عبر المناهج التعليمية يمكننا أن نرسخ الأمن الفكري في وجدان الأبناء، من خلال جهود تقوم على منهجية غرس القيم النبيلة، وتعزيز العادات والتقاليد الحميدة، الحافظة لهوية الأمة المصرية، والمعضدة لماهية الانتماء، وهذا الطرح يؤخذ في الاعتبار دومًا عند التطوير؛ إذ تؤكد على صور الجهود الوطنية المخلصة، الساعية إلى الإعمار والنهضة، والمتحرية لطريق التنمية في مجالاتها المختلفة؛ كي يعزز في أذهان النشء الوعي الرشيد في أنماطه المختلفة؛ ليدرك احتياجات، ومتطلبات، ومقومات ازدهار مجتمعه، ويشارك عن قناعة في إنجاح فكرة الاندماج الاجتماعي، ويغدو قادرًا على حماية مقدرات الوطن، موظفًا معرفته الصحيحة، وفكره المستنير، ومهاراته النوعية، في محاربة سبل الضلال والانحراف، التي تقوض تقدم ورقي بلده الأمين وشعبه الأصيل. المحتوى العلمي الذي يُعد أحد عناصر المنهج، يعتمد على فلسفة واضحة الملامح، تتمثل في تنمية مهارات التفكير لدى الإنسان؛ ليصبح قادرًا على الإنتاجية في أبعادها المختلفة، ويمتلك مقومات الدفاع عن وجهة نظره المؤسسة على منطق سليم، ومبادئ صحيحة، ومعتقد وسطي، ومعلومات موثقة، لا شك، من مصادر موثوقة، وهذا ما يشكل الوعي لديه، ويزيل أوجه الغموض أو الجهل بالأمور محل الاهتمام، وبالقضايا محور الجدل، وبالروئ المطروحة عبر فضاءٍ مفتوح؛ ومن ثم يستطيع أن يتغلب على مشكلات يواجهها، بأسلوب وخطوات منهجية صحيحة، وهنا نثق في أنه قادر على مواجهة التحديات، والخروج من الأزمات، بمنح تسهم في تطوير ذاته، ومجاله، ومجتمعه، ووطنه. مناهج الأمن الفكري لها أهمية بالغة في مسيرة تقدم المجتمع، بل، ونمط معيشته؛ فالإدراك القويم القائم على أفكار ملهمة، خالية من مشوب السلبية، ومفعمة بالإيجابية والبنائية، تزيد الفرد مقدرة على العطاء، وتدفعه على الدوام نحو نهل المزيد من الخبرات، المكسبة للتفرد المهاري في مجاله، وهذا نشاهده في بُعدِ النظر نحو المستقبل؛ حيث السيناريوهات الطموحة المعززة لمسارات السعي نحو أبواب الريادة والتنافسية، وهنا نوقن بأن البناء المؤسسي حقق الغاية الكبرى، الملاحظة في نتاج أصحاب العقول الراقية، القادرة على التمييز، وفق آليات النقد البناء، والمساهمة في خلق بيئات مواتية، يمكن من خلالها استثمار الطاقات، المساهمة في نهضة الوطن، وصون هويته. طبيعة مناهج الأمن الفكري، تحث الإنسان على توظيف ما يمتلك من أدوات، في خدمة بني وطنه، بما يؤصل لفلسفة الإعمار المشار إليها في ماهية المواطنة الصالحة؛ لذا يتزايد دأبه من أجل اكتساب خبرات العلم، وحصد ثماره، ومواكبة كل جديد يلوح في الأفق؛ كي يمتلك المقدرة والموهبة؛ ومن ثم يصل إلى عتبة الابتكار؛ حيث الربط الوظيفي بين النظرية والتطبيق، ومن ثم لا يتوقف الطموح، ولا ينطفأ الأمل، ولا تغيب الرؤى المضيئة للطريق، وهذا بالطبع ينسجم مع غذاء الروح بصحيح الفكر والمعتقد على السواء، ويضاف أيضًا تعظيم العمل الجماعي، الذي يزيد من تنمية المهارات الاجتماعية؛ فلا يتوقف عند حد المشاركة، بل، تعلو همته إلى واحة المبادأة؛ ومن ثم تصبح الإيجابية لديه سمة غالبة، تؤكد على المسؤولية، ومحبة الوطن. الحصن الحصين في بناء الإنسان القويم، يستند على ماهية المناهج، المحققة للأمن الفكري؛ فلا تنتظر إعمارًا، أو استقرارًا في ربوع الأوطان، أو تنمية، أو نهضة، أو حفاظ على حضارة متجذرة وإرث ثقافي غالٍ، بعيدًا عن جيل من ذوي الفكر الرشيد، الذين يفقهون آليات تحقيق النهضة، ويدركون المخاطر المحدقة بالبلاد، ويعرفون جيدًا طرائق هدم وتدمير الشعوب، من خلال المغرضين، الذين يتبنون علانية أجندات سوداء؛ فمن يريد أن تُغيَّبَ القيمُ في الأوطان، إنما يستهدف صراحة هدمها، والإطاحة بنظمها، وتقويض تنميتها، والقضاء على حضارتها؛ لتصبح أطلالًا ومرتعًا لعدو يتربص ليل نهار؛ كي يحقق أهدافه المسمومة؛ لكن أنى له هذا مع شعب في حالة جاهزية مستدامة، تجاه حماية ترابه، وصون مقدراته.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.