في عالم تُثير فيه كرة القدم شغف الملايين، قد يغفل البعض أن هذه اللعبة مجرد وسيلة للمتعة والتقارب، لا للخصام والتعصب، القمة بين الأهلي والزمالك فرصة للاحتفال بالروح الرياضية، لا ساحة للصراع، فالحرب الحقيقية تقع في أماكن أخرى، مثل غزة، حيث المعاناة اليومية تُذكرنا بأن ما يحدث على المستطيل الأخضر لا يضاهي مأساة إنسانية حقيقية. لذا، دعونا نستمتع باللعبة كما وُجدت: فرحًا، لا خصامًا. القمة بين الأهلي والزمالك ليست مجرد مباراة كرة قدم، بل هي ظاهرة اجتماعية وثقافية تتجاوز حدود المستطيل الأخضر، فكلما اقترب موعد اللقاء، تحولت الشوارع والمقاهي ووسائل التواصل إلى ساحة مفتوحة للنقاش والجدل، حيث يتأهب كل مشجع لارتداء ألوان ناديه والوقوف خلف فريقه بكل ما أوتي من شغف. إن الجماهير هي الروح الحقيقية لهذه المواجهة؛ فهي التي تمنحها البريق وتضفي عليها تلك الأجواء الاستثنائية التي تجعلها حدثًا ينتظره الملايين في مصر وخارجها، إلا أنني أؤمن أن هذا الشغف ينبغي أن يُترجم إلى طاقة إيجابية، لا إلى صراع يقود إلى مشاحنات لا طائل منها. ومما يؤسفني أن التعصب المفرط بين جماهير الأهلي والزمالك قد تجاوز أحيانًا حدود المنافسة الشريفة. إنني أرفض هذا السلوك رفضًا قاطعًا، لأن القمة يجب أن تكون ساحة للمتعة والبهجة لا ميدانًا للخصام والعداوة. إن الانتماء لفريقك لا يعني بالضرورة أن تُقصي أو تُعادي الآخر، بل الأجمل أن تُشجع بحماس، وتحترم في الوقت نفسه خصمك الذي يشاركك عشق اللعبة ذاتها. إن التعصب الأعمى لا يسيء فقط لصورة الناديين، بل يسيء لكرة القدم المصرية كلها أمام العالم. ولا ينبغي لنا أن ننسى أن كرة القدم في جوهرها لعبة ووسيلة للترفيه، الهدف منها هو الاستمتاع والترويح عن النفس، فإذا تحولت إلى أداة للانقسام والتعصب، فقدت قيمتها الحقيقية وفقدنا معها المتعة التي من أجلها نتابعها. الكرة وُجدت لتجمعنا لا لتفرقنا، ولتُعزز فينا روح المنافسة النبيلة لا الكراهية. ولا يمكن لأحد أن يبرر التعصب أو الخصام على لعبة هي في الأساس مجرد هواية ومتعة، فبينما ينشغل بعضنا بالشجار على كرة قدم، هناك أطفال في غزة وغيرهم من مناطق الصراع يموتون جوعًا وحرمانًا وفقدانًا للأمان. هذه الحقيقة تجعل أي نزاع حول مباراة كرة قدم يبدو تافهًا أمام مأساة إنسانية حقيقية، لذا من الواجب أن نضع الأمور في نصابها، ونتذكر أن الرياضة وُجدت للفرح والتقارب، لا لتوسيع الفجوة بين الناس. إن القمة تظل في جوهرها مناسبة رياضية فريدة، وما أحوجنا أن نجعلها فرصة للفرح لا للخصام، وللتشجيع الراقي لا للتعصب الأعمى، فالمباراة مهما كانت نتيجتها ستنتهي، لكن ما يبقى في الذاكرة هو الروح التي نعيش بها الحدث، فلنحرص جميعًا على أن تكون كرة القدم كما وُجدت: وسيلة للمتعة، ومجالًا للتقارب، لا ساحة للانقسام.