"عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ" هذا ما قاله المتنبى فى أمر العيد.. وما نقوله نحن الآن وما نُشاهده يختلف غير ما كان عليه المتنبى وجيله. فهل يعود الفرح والمرح وتعود الابتسامة إلى كل أبناء المحروسة؟.. تلك المحروسة تاريخها جميل وعظيم هى تحب أبناءها.. العالم أجمع يعتز ويفتخر بتاريخها الجميل فدرسوا وعظموا هذا التاريخ الجميل.. الكل يحترم هذا التاريخ الأصيل إلاّ المصرى فإنه يُحاول أن يرى ويُعظم كل السلبيات ويُحاكيها. تاريخك يا أم الدنيا جميل وسحيق وأصيل تلك الحضارة تبلورت منذ العام 3200 ق.م، حيث قام الملك مينا بتوحيد مملكتى الشمال والجنوب المصريتين. وشهد عصر هذه الدولة نهضة شاملة فى شتى نواحى الحياة، وتوصل المصريون إلى الكتابة الهيروغليفية فسجلوا كل شىء ومازال هذا مفخرة وتاريخ لكل مصرى أصيل. وفى فترة المملكة الحديثة أو الدولة الحديثة كانت مصر فى أقصى اتساع لها، وكان هذا فى القرن الخامس عشر قبل الميلاد وهذا هو معبد أبو سمبل يحكى لنا تاريخٌ جميل، وهذا هو الملك أحمس بعد أن تم له القضاء على الهكسوس وطردهم خارج حدود دولة مصر الشرقية وعاد الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد فهل يعود الأمن للمحروسة الآن ويعود التاريخ ليُكرر نفسه وفى عصر أحمس بدأت مصر عهداً جديداً هو عهد الدولة الحديثة، وأدركت مصر أهمية القوة العسكرية لحماية البلاد، فتم إنشاء جيش قوى لتكوين إمبراطورية عظيمة امتدت من نهر الفرات شرقا إلى الشلال الرابع على نهر النيل جنوبا، لتصبح مصر بذلك أول قوة عظمى فى تاريخ البشرية. ثم جاء محمد على باشا وأسس لدولة عصرية حديثة وقام محمد على بمباشرة أعمال إدارة الدولة الحديثة فقام يإصلاحات شملت جميع نواحى الحياة بما يتفق مع روح العصر الحديث وقتها، فبدأ ببناء جيش مصر القوى وأنشأ المدرسة الحربية، وأنشأ صناعة السفن فى بولاق والترسانة البحرية فى الإسكندرية. كما أصلح أحوال الزراعة والرى وأنشأ القناطر والسدود والترع، وأنشأ المصانع والمعامل لسد حاجة الجيش وبيع الفائض للأهالى، وفى مجال التجارة عمل محمد على باشا على نشر الأمن لطرق التجارة الداخلية وقام بإنشاء أسطول للتجارة الخارجية، حيث ازدهرت حركة التجارة فى مصر. ونشر التعليم لسد حاجة دواوين الحكومة فأنشأ المدارس على اختلاف مستوياتها وتخصصاتها وأرسل البعثات إلى أوروبا ونقل العلوم، وحاول أبناء محمد على أن يسلكوا مسلكه فى محاولة اللحاق بالحضارة الأوروبية، فقد شهدت البلاد فى عهد الخديوى إسماعيل باشا نهضة تمثلت فى الإصلاح الإدارى، كما شهدت الصناعة والزراعة نهضة وازدهاراً كبيراً فى عهده واهتم بالبناء والعمارة، وأنشأ دار الأوبرا الخديوية، ومد خطوط السكك الحديدية، وفى العام 1869 افتتحت قناة السويس للملاحة الدولية فى احتفال كبير، وقد شهدت مصر عدة ثورات ضد التدخل الأجنبى. تلك هى المحروسة أم الدنيا.. فهل سيكون هذا العيد مُختلفاُ عن سابقه من العطاء والحب.. ولنقول جميعاً: "عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيد". اتمنى ذلك