يعيش علم المصريات فى العالم أسبوعا مثيرا للغاية، مع افتتاح المتحف المصرى الكبير فى القاهرة بعد سنوات طويلة من التحضير، فى عام 2015، كنت محظوظا بأن أحظى بجولة داخل معامل الترميم بالمتحف المصرى الكبير برفقة زملاء مصريين، وذلك ضمن مؤتمر عن توت عنخ آمون، والآن، بعد عشر سنوات، يستعد المتحف بكامله - بما فى ذلك قاعات توت عنخ آمون - لعرضه أمام العالم، والحقيقة أنه بالافتتاح الرسمى للمتحف المصرى الكبير فإن مصر تفتح أبواب التاريخ أمام جميع دول العالم. خلال زياراتى منذ «الافتتاح التجريبى» للقاعات الرئيسية العام الماضى، وجدت أن مساحات المتحف مبهرة ومرحّبة فى آنٍ واحد. أول ما يستقبل الزائر تمثال ضخم للملك رمسيس الثانى عمره 3300 عام، وهو رمز ضخم لمشروع المتحف بأكمله - بإضاءة خلابة وساحرة، وحقيقة أن التمثال يبدو صغيرا أمام ضخامة المبنى تقول الكثير. الهدف الأصلى من المتحف كان الهدف الأصلى من المتحف هو عرض مجموعة توت عنخ آمون. فالعرض السابق لمقتنيات مقبرته فى المتحف المصرى بالتحرير أصبح باهتا مقارنة بعروض كنوزه فى المعارض الدولية المتجولة، لذا كان التحديث ضروريا ومتأخرا، ولأن من المهم وضع توت عنخ آمون فى سياق أفكار «الدولة» والملكية فى مصر الفرعونية «وهما موضوعان رئيسيان للمتحف»، فقد تطلّب ذلك نقل العديد من القطع الأثرية المهمة الأخرى، السلم العظيم فى المتحف مثير للإعجاب بشكل مذهل، ويستحضر المشاهد التمثالية القديمة التى كانت موجودة فى المعابد، حيث تتزاحم التماثيل بأحجام مختلفة لجذب انتباه الزائرين.
القاعات الرئيسية أما القاعات الرئيسية فهى تخطف الأنفاس، إذ تمنح كل قطعة أثرية - وهناك آلاف منها - مساحة لتُقدَّر كما تستحق، من بين المعروضات المميزة الأثاث الخشبى المذهب للملكة حتب حرس، والدة خوفو، والذى أُعيد تجميعه وعرضه بطريقة رائعة، لكن هناك أيضا مواد أثرية قد لا يكون حتى علماء المصريات المخضرمون قد سمعوا بها من قبل، شعرت بالدهشة وأنا أرى أشياء جُمعت بعناية، أو كنت قد غفلت عنها فى المتحف المصرى بالتحرير. فى الواقع، المتحف المصرى الكبير هو متحف موجَّه فى الأساس لعالِم المصريات، للحصول على أقصى استفادة منه، ينبغى على الزائر أن يكون قد قرأ قليلا مسبقا، ومع ذلك، فإن الترتيبات المنطقية للقطع المرتبطة ببعضها البعض ستكون واضحة حتى لغير المتخصصين: ف«لوحة الترميم» الخاصة بتوت عنخ آمون من الكرنك «التى كان يسهل تفويتها فى المتحف القديم» تُعرض الآن بين تماثيله الجرانيتية من «الكاشف» بالكرنك - فى تكوين يبدو أقرب إلى الأصل. قاعات توت عنخ آمون أما قاعات توت عنخ آمون نفسها فتُعَد الأكثر روعة على الإطلاق، سواء من حيث الفكرة أو التنفيذ. أظن أن أغلب المجموعات السياحية المستقبلية ستركّز على هذه القاعات - ما سيترك بقية المتحف لعشّاق الآثار الحقيقيين، بوجه عام، تُقدَّم المادة العلمية فى المتحف بطريقة موجزة وذكية، وتعكس أحدث الأبحاث، إذ تُحدث المعلومات المعروضة بما يتجاوز قرنا من التقدّم العلمى. وبوصفى أمينا على المتاحف وعالِما فى المصريات، شعرت برضا عميق وتأثر كبير، أقدّم تهنئتى للفريق المصرى والدولى الذى جعل هذا الكم الهائل من الكنوز الأثرية متاحا للزيارة «والموقع الإلكترونى الجديد بداية جيدة لمن لا يستطيع الحضور شخصيا»، أما لأولئك الجدد فى عالم «مصر القديمة»، فإن عالما كاملا من الإلهام ينتظرهم فى الجيزة.