سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تكساس تشعل موسم صيد الإخوان.. الولاية الأمريكية تحظر أنشطة الجماعة الإرهابية ومنظمة كير.. فرنسا تتحصن من شرور التنظيم للحفاظ على أسس الجمهورية.. برلين تراقب عناصرها.. وآسيا وأفريقيا تبدأن خطوات المواجهة
تشهد الساحة الدولية فى السنوات الأخيرة حالة متفاقمة من القلق تجاه جماعة الإخوان الإرهابية، بعدما بات خطابها مصدر تهديد مباشر لاستقرار المجتمعات، خاصة فى ظل تصاعد التحذيرات من موجات جديدة من التطرف قد تضرب الداخل فى عدد من الدول، وهو ما ظهر مؤخرا مع قرار ولاية تكساس بتصنيف جماعة الإخوان ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) كمنظمتين إرهابيتين أجنبيتين وعابرتى الحدود، مع حظر امتلاكهما للأراضى فى الولاية، ومنح المدعى العام صلاحية رفع دعاوى لإغلاقهما. ومع توسع رقعة نشاط الجماعة عبر واجهات دينية وخيرية وتعليمية، تزايدت الأصوات الشعبية المطالبة بمحاصرتها، بعدما أصبحت تمثل، وفق تقديرات أمنية، خطرًا صريحًا على الأمن العام والنظام الاجتماعي.
مشروع انفصالى إخواني.. كيف واجهته فرنسا؟ ففى فرنسا، تبنى الرئيس إيمانويل ماكرون موقفًا واضحًا تجاه الجماعة، واصفًا إياها بأنها تمثل مشروعًا انفصاليًا يهدد أسس الجمهورية ويقوض قيمها العلمانية، بينما أشارت وزارة الداخلية الفرنسية إلى وجود شبكات إخوانية تعمل داخل الجمعيات والمساجد وتستغلها للتغلغل داخل الجاليات المسلمة.
هذه الحالة دفعت الدولة إلى سنّ تشريعات صارمة، كان أبرزها قانون "مكافحة الانفصالية الإسلامية" الذى صُمّم بالأساس لتقييد تمدد الإخوان والتيارات المتطرفة المشابهة. وبموجب هذا القانون، تم حلّ عشرات الجمعيات وإغلاق كيانات دينية وثقافية تعمل تحت غطاء قانونى، لكنها مرتبطة فكريًا وتنظيميًا بالجماعة.
رقابة دقيقة لأعضاء الجماعة.. ألمانيا ترى الإخوان تهديد للنظام الدستوري وفى ألمانيا، تنظر الاستخبارات إلى الإخوان باعتبارهم أحد أخطر التيارات الإسلامية المتطرفة العاملة داخل البلاد، وتخضع أنشطتهم لرقابة دقيقة تشمل أكثر من ألف عضو ومؤسسة مرتبطة بالتنظيم.
وتعتبر برلين أن الجماعة تهدد النظام الدستورى الألمانى عبر استغلال المساجد والجمعيات كمنصات للتأثير على الجاليات المسلمة وتشكيل مجتمعات موازية.
وقد اتخذت الحكومة الألمانية سلسلة من الإجراءات الحاسمة، أبرزها حل عدد من الجمعيات فى برلين وشمال الراين، وتشديد الرقابة على التمويل القادم من الخارج، فى خطوة تهدف إلى تقويض البنية التنظيمية للتنظيم داخل أوروبا الوسطى.
ماذا فعلت النمسا؟ وفى النمسا، اتجهت الحكومة إلى تشريع قانونى واضح تحت مسمى "قانون الإسلام السياسي"، وهو تشريع يستهدف جميع التنظيمات التى تستخدم الدين كأداة سياسية تتعارض مع الدولة المدنية، وفى مقدمتها الإخوان.
