في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    محافظ أسيوط: 30 ألف طالب في التعليم الفني و1586 طالبًا في نظام التعليم المزدوج    28 يوليو 2025.. الذهب يتراجع 15 جنيها وعيار 21 يسجل 4615 جنيها    28 يوليو 2025.. الدولار يواصل التراجع أمام الجنيه ويسجل 48.85 جنيه للبيع فى البنك الأهلي    28 يوليو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    وزير البترول يستعرض فى مقال ب"معلومات الوزراء" استراتيجيات التحول الطاقى    جراهام: إسرائيل ستفعل في غزة كما فعلت أمريكا في طوكيو وبرلين نهاية الحرب العالمية الثانية    وزير المالية الألماني يتوجه إلى ليتوانيا اليوم    اليوم.. انطلاق أعمال مؤتمر الأمم المتحدة لتسوية القضية الفلسطينية وحل الدولتين في نيويورك    رئيس وزراء السودان يصدر قرارا بتعيين 5 وزراء جدد    المصري يستنكر تجاوزات لاعبي الترجي في ودية تونس    الشحات: لن أرحل عن الأهلي إلا بقرار من النادي    الصفاقسي: معلول سيتولى منصبا إداريا في النادي بعد الاعتزال وهذا موقف المثلوثي    البنك الأهلي يبدأ استعداداته الخميس المقبل لمواجهة غزل المحلة فى الدوري    المصري: ما حدث خلال المباراة الودية يسيء للترجي    إصابة 4 أشخاص فى حادث تصادم بالفيوم    طقس اليوم بمطروح والساحل الشمالى.. حار رطب ونشاط الرياح وارتفاع الأمواج    جامعة جنوب الوادى تستعد لاستقبال طلاب المرحلة الأولى بمعامل التنسيق غدا    نور مهنا "يبعث جواب" لأهل الأردن وفلسطين في مهرجان جرش    جنازة زياد الرحباني.. فيروز أمام لحظة الفراق الأخيرة    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    نصائح للمواطنين لتجنب المخاطر الصحية المرتبطة بارتفاع درجة حرارة الطقس    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كلية الآثار 2024 المرحلة الأولي بالنسبة المئوية    مواعيد مباريات المقاولون العرب في الدوري الممتاز موسم 2025-2026    طلاب الأزهر يؤدون امتحانات الدور الثاني في مواد الفرنساوي والجغرافيا والتاريخ    تعرف على مواعيد مباريات المصري بالدوري خلال الموسم الكروي الجديد    الاتحاد الأوروبي يقر تيسيرات جديدة على صادرات البطاطس المصرية    "خرج عن مساره".. وفاة 4 أشخاص في حادث قطار بألمانيا    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    بالصور.. اصطدام قطار بجرار أثناء عبوره شريط السكة الحديد بالبحيرة    وزير التعليم: مناهج اللغة العربية الجديدة تدمج القيم الأخلاقية وتراعي الفروق الفردية    "حماة الوطن" يحشد لدعم مرشحيه في "الشيوخ" بسوهاج (فيديو وصور)    وزير خارجية أمريكا: سنسهل محادثات السلام بين كمبوديا وتايلاند    هدي المفتي تكشف علاقتها ب ويجز لأول مرة: "مش مقربين"    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    العراق.. القبض على 14 من عناصر الحشد الشعبى بتهمة اقتحام دائرة زراعية فى بغداد    بعد تهشم إصبعه.. جراحة معقدة تنقذ يد مصاب بمستشفى ههيا في الشرقية    ضبط المتهمين بترويج المواد المخدرة في أحد شوارع القاهرة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 28 يوليو    «مكنتش بتاعتها».. بسمة بوسيل تفجر مفاجأة بشأن أغنية «مشاعر» ل شيرين عبدالوهاب.. ما القصة؟    عودة التيار الكهربائي للجيزة بعد انقطاع 26 ساعة.. والوزير يطلق خطة طوارئ لفحص الشبكة    تنسيق الثانوية العامة 2025 بالقاهرة.. درجة القبول والشروط لطلاب الانتظام والخدمات    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    الحكومة: حملات مرورية مكثفة وتشديد الرقابة لمنع القيادة تحت تأثير المخدرات    السيطرة على حريق أعلى سطح منزل في البلينا دون إصابات    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بمدينة الخانكة    أحمد نبيل: تعليم الأطفال فن البانتومايم غيّر نظرتهم للتعبير عن المشاعر    إدريس يشيد بالبداية المبهرة.. ثلاث ميداليات للبعثة المصرية فى أول أيام دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    الاحتلال يقصف حَيَّيْ التفاح والشجاعية في مدينة غزة    أم وابنها يهزمان الزمن ويصنعان معجزة فى الثانوية العامة.. الأم تحصل على 89% والابن 86%.. محمد: ليست فقط أمى بل زميلتي بالدراسة.. والأم: التعليم لا يعرف عمرا وحلمنا ندرس صيدلة.. ونائب محافظ سوهاج يكرمهما.. فيديو    الباذنجان مهم لمرضى السكر والكوليسترول ويحمي من الزهايمر    بعد توقف 11 عاما.. رئيس حقوق الإنسان بالنواب يُشارك في تشغيل مستشفي دار السلام    رغم ارتفاع درجات الحرارة.. قوافل "100 يوم صحة" تواصل عملها بالوادى الجديد    رفضت عرسانًا «أزهريين» وطلبت من زوجها التعدد.. 19 معلومة عن الدكتورة سعاد صالح    في الحر الشديد.. هل تجوز الصلاة ب"الفانلة الحمالات"؟.. أمين الفتوى يوضح    بتوجيهات شيخ الأزهر.. قافلة إغاثية عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» في طريقها إلى غزة    هل الحر الشديد غضبًا إلهيًا؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة الفراعنة.. نحن الأولون والمتميزون
نشر في اليوم السابع يوم 10 - 07 - 2012

توقف الأستاذ جيمس هنرى برستد فى كتابه الأشهر "فجر الضمير"، أمام مقدرة المصريين وريادتهم فى اختراع فكرة التدين وربطها بصناعة الآلهة، وبالرغم من أنه قد ربط هذه الفكرة بالمفهوم العام للأخلاق، التى استطاع المصريون تحويلها من إطار شعبى يضم العادات والتقاليد إلى مفهوم مطلق للتدين والتقرب من الآلهة والعمل الإيمانى والطقسى ليوم الحساب، الذى سيتوقف فيه الإنسان طويلاً ليثبت ورعه وتقواه وبراءته من أى ذنب نحو الآلهة ونحو البشر.
