لم يعودوا عرضة للقصف أو إطلاق النار أو قذائف الهاون فى بلادهم، إلا أن اللاجئين السوريين فى مخيم جديد بالأردن يواجهون تحديات جديدة تتمثل فى الثعابين والعقارب والعواصف الترابية. "مخيم الموت" علامة مكتوبة باللغة العربية على خيمة بيضاء تحمل شعار مفوضية الأممالمتحدة السامية لشئون اللاجئين. ويشرح أحد اللاجئين - عرف نفسه على أنه أبو سامى، حيث يتجمع هو وسوريون آخرون احتجاجًا على الأوضاع فى أول مخيم بالأردن للسوريين الفارين من الحرب الأهلية – قائلاً: "فى سوريا موت سريع". ويقول سائق سيارة الأجرة السابق من محافظة درعا - حيث اندلعت الثورة السورية قبل سبعة عشر شهرًا مضت، مطالبة بالإطاحة بالرئيس بشار الأسد -: "هنا فى مخيم الزعترى موت بطىء بالنسبة لنا جميعًا"، مضيفًا: "فررنا من القصف والغارات على منازلنا ونواجه الآن هذا العذاب". وقالت الأردن: إن الزيادات المفاجئة فى أعداد اللاجئين شغلت كل أماكن السكن المتاحة فى مدنها بطول الحدود التى تصطف على جانبيها الأشجار، ما دفعها إلى أن تبنى سريعًا مدينة الخيام هذه على مبعدة نحو أحد عشر كيلومترًا جنوب الحدود السورية. واستوعبت الأردن ما يربو على 150 ألف سورى يسعون للحصول على ملجأ على مدى العام الماضى. وحتى فترة قريبة استقبلت العشائر التى تقيم على الحدود بعض اللاجئين السوريين، ورتبت منظمات إغاثة للاجئين آخرين ليتقاسموا السكن. ولشهور يبدو أن السلطات عزفت عن إقامة المخيم، ربما لتتجنب غضب نظام الأسد الاستبدادى فى ظل صور لأعداد كبيرة من المدنيين يفرون من هجومه العسكرى. كما أنهم يخشون من إشارات إلى أن نظام الأسد يسعى لتمديد قمعه إلى داخل الأردن نفسها. ويعتقد مسئولون أردنيون ولاجئون سوريون أن عناصر النظام السورى تنفذ عمليات فى المملكة فى إطار حملة لاصطياد الخصوم، خاصة الناشطين، وترويع الفارين. وذكر لاجئون كانوا يقيمون فى مجمع سكنى استخدم كمركز استقبال أولى، ويملكه رجل أعمال أردنى، وقوع حالتين فى وقت سابق هذا العام لتسميم إمدادات المياه. وتم إخلاء المجمع بعد اعتقال مسئولى الأمن رجلاً فى يونيو الماضى يحاول زرع قنبلة تحت سيارة المالك الأردنى للمجمع نضال البشابشة، والذى نشط فى مساعدة اللاجئين السوريين. وأواخر الشهر الماضى أطلق الجيش السورى النار على صبى فى السادسة من العمر وأرداه قتيلاً خلال عملية تسلل له مع عائلته عبر الحدود، لكن فى ظل تأجج القتال فى أكبر مدينتين سوريتين، وهما حلب ودمشق، تتزايد أعداد السوريين الفارين هنا فى الأردن وفى دول الجوار الأخرى. وليلة السبت الماضى وحدها تم تسجيل وصول أربعة آلاف سورى إلى الأردن. وتضرب الرياح المحملة بالغبار المخيم بلا هوادة، وتغطى كل شىء وكل شخص أمامها بطلاء من الجسيمات البرتقالية الناعمة. ويقول معظم الأشخاص إنهم لا يستطيعون التنفس بسهولة أو البقاء بشكل نظيف وصحى نسبيًّا.