ويعكس هذا القانون رؤية نمساوية مفادها أن التنظيم يمثل تهديدًا مباشرًا للنظام العلمانى، وأنه يعمل على خلق بيئة فكرية حاضنة للتطرف. وبذلك أصبحت النمسا إحدى أبرز الدول الأوروبية التى تواجه الجماعة عبر آليات قانونية صريحة تمنح الدولة صلاحيات واسعة فى محاسبة الأفراد والكيانات المرتبطة بها.
الاختراق الإخوانى فى السويد أما فى السويد، فقد أصدرت الحكومة تقارير وتحذيرات رسمية تشير إلى أن الإخوان يمثلون تهديدًا واضحًا للمجتمع، باعتبارهم حركة أيديولوجية تعمل على التغلغل داخل الجاليات الإسلامية وامتلاك مفاصل المجتمع المدني.
كما حذر الأمن السويدى من خطر "الاختراق الإخواني" للجمعيات والبلديات، مؤكدًا أن الجماعة تستخدم خطاب الاعتدال كواجهة لإخفاء توجهاتها المتطرفة.
متى صنفت روسيا الإخوان كجماعة إرهابية؟ وعلى الجانب الروسى، تتخذ موسكو نهجًا أكثر تشددًا تجاه الجماعة، بعدما صنفتها المحكمة الدستورية تنظيمًا إرهابيًا منذ عام 2003.
وجاء هذا الموقف نتيجة صلات الجماعة المباشرة بالجماعات المسلحة فى الشرق الأوسط، وارتباطها بالحركات الجهادية فى الشيشان والقوقاز، إلى جانب مخاوف من دورها فى دعم الحركات الانفصالية.
ونتيجة لهذا التصنيف، تتعامل روسيا مع أى نشاط إخوانى باعتباره تهديدًا أمنيًا يستوجب الملاحقة القانونية.
إرهاب عابر للقارات.. كازاخستان تنتفض ضد الجماعة وفى كازاخستان، أصدرت المحكمة العليا فى مارس 2005 قرارًا باعتبار الإخوان تنظيمًا إرهابيًا محظورًا، وتم إدراجهم على قائمة التنظيمات الأجنبية المصنفة إرهابية أو متطرفة ضمن سياسة البلاد لمكافحة التطرف الديني.
ويأتى هذا القرار فى سياق رغبة الدولة فى منع انتشار الأفكار المتشددة ومنع أى نشاط قد يستغل الدين لتقويض الأمن القومي.
أما طاجيكستان، فتتعامل مع الجماعة باعتبارها تنظيمًا محظورًا بالكامل، وتُعدّ عضويته جريمة يعاقب عليها القانون. وشهدت البلاد خلال عامى 2020 و2021 محاكمات واسعة طالت أكثر من مئة شخص بتهمة الانتماء إلى التنظيم، فى إطار استراتيجية حكومية تستهدف منع أى نشاط يؤدى إلى زعزعة الاستقرار الداخلي.
خطر الجماعة يصل إلى أفريقيا وفى كينيا، أعلنت الحكومة فى سبتمبر 2025، عبر إشعار رسمى فى الجريدة الحكومية، إدراج جماعة الإخوان وحزب التحرير ضمن التنظيمات الإرهابية وفق قانون مكافحة الإرهاب. ويأتى هذا التصنيف فى ظل مخاوف كينية من استغلال التنظيمات المتشددة للبيئة الدينية والسياسية فى شرق أفريقيا، خاصة فى ضوء تمدد الفكر المتطرف عبر الحدود.
تؤكد هذه المواقف مجتمعة أن هناك إدراكًا دوليًا متزايدًا بأن جماعة الإخوان ليست مجرد حركة سياسية ذات طابع دعوى، بل تنظيم متشعب ذو طموحات عابرة للحدود، يسعى لإعادة إنتاج نفسه عبر واجهات مدنية تحمل فى طياتها مشروعًا يهدد بنية الدول والمجتمعات. ومع تصاعد المخاوف من التطرف وعودة الإرهاب، يبدو أن الاتجاه العالمى يسير نحو تضييق الخناق على الجماعة وتجفيف بيئتها الحاضنة فى مختلف القارات.