الليلة تتجه عيون المصريين إلى القمة، قمة لا تشبه سواها، حيث يلتقي الأهلي والزمالك في نهائي السوبر المصري، في مشهد يختصر الحكاية الأجمل في كرة القدم المصرية. ليست مجرد مباراة، بل حالة وطنية تملأ البيوت ضجيجًا وضحكًا، وتعيدنا إلى البدايات، حين كانت الكرة تجمعنا أكثر مما تفرقنا. قبل صافرة البداية بساعات، تبدأ الطقوس، أب وأم يجهزان القعدة، شباب يشعلون مواقع التواصل بالمناكفات الكروية، أطفال يرفعون أعلام الفريقين ببراءة وانتماء فطري، وكأن السوبر عيد من نوع خاص، لا يهم من أهلاوي ومن زملكاوي، المهم أن اللمة حاضرة، والضحكة صافية، والمنافسة شريفة، هذه الليلة ليست عن نتيجة، بل عن المتعة التي لا تُقاس بالأهداف، بل بنبض الجماهير. الأهلي والزمالك ليسا مجرد ناديين، إنهما رئتا الفرح في جسد الكرة المصرية، كلما التقيا، تنفست البلاد شغفًا وأملًا، وكأن الكرة تُعيد لنا ما نحتاجه دائمًا من طاقة حياة، لكن خلف هذا البريق، تلوح أمنية غائبة، أن تعود الأندية الشعبية الكبرى إلى ساحة المنافسة بقوتها القديمة. نشتاق إلى أيام المحلة والقناة والمصري والاتحاد والالمونيوم والمنيا وسوهاج وأسوان، حين كانت المنافسة حقيقية والملاعب تضج بجماهير تهتف من القلب. عودة هذه الأندية ليست nostalgia كروية فحسب، بل عودة للروح، للهوية، للتنوع الذي صنع سحر الكرة المصرية، فالمتعة لا تكتمل إلا بتعدد الأصوات واختلاف الألوان. قد يفوز الأهلي أو الزمالك، لكن المنتصر الحقيقي هو الجمهور، هو ذاك البيت الذي امتلأ فرحًا، وتلك الشاشة التي جمعت القلوب، وتلك المناكشة اللطيفة على السوشيال ميديا التي تثبت أن الخلاف في الكرة لا يفسد للمحبة قضية، فلتكن الليلة فرحة جماعية، وسوبر يليق بالمصريين، جمهورًا قبل اللاعبين.