوا مع الشباب عن أسباب المواجهات مع الشرطة والذى غلب عليها الروح الثأرية بين المتظاهرين الذين يتهمون الشرطة بأنها لم تتغير، وأنها مسئولة عن قتل وإصابة شباب الثورة.
وغادر موظفو مجمع التحرير أعمالهم، نظراً لضراوة الاشتباكات فى شارع عمر مكرم، ووصول الدخان المسيل إلى داخل المبنى، وأُغلقت أبواب المجمع.
وأدت المواجهات لإصابات عديدة فى الشباب الموجودين، سواء بالاختناق أو بالخرطوش أو بعض الكسور ونُصب مستشفى ميدانى فى صينية الميدان ونُقلت الحالات الحرجة إلى مستشفى قصر العينى.
وقال الدكتور محمود أحمد، أحد الأطباء فى المستشفى الميدانى إنهم تلقوا أكثر من 400 حالة مصابة، 70 حالة حرجة منها ذهبت إلى مستشفى قصر العينى الفرنساوى.
وحاول 4 من الشباب إقامة مبادرة هدنة بين المتظاهرين وقوات الشرطة وأشاروا إلى قوات الشرطة بالتوقف عن الضرب وتوجهوا إليهم للحديث معهم، لكن فور وصولهم للقوات الشرطة الموجودة عند مسجد عمر مكرم أُلقى القبض عليهم، مما أدى إلى غضب الشباب الذين ازدادوا فى إلقاء الطوب على قوات الشرطة.
وضبط المتظاهرون أحد الشباب يحمل سلاحاً نارياً وأخرجوه بعيداً عن ميدان التحرير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.