وجعل المصرى القديم "ماعت" - إلهة الحق والعدل- معادلاً موضوعيًا لعمومية الإخلاق والانضباط، حتى أن وجود الفرعون كان معادلاً لوجود العدالة وضماناً لسيطرة الانضباط، وغياب الفرعون هو النقيض من ذلك، فهو الظلم والفوضى بصورة مطلقة، وهنا برع الكهنة فى لعبة صنع الحاكم الإله، الذى هو ضمانه حياة سوية وآمنة للمصريين على مر العصور.
ومن الواضح أن هذه الفكرة قد استقرت وتجذرت فى الوعى الجمعى المصرى حتى أصبحت تشبه المكون الجينى الأول للبشر فى هذه البقعة من الأرض، فاحترف المصريون صناعة الألهة على درجاتها، بدءاً من الحاكم العام للبلاد وحتى شيخ الغفر فى أصغر قرية أو نجع، مروراً بكبار الموظفين ورجال الدولة، وصغار الموظفين ماداموا يملكون فى أديهم نفعاً أو ضراً فى الحياة اليومية والأعمال والأقوات، فالصقوا بالحاكم كل فضيلة وبمن يختلفون معه ألصقوا كل نقيصة، حتى أنقسم الكون المصرى إلى آلهة أبرار وشياطين أشرار، ولا مجال للبشر الذين يخطئون ويصيبون فى هذا البلد.
ولم ينافسنا فى صناعة الآلهة سوى الشرق الأقصى مثل الصين واليابان التى ظلت لزمن قريب تؤله الحاكم وتمنحه من الصفات ما لا يملكه البشر، فهو لا يأكل الطعام ولا يمشى فى الأسواق، وكان من فضل الأديان السماوية علينا أننا توقفنا عن عبادة الحكام، ولكن بقى إثر عبادتم فى الذهنية الشرقية متمثلاً فى المبالغة فى احترامهم، ورفض انتقادهم والاحتجاج ضدهم، وتحول مفهوم الاحترام إلى أمر بطاعتهم وعدم الخروج عليهم حتى وإن ظلموا، وتواترت الأقوال المأثورة من نوعية "حاكم ظلوم خير من فتنة تدوم"، وأصبح أمر طاعة الحكام صيغة غير قابلة للنقاش، بل وصار أمراً لا مقايضة فيه بين كرم الحاكم تجاه شعبه فى مقابل الطاعة، بل هو أمر طاعة للحاكم مادام يطيع الله فى الرعية، والحاكم دائماً مطيع لله فى ظل كهنوت يبرر كل تصرفاته ويضعها فى إطار من التقوى والتقرب إلى الله.
والحقيقة أن الحاكم لا يحتاج إلى إصدار أوامر بتأليهه، فالشعب -وبالأخص وسائل إعلامه- يتبرع بإظهار قدرته على صنع آلهة، بل ويمد قرون استشعار جاهزة دائماً لالتقاط أى إشارة يبدى فيها الحاكم رغبته فى أن يمتدح، فيلتقطون تلك الإشارة مضخمة فيرفعونه من مصاف البشر الاعتياديين إلى مصاف الآلهة المتفردة، كأن يظهر الحاكم بعض التقرب من أحد أفراد الرعية وتحيته أو ممازحته، أو أن يبدى شجاعة فى الاختلاط بالناس، لأنه لا يخشى على حياته منهم، وهنا تنطلق آلة صنع الإله فى العمل بنظام دقيق لا يخطئ، وبراعة مفرطة فى الدقة حتى لا يفتضح أمرها ولا ينكشف نفاقها، ولا يوقف هذه الألة إلا أمر واضح من الحاكم بالتوقف، وحتى هذا الأمر يتم استخدامه فى إسباغ صفة التواضع على الحاكم، تحسباً لبداية جديدة فى صنع الإله، عند أول فرصة سانحة للاستفادة منه والتقرب إليه.
والحقيقة أن الضمانة الوحيدة لعدم تأليه أى حاكم أو موظف كبير لا تكون مرتبطة -فقط- بالحاكم نفسه، وإنما ترتبط برقابه مجتمعية لا تسهو ولا ترحم، وترفض بشكل دائم أى مدح يقترب بأى صورة من الصور للنفاق، وتفضح كل من يقوم به، وتجعل من رفض تأليه الحاكم مبدأ لا تحيد عنه أيا ما كانت المبررات ومهما كانت الظروف التى تجلب المدح للحاكم، وعلى الحاكم نفسه أن يكون واعياً لما هو أى علامة من علامات ممالئته، فان قبول النفاق والممالئة هو أساس كراهية الشعوب لحكامها، وهو أول الطريق للهاوية ولو بعد حين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.