محافظ القليوبية يشهد حملة مكبرة لإزالة التراكمات أسفل محور الفريق العصار    اسعار الدواجن والبيض الثلاثاء 20 مايو 2025    سعر الذهب اليوم بالسودان وعيار 21 الان ب بداية تعاملات الثلاثاء 20 مايو 2025    سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025    ترامب يصف الرئيس الروسي ب"الجنتلمان لطيف المعشر"    بعد الصيام التهديفي، تقييم "محرج" لأداء محمد صلاح في مباراة برايتون وليفربول    انقلاب في البر والبحر والجو، تحذير شديد من الأرصاد بشأن طقس اليوم الثلاثاء    نماذج امتحانات الصف السادس الابتدائي PDF الترم الثاني 2025 (رابط مباشر)    ياسمين صبري تكشف كواليس تعاونها مع كريم عبدالعزيز ب«المشروع X»    ارتفاع مفاجئ تجاوز 1400 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 20-5-2025    «أبتاون 6 أكتوبر»: استثماراتنا تتجاوز 14 مليار جنيه وخطة لطرح 1200 وحدة سكنية    حماس ترحب ببيان بريطانيا وفرنسا وكندا وتطالب بترجمته لخطوات عملية تردع الاحتلال    جماعة الحوثي: فرض "حظر بحري" على ميناء حيفا الإسرائيلي    ترامب يتساءل عن سبب عدم اكتشاف إصابة بايدن بالسرطان في وقت مبكر    «أكبر خطيئة وتستلزم الاستغفار».. سعد الهلالي عن وصف القرآن ب الدستور    شديدة العدوى.. البرازيل تُحقق في 6 بؤر تفش محتملة لإنفلونزا الطيور    فوائد البردقوش لصحة الطفل وتقوية المناعة والجهاز الهضمي    أثبت أني حي لكن لم يعاملوني مثل عبد الرحمن أبو زهرة، وقف معاش الكاتب الصحفي محمد العزبي    منذ فجر الاثنين.. 126 شهيدا حصيلة القصف الإسرائيلي على غزة    ماذا تفعل المرأة في حال حدوث عذر شرعي أثناء أداء مناسك الحج؟    بينهم أم وأبنائها الستة.. استشهاد 12 فلسطيني في قصف إسرائيلي على غزة    وزارة العمل تعلن توافر 5242 فُرص عمل في 8 محافظات    5 أيام متواصلة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    مدرب وادي دجلة السابق: الأهلي الأفضل في إفريقيا وشرف لي تدريب الزمالك    إصابة طفلين واعتقال ثالث خلال اقتحام الاحتلال بيت لحم بالضفة الغربية    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    حريق مزرعة دواجن بالفيوم.. ونفوق 5000 كتكوت    "تيك توكر" شهيرة تتهم صانع محتوى بالاعتداء عليها فى الطالبية    محافظ كفرالشيخ: توريد 178 ألف طن من القمح وصرف مستحقات المزارعين بانتظام    مهرجان كان يعدل جدول أعماله بسبب دينزل واشنطن ويفاجئه بجائزة "السعفة الذهبية الفخرية" (فيديو)    حبس شاب متهم بالشروع في قتل آخر بالعياط    إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    عاجل| عرض خليجي خرافي لضم إمام عاشور.. وهكذا رد الأهلي    الأهلي والزمالك.. من يتأهل لنهائي دوري السوبر لكرة السلة؟    تكريم طالبين بجامعة عين شمس لحصولهما على جائزة بمسابقة عمرانية    أحدها لم يحدث منذ 2004.. أرقام من خسارة ليفربول أمام برايتون    صيام صلاح مرة أخرى.. ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز بعد خسارة ليفربول    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    فضل حج بيت الله الحرام وما هو الحج المبرور؟.. الأزهر للفتوى يوضح    أحمد دياب: إيقاف النشاط أمر غير وارد    4 قرارات عاجلة من النيابة بشأن بلاغ سرقة فيلا نوال الدجوي    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل ويشدد على سرعة الإنجاز (صور)    سيلان الأنف المزمن.. 5 أسباب علمية وراء المشكلة المزعجة وحلول فعالة للتخفيف    إغلاق 7 منشآت طبية مخالفة و7 محال تجارية فى حملة بقنا    منافس الزمالك في ربع نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لليد    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    شعبة المواد الغذائية تكشف 4 أسباب لعدم انخفاض أسعار اللحوم مقارنة بالسلع التموينية (خاص)    جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لمواجهة تحديات الحياة الأسرية    وفد قبطي من الكنيسة الأرثوذكسية يلتقي بابا الڤاتيكان الجديد    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    عليك إعادة تقييم أسلوبك.. برج الجدي اليوم 20 مايو    تامر أمين ينتقد وزير الثقافة لإغلاق 120 وحدة ثقافية: «ده إحنا في عرض مكتبة متر وكتاب»    حدث بالفن | حقيقة إصابة عبدالرحمن أبو زهرة ب "الزهايمر" وموعد حفل زفاف مسلم    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    سرعة الانتهاء من الأعمال.. محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل    وزير العمل: قريباً توقيع اتفاقية توظيف للعمالة المصرية في صربيا    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة تحت رحمة الخديوى؟!(1)

