في عالم يموج بالصخب والتقلبات، يطلّ علينا برنامج دولة التلاوة كنسمة هادئة، يحمل في كل تلاوة نورًا يلامس القلب قبل الأذن، ويعيد ترتيب الروح لتستعيد سكينتها وطمأنينتها فكل حلقة منه ليست مجرد قراءة للقرآن، بل رحلة تأملية تعانق الروح، تأخذ المشاهد بعيدًا عن ضوضاء الحياة، إلى عالم يلتقي فيه الصوت بالمعنى في انسجام كامل، فتتكوّن تجربة روحانية خالدة في الذاكرة. إن ما يميز البرنامج هو إحساسه العميق بمعنى الكلمة، واهتمامه بتقديم القرآن بأسلوب يُحيي المشاعر ويغذي الروح، فيجعل المشاهد يدرك أن لكل حرف طاقة، ولكل آية أثر يتغلغل في القلب، فيحمله على التفكر والتأمل في جمال الخلق وحكمة الخالق. ومن باب الصراحة والاعتبار، أحب أن أوجه عتابًا هادئًا للقائمين على البرنامج: إن فكرة تردد الصوت، إذا تم الإفراط فيها أو استخدامها بشكل يجعل التلاوة تشبه أحيانًا أجواء العزاء، فليُراعَ حذفها أو تعديلها فبرنامج دولة التلاوة ليس مجالًا للحداد، بل هو فضاء للروح والإلهام، يحمل النور والسكينة، ويستحق أن تُحافظ كل تفاصيله على صفاء القلب وصفاء المعنى. برنامج دولة التلاوة يعلمنا أن الكلمات ليست مجرد حروف تُتلى، بل هي نور، وأن الأصوات الصادقة والمعاني العميقة قادرة على خلق عالم كامل داخل النفس، عالم يسكنه الصفاء والسكينة، ويهذب الروح، ويمنح القلب أفقًا من الطمأنينة لا ينضب التلاوة هنا ليست مجرد تعليم، بل هي تجربة حياتية تغذي العقل وتنعش الروح، تجعل الإنسان أقرب إلى ذاته، وأرقى في فهمه للحياة وللقيم. في نهاية المطاف، سواء استمعت إلى صوت التلاوة، أو تأملت في معانيها العميقة، ستدرك أن الحياة تصبح أجمل حين يُنسج الجمال الداخلي مع الصفاء الروحي، وأنه لا خاسر مع القرآن كل من اقترب منه بروح صافية وقلب يقظ، يخرج من هذه التجربة أغنى وأكثر إشراقًا وسعادة، حاملاً في قلبه نورًا يستمر مدى الحياة.