فى الوقت الذى يفترض فيه أن يكون هذا المصطلح "اقتصاد الحلال" أو "سوق الحلال" رمزاً لسلامة الاستهلاك على اعتبارات دينية وإسلامية، إلا أنه عاد مرة أخرى إلى طاولة النقاش ليكشف هذا "البيزنس" الخفى لجماعات الإخوان الإرهابية فى الخارج، كونه واحداً من أضخم المجالات والقطاعات الاقتصادية حيث تجاوزت قيمته سقف المليارات وعبرت حدود التريليونات، وهو النظام الأكثر تعقيداً من حيث الشبكة الوظيفية وعدم القدرة على كشف جميع خطوطه ومراحله، نظراً لبنيته الاقتصادية المتشابكة، وعدم وجود جهة أو منظمة بعينها تضع قواعد ملزمة لمراقبة سوق الحلال بالكامل، ومن هنا وجدت فيه تلك الجماعات الإرهابية فرصة خفية للاستثمار كواجهة مالية مرنة تسمح بتمويل أجندتهم. ويعتقد البعض أن الاقتصاد الحلال يتوقف عند اقتصاد اللحوم التى تم ذبحها وفقاً للشريعة الإسلامية وحسب، لكن الحقيقة أن الأمر أكبر وأعمق من ذلك بكثير، فيعد سوق الحلال اقتصاداً مرناً يتسع وفقاً لمتطلبات السوق ولم يختزل فى اللحوم وفقط، إنما دخلت مستحضرات التجميل مثل مساحيق التجميل التى لا تحمل أى مادة مخالفة للشريعة مثل "دهن الخنزير" الذى عادةً ما يستخدم فى أحمر الشفاه على سبيل المثال فى بعض الماركات الصغيرة، وغيرها من المنتجات التى تخرج إلى السوق الغربية حاملة كلمة "حلال" وموجهة لقطاع بعينه من المستهلكين المتبعين للشريعة، أيضاً المطاعم تعد واحدة من أهم النطاقات الاقتصادية التى تساهم بشكل كبير فى هذه السوق، والتى تعتمد على أصناف مسموح بها شرعاً، فضلاً عن طرق الذبح وعن الحالة العامة التى توفرها تلك الأماكن، نفس الأمر تماماً بالنسبة للمعلبات وصناعة الأطعمة المدعمة بالمواد الحافظة والمشتقة من تلك السلع الحلال وفقاً لطريقة تصنعها وخلوها من أى مادة مخالفة، ويمكننا أن نقيس على هذه القواعد مجموعة كبيرة من التجارات مثل سوق "الأدوية، والخدمات مثل السياحة والخدمات المالية وغيرها من النطاقات الاقتصادية المتشعبة. وهذا التعدد والاتساع يجعل من هذا الاقتصاد عنصر جذب لتلك الجماعات خاصة وأن تعدد أطرافه وتداخل نطاقاته كونه اقتصاداً سائلاً غير مربوط بكيان معين أو جهة بعينها، جعله عابراً للحدود ويصعب تحديد هويته وهوية القائمين عليه، وهو المطلوب بالنسبة لتلك المنظمات الإرهابية، أن تتداخل أموالهم وتنتقل عبر محافظ مالية متعددة فيمحى أثرهم ويحققون أكبر قدر ممكن من الأرباح التى تدخل بشكل أو بآخر فى تمويل أجندة الجماعة العابرة لحدود تواجدهم الإقليمى . وأوضحت بعض التقارير الاقتصادية الغربية مثل تقرير Research and Markets ، هذا النمو السريع الذى تشهده هذه السوق على المستوى العالمى، حيث سيتجاوز فى هذا العام وحده 2 تريليون بنمو سنوى يصل إلى %14.4 ، والذى تسبب فى خلق سوق ضخمة لا تجد رقابة تنظم العمليات التجارية بداخلها، لذلك لم يدخل جماعة الإخوان الإرهابية هذه السوق بشكل معلن، إنما عبروا من خلال غطاءات قانونية مثل الجمعيات والمراكز الإسلامية، ومن ثم يخصص جزء كبير من استثماراتها إلى منظمات تعمل على نشر أيديولوجياتهم، ودعم نفوذهم داخل المجتمعات المسلمة فى الغرب، لذلك بعد 50 عاما من المشاركة فى تلك السوق طالما تقاطعت أموال بيزنس الحلال مع شبكة التمويل السائل لتنظيم الإخوان، وهذا ما يحتاج إلى تضافر جهود عالمية لكشف تلك الأنظمة المتسللة داخل هذه السوق وتنظيم حركته الداخلية ودعم الرقابة على مصادره والمساهمين فى إدارته عالمياً، ولكن السؤال هنا الذى يطرح نفسه.. هل سيساهم الغرب فى كشف تلك الاستثمارات الخفية واستغلالها فى دعم أجندات إرهابية، أم سيظل اقتصاد الحلال بعيداً عن الجهات الرقابية الأوروبية ؟. أعتقد أنه لا داعى للتفكير فى الإجابة عزيزى القارئ لأنها متجلية فى ظل اقتصادا قائم على المصالح السياسية.