النتيجة الوحيدة التى قد تخرج بها من تلك المتاهة التى سندور فيها سويا، هى أننا لا نتعلم، ونحن لا نتعلم لأننا لا نجيد قراءة سطور الماضى، أو تحديدا لا نجيد قراءة ما هو مكتوب بين سطور الماضى، ليس لأن عيوننا تعانى من ضعف ما، أو لأن أطباء العيون عندنا يستسهلون استعمال كل ما يتم تقطيره فى العين حتى ولو كان من ماء النار، وبالطبع ليس لأن عيوننا مشغولة بمتابعة روتانا التى تهددنا أننا لا نغمض أمام شاشتها أبدا.. الأمر كله يتعلق بقرار بصمنا عليه بالعشرة دول - أنا الآن أشير إلى صوابع يدى - والتزمنا بأن نغض البصر عن كل باب نفتحه فيخرج منه ريح تحتاج لمقاومة.. قررنا أن نسد كل تلك الأبواب ونستريح، لا نفكر فيما كان وقد يتكرر ولا الفرق بين ما هو قائم وما يجب أن يكون.. لا نفكر فى الوضع الذى كان عليه السابقون لكى نستخلص منه شكلا يساعدنا على مواجهة ما لقوه هم من استبعاد واستعباد وذل وقهر وسرق خيرات بلد كتب فى شهادات ميلادهم أنها موطنهم.. بينما شهادات الواقع تقول لهم غير ذلك.
لم نقرأ سطور الماضى التى تحدثت عن الخديوى وأعوانه وما كانوا يفعلونه فى البلد، فنستوعبها ونصبح على علم مسبق بما قد يفعله الرئيس – أى رئيس- ورجاله على اعتبار أن الحكمة التى تقول بأن الماضى غالبا ما يعيد نفسه لا تكذب.
صفحات المنتصف من كتب التاريخ التى حملتها حقائبنا المدرسية، كما حملتها رءوسنا حدثتنا عن فترة حكم أسرة محمد على وشرحت لنا كيف جلس الخديوى على العرش ليحكم ويتحكم، ومن ما فيها إشارات جاءت متقطعة إلى عدة مميزات، بجوار إشارت عديدة منها إلى مصطلحات القهر والظلم، كانت سطور صريحة وواضحة، لأننا كالعادة لا نكذب حينما نتلكم عن سيئات حاكم يسكن مقابر الأموات.
عرفنا الخديوى بخيره وشره، عرفناه بسوطه وظلمه، وعرفناه برغبته فى التحديث وبناء وطن قوى ومتطور كما أراد الخديوى إسماعيل على سبيل المثال، هذا ما عرفناه من الكتب وماحاولت المسلسلات التلفزيونيه تشويهه لدواعى درامية أو أمنية.. اختار ما تحب.
هذا الخديوى الذى كان يحكم ويتحكم وعرفناه بحلوة وشره هل يختلف كثيرا عن الرئيس الذى يحكم ويتحكم وغير مسموح لنا الآن بالكلام سوى عن خيره وإنجازاته فقط؟
الخديوى الذى كان هل يوجد فرق بينه وبين الرئيس الموجود الآن؟.. إذا كنت من عشاق لعبة الحصول على الاختلافات السبعة بين الصورتين، والبعض من ذهنك ما زال حاضرا ولم تشغله رحلات البحث عن لقمة العيش أو الكرامة المفقودة تابع معى وركز، لأن الفروق التى تبحث عنها ربما لا تكون واضحا وربما واحد منها فى ركن هنا أو زاوية هناك ويحتاج منك فقط ان تنفض عنه التراب.
ربما كنت من عشاق القوالب الجامدة وممن يحبون العيش فى غرف مغلقة، أو أولئك الذين يربطون عنان خيالاتهم بمليون عقدة حتى لا يفك ويطير خيالهم إلى مناطق أرحب من التفكير، ولهذا ترى أن فكرة البحث عن فروق بين الخديوى والرئيس فكرة غير جائزة أو مقارنة طريقها مسدود، ولكن إن أكملتها بدقة ستصل إلى شىء ما فى النهاية ربما يوضح لك طريقة لحل المعادلة الصعبة التى نعيش فى ظلها الآن، وتحصل على ناتج فعلى يقول لك كيف تتصرف حتى تفك من قبضة حاكم ديكتاتورى الدكتور عاصم الدسوقى أستاذ التاريخ الحديث يعدك بذلك فى دراسته وهو يتحدث عن الرئيس والخديوى، مشيرا إلى أن حاكم مصر ما قبل مجىء الخديوى إسماعيل كان يحمل لقب والى وكان برتبة باشا، لأن البلد وقتها كان يطلق عليها باشوية مصر، ولقب الخديوى الذى كان إسماعيل أول من حصل عليه فى 1866 من السلطان العثمانى بموجب فرمان مقابل زيادة فى الجزية هو لقب فارسى عنى "الأمير العظيم" أطلقها الإنجليز على حاكم "الهند" عندما كانت خاضعهم له، وانتقل اللقب من إسماعيل لابنه توفيق الذى احتل الإنجليز مصر فى عهده - وكان آخر من حمل هذا اللقب الخديوى عباس حلمى الثانى، ففى عام 1914م قامت الحرب العالمية الأولى وأعلنت بريطانيا الحماية على مصر، وفى ظل الحماية خلعت الخديوى عن العرش.
