يقدم مهرجان أفلام الواقع المختص بالفيلم الوثائقى فى دورته الحادية والثلاثين فى باريس 37 فيلما طويلا وقصيرا تشارك فى المسابقة، من بينها ثلاثة أفلام عربية من لبنان والأردن والجزائر. وكان هذا المهرجان افتتح أعماله فى الخامس من مارس الحالى فى مركز جورج بومبيدو فى باريس على أن ينهيها فى السابع عشر من الشهر نفسه، ويأتى فى طليعة الأفلام العربية الثلاثة المشاركة شريط الجزائرى مالك بن إسماعيل الذى يحمل عنوان "ولو فى الصين" ويعرض فيه المخرج ملحمة رائعة لحياة أطفال يتربون فى منطقة نائية من الجزائر فى جبال الأوراس. وتلاحق كاميرا بن إسماعيل تلامذة وتصحبهم إلى مقاعد الدراسة طوال عام فتدخل الى حياتهم وإلى ماضى آبائهم، وأيضا حياة معلميهم فى منطقة غسيرة التى شهدت انطلاقة الثورة الجزائرية. وتمر الكاميرا بتمهل على الحياة الصعبة التى يعيشها الجميع فى هذا المكان، حيث يتعلم النشىء الصاعد الحياة فى الفصل الدراسى ويستعد لمواجهة مستقبله غير الأكيد. ويرصد الفيلم بتأن وهدوء وبنظرة حنونة لا تخلو من أمل كل هذه الحياة، وما قادت إليه الثورة، ويكشف كيف تبددت الآمال التى علقت عليها من قبل سكان غسيرة الجزائرية، أما فيلم الأردنية ساندار ماضى الوثائقى الذى يحمل عنوان "ذاكرة مثقوبة" فيصور قصة مجموعة من الفدائيين الأعضاء فى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فى مراحل مختلفة من الصراع مع إسرائيل، وهو التجربة الأولى للمخرجة. من ناحيته يقدم اللبنانى حسن زبيب فى شريطه "فوضى خلاقة" حرب لبنان عام 2006 كما عاشتها عائلته وجيرانه فى إحدى قرى جنوب لبنان ومن وجهة نظر مخرج يعود لزيارة تلك الأمكنة بعد انتهاء الحرب وحيث العائلة تطرح أسئلة كثيرة حول الجدوى من تلك الحرب وتبدو غير مؤيدة لها، وتحضر حرب لبنان أيضا من خلال فيلم المخرج الإيرانى ماجد نيسى الذى ذهب هو أيضا الى لبنان بعد تلك الحرب وصور فى "القنبلة البرتقالية" زوجين يباشران قطاف الليمون من بستانهما المملوء بالقنابل العنقودية الإسرائيلية. ومن إيران أيضا يشارك فى المسابقة الرسمية فيلم "شعب فى الظل" للإيرانى بنى خوشنودى الذى يصور طهران بسكانها ال14 مليونا، وهى المدينة التى تعيش أسيرة تناقضاتها وضغوطات التهديد بالحظر الأمريكى، أما الإسرائيلية-الفرنسية سيمون فتقدم فى "راشيل" بورتريها من 100 دقيقة عن الأمريكية راشيل كورى التى قتلتها جرافة إسرائيلية عام 2003 وهى تتظاهر من أجل السلام وتحاول منع تدمير منزل فلسطينى. ويضم المهرجان إلى مسابقته الدولية تظاهرة بانوراما الفيلم الوثائقى الفرنسى وتظاهرة خاصة بالبرامج التليفزيونية القيمة التى كانت تقدم فى الماضى مع مذيعين كبار، إضافة إلى عدد من ورشات العمل وجلسات النقاش مع المخرجين، وتتراوح مواضيع الأعمال المشاركة فى المسابقة الدولية بين أفلام تصور أوضاعا اجتماعية مثل شريط "كاليبرو" الذى يصور شباب بوجوتا الذين يخضعون لأحكام وعقوبات قاسية بالسجن لسنوات طويلة لأخطاء صغيرة ارتكبوها أو حتى لمجرد النوم فى الخارج. أما الفيلم البلجيكى "قاموس ماركيس" فيقدم بورتريها لرجل يعتاش من مهنة تهريب السجناء وتمريرهم عبر الحدود أو إيجاد مخابئ لهم، فيما يقدم الأمريكى توباس إدياز من خلال شابين فى المرحلة الأخيرة من الدراسة الثانوية قبل دخولهما فى الجيش، صورة الهوية الأمريكية كما تظهر فى داخل وخارج الولاياتالمتحدة. وينقل فيلم وانج بينج "مال الفحم" المصور غرب الصين على الطريق بين منطقتين لنقل الفحم الحجرى، الأجواء المنتشرة على طول الطريق المسكون بالميكانيكيين وبائعات الهوى وإفراد الشرطة والعلاقات التى تنشأ بين سائقى شاحنات النقل وبين كل هؤلاء، وضمن بانوراما الأفلام الفرنسية يبرز فيلم الجزائرية-الفرنسية دليلة النادر "لطالما أحببت" وهو بورتريه لفاطمة المغربية التى عملت بائعة هوى طوال عشرين سنة فى صفوف الجيش الفرنسى خلال حرب الهند الصينية، والبورتريه خفيف وكوميدى يستعيد قصص ذلك الزمن، من خلال ذاكرة هذه المرأة التى تؤمن وما زالت بالحب. ويقدم المهرجان أيضا عددا من العروض الخاصة والأولى كما يقدم تحت عنوان "ذاكرة الحقيقى" استعادة لبعض الأفلام التى سبق للمهرجان أن قدمها ضمن مسيرته.