كانت الإسكندرية تسرى في عروق ونبض الكاتب الراحل عن عالمنا قبل قليل مصطفى نصر وإنك لو أمعنت النظر ستجد رواياته تحمل اسم الإسكندرية في العنوان أو في المتن وهو من أكثر الكتاب الذين كتبوا عن الإسكندرية جنبا إلى جنب مع كتاب كبار مثل إبراهيم عبد المجيد. لماذا الإسكندرية؟ كان مصطفى نصر مفتونا بالإسكندرية وبعالمها وهي عموما ليست ظاهرة غريبة عن الكتاب السكندريين فلم يكونوا أبدا بمعزل عن عالمها لكن الرغبة في التشريح واستخراج الطبقات الخفية كانت حاضرة دوما في أعمال مصطفى نصر على وجه الخصوص ولننظر مثل إلى عناوين مثل يهود الإسكندرية وغواني الإسكندرية وستجد هناك الإجابة فلقد كان مصطفى نصر حريصا على الكتابة عن كل الفئات التي عاشت في الإسكنردية وسجلها بصريا وعقليا وفكريا واحتفظ لنفسه بحق الكتابة.
بين التاريخ والتسجيل يفضل الكثير من الكتاب الذين يعيشون في مدن مثل الإسكندرية ذلك المزج بين التاريخ والتسجيل اليومى للحقائق والأحداث التي عاشوها وسمعوا عنها ولئن كان صنع الله إبراهيم ونجيب محفوظ يؤرخان القاهرة فلقد فعل مصطفى نصر وإبراهيم عبد المجيد مع الإسكندرية، إذا كان هناك حضور لما هو سماعي بالإضافة إلى حضور ما هي مرئى ومشاهد وما رأته العين رأيها. وهنا يمكن القول إن مصطفى نصر لم يكن فقط مولعا بالإسكندرية بل كان أيضا موقعا بتاريخ الإسكندرية وكان ذلك مجال بحثه ووعيه في إطار إنك لو تتبعت كتاباته عن عالم الإسكندرية ستجد اهتماما كبيرا بفترة ما قبل ثورة يوليو وتحديدا عالم الأربعينيات وهي فترة استدعت الكثير من زخم كتاباته.