والخديوى إسماعيل بن إبراهيم باشا بن محمد على باشا خامس حكام مصر من الأسرة العلوية والذى حكم من 18 يناير 1863 حتى 1879. حينما خلعته إنجلترا عن العرش هو الذى غير قانون وراثة الحكم فى مصر كما يؤكد الدكتور عاصم الدسوقى ففى وقت محمد على وبعد هزيمته وفرض معاهدة لندن أصبحت مصر ولاية وراثية، وهذا لم يكن متبع مع الولايات وكانت وراثة الحكم لأكبر أبناء محمد على، حتى جاء إسماعيل فى 1873 وغيرها لتصبح وراثة فى أكبر أبناء الوالى نفسه الذى هو إسماعيل واستمر نسل اسماعيل فى حكمنا.
المفارقة هنا يمكن ان تصطادها حينما تنظر إلى الخديوى الذى غير مسار الحكم فى الفترة العلوية ليصبح فى صالح أولاده فقط وفى الرؤساء الذين غيروا مسار الحكم ليصبح فى صالح اتباعهم وصولا للرئيس الذى يحاول ان يغيره ليصبح فى صالح أبنائه، فى الفترة العلوية تحولت البلد من ولاية تابعة إلى ولاية وراثية يرث الحكم فيها الأكبر فى العائلة ككل، ثم جاء إسماعيل ليجعل الوراثة لأكبر أبنائه هو فقط، وحينما تحولت مصر إلى جمهورية حكمها مجلس قيادة الثورة ثم تحولت إلى جمهورية يحكمها فرد واحد، ثم إلى جمهورية يورثها الحاكم لمن يختاره نائبا له ففعل جمال عبد الناصر ذلك مع السادات وفعلها السادات مع مبارك إلى أن أصبحت الآن جمهورية يستعد حاكمها للتطوير بجعل الوراثة لابنه وليس لنائبه.. بما يعنى أن حالة من توارد الخواطر حلت على رأس حاكم مصر الآن الذى جاء بعد هذه السنوات ليفكر بنفس الطريقة التى كان يفكر بها الخديوى إسماعيل ويمنح الحكم لولده مثلما فعلها الخديوى منذ حوالى 200 سنة.
وإذا كان زمن الرئيس هو الزمن الذى شهد خروج الفلاحين من جلابيبهم مرة أخرى، بسبب أرضهم التى جفت وتشققت من العطش، وتظاهروا وبكوا بسبب الأسمدة التى لا يجدونها فى السوق وإن وجدوها فهى فى السوق السوداء بأضعاف الثمن، أو محاصيلهم التى تفسد فى المخازن لأن الدولة لا تريد شراءها إلا بثمن بخس.. إذا كان هذا هو عصر الرئيس الذى تتقلص فيه مساحة الارض المزروعة ويعانى فيه القطن من الضعف والوهن ولا تهتم الدولة بمشاكل الفلاح، فإن عصر الخديوى بكل ما فيه من آلام أصابت الفلاح المصرى شهد حالة من الاهتمام بالبنية الأساسية لعملية الزراعة نفسها فإذا كان الرئيس أهمل الفلاح لصالح رجل الأعمال وترك الترع والمصارف ومصادر الرى تتدهور لصالح إنشاء أكبر قدر ممكن من الكبارى فإن الخديوى إسماعيل على سبيل المثال بلغ عدد ما حفره أو أصلحه نحو 112 ترعة، وأهمها الترعة الإبراهيمية والترعة الإسماعيلية وأنشأ من قناطر الترع والرياحات 426 قنطرة، منها 150 فى الوجه القبلى و276 فى الوجه البحرى وأنشأ مجالس بالأقاليم سميت (مجالس تفتيش الزراعة )، غرضها البحث فى الوسائل الكفيلة بتحسين الزراعة وإنمائها وتوزيع مياه الرى حتى لا يخرج له الفلاح باكيا بسبب الأرض العطشانة والزرعة الميتة.
وغدا نستكمل بقية الاختلافات السبعة أو التسعة بين الرئيس والخديوى ونعرف الفرق بين وضع الفلاح وحال السلطة والاقتصاد والسياسة فى عصر الخديوى والعصر الرئاسى؟
بقلم محمد الدسوقى رشدى - اليوم السابع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.