شهدت مواقع التواصل الاجتماعى خلال الساعات الماضية حالة كبيرة من الحب والانتماء الذى أكد عليه الجميع تجاه وطنهم العظيم مصر، لدوره الكبير في وقف الحرب على غزة والوصول لاتفاق سلمي لمساندة القضية الفلسطينية، وذلك خلال مؤتمر شرم الشيخ للسلام، وهو المعروف عن مصر ودورها الكبير منذ القدم، حيث تغنى بالوطنية الكثير من الأدباء والشعراء المصريين، ومن بينهم أمير الشعراء أحمد شوقى الذى تمر اليوم ذكرى رحيله، إذ رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 14 أكتوبر عام 1932م. قصائد أحمد شوقى تسطع بالوطنية حسب ما جاء فى كتاب شعراء الوطنية من تأليف عبد الرحمن الرافعى: في قصائد شوقي يسطع نور الوطنية، ويتأجج لهيبها، وهو أغزر الشعراء مادة وأوسعهم إنتاجًا من هذه الناحية، ولقد ظل يستلهم روح الوطنية طول حياته، شابًّا وكهلًا وشيخًا، بل إن شعره الوطني في شيخوخته كان أقوى منه في شبابه، وقد يكون مرجع ذلك إلى تجرُّده من الاتصال بالقصر بعد خلع الخديوى عباس حلمي، كما أسلفنا، ثم إلى نفيه من مصر في أوائل الحرب العالمية الأولى، فأثار البعد عن الوطن شاعريته، وجاد بأبدع قصائده في الحنين إلى مصر وحبه لها والهيام بها إلى درجة التقديس، ومرجع ذلك أيضًا إلى تأصُّل عبقرية الشعر فى نفسه، فلم تُضعِفها السن، ولم ينَل منها الزمن، وظلت قوية تتدفق حيوية ونشاطًا. والوطنية في شعر شوقي هي فيض الفطرة والإلهام، وليست من صنع الظروف أو التكلف، ولذلك جاءت قوية جارفة، عميقة رائعة. فتأمل في أول قصيدة له في ديوانه وهي التي قالها في المؤتمر الشرقي الدولي المنعقد بمدينة جنيف عام 1894 ومطلعها: همَّت الفُلك واحتواها الماءُ وحداها بمن تُقِل الرجاءُ أحمد شوقى يعرض تاريخ مصر من أقدم العصور تجدها آية في شعر الملاحم أو الشعر التاريخي، وتُحِس وأنت تقرؤها أنها قبس من نور الوطنية، فهي سجل ناطق ل "كبار الحوادث في وادي النيل"، وقد بلغ عدد أبياتها ثلاثمائة بيت إلا قليلًا "تسعين ومائتَي بيت"، عرض فيها عرضًا أخَّاذًا بديعًا تاريخ مصر من أقدم العصور إلى عام نظمها، أشاد بعظمتها ومجَّد مفاخرها، وحنا عليها في كبواتها، واستنزل السخط على كل من اعتدى عليها. فانظر إلى قوله عن عظمة مصر: قُل لبانٍ بنى فشاد فغالى لم يجُز مصرَ في الزمان بناءُ ليس في الممكنات أن تُنقَل الأج بال شُمًّا وأن تُنال السماءُ ولما انتهى في سرد الحوادث إلى الحملة الفرنسية سجَّل إخفاقها وارتدادها عن مصر، قال: وأتى النسر ينهب الأرض نهبًا حوله قومُه النسور ظِماءُ يشتهي النيل أن يشيد عليه دولةً عرضُها الثرى والسماءُ حلُمَت رومةٌ بها في الليالي ورآها القياصر الأقوياءُ فأتت مصرَ رُسلُهم تتوالى وترامت سودانَها العلماءُ ولو استشهد الفَرنسيس روما لَأتَتهم من رومةَ الأنباءُ علمَت كل دولة قد تولَّت أننا سمُّها وأنَّا الوباءُ قاهرُ العصر والممالكِ نابل يون ولَّت قُواده الكبراءُ جاء طيشًا وراح طيشًا ومن قب لُ أطاشَت أناسَها العلياءُ وانظر كيف يصور في البيتَين الآتيَين سكوت الأهرام وهي تُواجِه نابليون بأنه سكوت السخرية والاستهزاء، وكأنها تتنبأ له بالهزيمة في ختام معاركه، قال: سكتَت عنه يومَ عيَّرها الأه رامُ لكن سكوتها استهزاءُ فهْيَ تُوحي إليه أن تلك "واتر لو" فأين الجيوش أين اللواءُ؟ وتأمل كيف يُعبِّر عن قناة السويس بأنها نكبة على مصر قال: جمع الزاخرَين كَرهًا فلا كا نا ولا كان ذلك الإلتقاء أحمرٌ عند أبيضٍ للبرايا حصة القُطر منهما سوداءُ والقصيدة كلها على هذا الغرار في الإجادة والإبداع، ولقد نظمها وهو في الرابعة والعشرين، وكأنما رسم فيها منهجه في الشعر، فهو يقتبس من عبقريته الشعرية، ومن روحه الوطنية معًا، وقد لازمه هذا الامتزاج في شتى قصائده.