اكتشاف يحير علماء "ناسا" على كوكب المريخ.. تعرف عليه

فى لغز علمى جديد يضاف إلى سلسلة أسرار المريخ، أعلن فريق من علماء وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" اكتشاف صخرة غريبة قرب فوهة "جيزيرو" على سطح الكوكب الأحمر، رصدتها مركبة "برسيفيرنس" الجوالة، ويرجح العلماء أنها لا تنتمي جيولوجيًا إلى المريخ وربما جاءت من أعماق النظام الشمسي.
صخرة منفردة بجوار فوهة جيزيرو
بحسب نشرته تقارير "ناسا" ومواقع علمية متخصصة، فإن الصخرة المرصودة تقع فى منطقة "فيرنودن" على أطراف فوهة جيزيرو، وهى منطقة تستكشفها "برسيفيرنس" منذ سنوات بحثًا عن دلائل على المياه والحياة الميكروبية القديمة، وتمتاز الصخرة، التى أُطلق عليها اسم Phippsaksla، بحجمها الكبير نسبيًا، إذ يصل قطرها إلى نحو 80 سنتيمترًا (نحو 31 بوصة)، وبكونها قائمة وحدها وسط صخور أكثر تسطحًا وتفتتًا فى محيطها.
العلماء في "ناسا" يشيرون إلى أن شكل الصخرة "المصقول والمرتفع" كان أول ما أثار الانتباه، إذ لا يشبه النمط المعتاد للصخور الرسوبية والبركانية التى اعتادوا رصدها فى قاع الفوهة القديمة.
تركيبة معدنية غير مريخية
الخطوة التالية كانت تحليل التركيب الكيميائي باستخدام أجهزة التحليل الطيفي على متن "برسيفيرنس"، ومنها أداة "SuperCam" وأظهرت القراءات نسبًا مرتفعة من عنصري الحديد والنيكل، وهما السمتان المميزتان لما يُعرف بالنيازك الحديدية–النيكلية، التى تتكون فى العادة فى لبّ الكويكبات الكبيرة خلال المراحل المبكرة من عمر النظام الشمسي.
وبحسب هذه البيانات، يرجح فريق "ناسا" أن الصخرة وافدة من خارج المريخ، إما من حزام الكويكبات الواقع بين المريخ والمشتري، أو من جسم سماوي آخر شق طريقه عبر الفضاء قبل أن يستقر على سطح الكوكب الأحمر فى زمن سحيق. ومع أن التركيبة المعدنية تدعم بقوة فرضية أنها نيزك معدني، يؤكد العلماء أن الأمر ما زال بحاجة إلى مزيد من القياسات والتحاليل للتثبت النهائي.
كوكب المريخ

لماذا هذا الاكتشاف مهم لعلماء المريخ؟

تلفت تقارير علمية، من بينها تحليل نشره موقع "إيكونوميك تايمز" استنادًا إلى مدونة رسمية لوكالة "ناسا"، إلى أن المثير فى هذا الاكتشاف ليس وجود نيزك على المريخ فحسب، بل طبيعة هذا النيزك وموقعه. فقد سبق لمركبة "كيوريوسيتي" أن رصدت نيازك حديدية فى فوهة "غايل"، مثل نيزك "Lebanon" عام 2014 و" Cacao" عام 2023، لكن "برسيفيرنس" لم تعثر خلال سنوات عملها فى "جيزيرو" على نيازك مماثلة، برغم تشابه عمر الفوهتين ووجود دلائل على تعرّضهما لسلسلة من الاصطدامات عبر الزمن.
وجود صخرة معدنية بهذه المواصفات، قائمة فوق طبقات صخرية تشكلت أصلًا بفعل اصطدامات قديمة، يعزز – بحسب "ناسا" – صورة المريخ ككوكب شهد تاريخًا طويلًا من الضربات النيزكية والظواهر الجيولوجية العنيفة، وهو ما يساعد العلماء على إعادة بناء سجل الاصطدامات وترتيب المراحل التى مر بها الكوكب، وربطها بأسئلة أكبر عن تطور النظام الشمسي كله.
"زائر معدني" يحمل سجلًا من الفضاء العميق

يرى باحثون فى فرق "برسيفيرنس" أن صخورًا كهذه تُعد "أرشيفًا" طبيعيًا؛ فتركيبها المعدني وبنيتها الداخلية يحتفظان بإشارات عن البيئة التى تكوّنت فيها: حرارة اللبّ فى الكويكب الأم، ونمط التبريد، وحتى تاريخ الاصطدامات التى تعرّض لها ذلك الجسم قبل أن يتحول إلى نيزك. وإذا تأكد أن Phippsaksla نيزك حديدي–نيكلي، فإنها ستكون من أندر العينات التى درستها مركبات المريخ حتى الآن، وقد تتيح عند تحليلها مستقبلاً على الأرض فهمًا أدق لحركة المواد بين الكواكب، وربما لمسار الأجسام القادمة من "خارج الحيّ الشمسي القريب".
الخطوة التالية: المزيد من القياسات وربما عيّنة إلى الأرض

حتى الآن، اكتفت "برسيفيرنس" بالتصوير والتحليل عن بعد، لكن فريق المهمة يدرس توسيع القياسات باستخدام أدوات أخرى على متن المركبة، وقد تُدرج الصخرة ضمن الأهداف المحتملة لبرنامج جمع عينات الصخور الذى تخطط "ناسا" لإعادته إلى الأرض فى مهمات لاحقة، وفقًا للتغطية المنشورة فى عدد من المواقع العلمية والدولية.
ورغم الحذر العلمى المعتاد، فإن هذا الاكتشاف – كما تصفه "العربية" نقلاً عن علماء "ناسا" – يعيد إشعال الفضول حول الكوكب الأحمر، ليس فقط بوصفه هدفًا للبحث عن آثار حياة سابقة، بل أيضًا كمتحف مفتوح لشظايا الكون: نيازك وكويكبات وربما زوّار قادمين من مسافات أبعد بكثير مما كنا نتخيل.
صخرة غير مريخية، اكتشاف ناسا، مركبة برسيفيرنس، فوهة جيزيرو، نيازك حديدية نيكيلية، تحليل SuperCam، جيولوجيا المريخ، عينات الصخور، النظام الشمسي، وكالة ناسا، المريخ 2025، اكتشاف علمي، كويكبات، تاريخ المريخ، بعثة المريخ.