كرة القدم في مصر ليست مجرد لعبة، بل حالة وجدانية كاملة.. مزيج من انتماء وذكريات ودموع وفرحة، نبضها يجري في شوارعنا قبل أن يصل إلى الملاعب، وهي اللغة التي يفهمها كل المصريين من دون ترجمة، والتي توحدهم مهما اختلفت انتماءاتهم. في لحظة، يمكنك أن تسمع في الشارع صيحة فرح بعد هدف، أو صمتًا ثقيلًا بعد خسارة، لأن الكرة هنا ليست تسعين دقيقة فقط، بل هي الوطن وهو يحاول أن يفرح، ومهما كانت المنافسة في بطولات الأندية بين الأهلي والزمالك هي الأكثر إثارة وشغفًا، إلا أنه لا شيء يوازي مشهد الجماهير المصرية المتراصة في المدرجات أو أمام الشاشات لمتابعة مباريات المنتخب، وهي تهتف من القلب: "تحيا مصر". حين يرتدي اللاعب قميص المنتخب الوطني، يسقط كل انتماء آخر، ويصبح الجميع من إسكندرية إلى أسوان، "أهلاوي وزملكاوي وإسماعيلاوي واتحاداوي وبورسعيدي ومحلاوي"، "فقير وغني"، "شاب وفتاة"، صفًا واحدًا خلف راية واحدة هي علم مصر. اليوم، الجميع يتأهب لمتابعة منتخب مصر الوطني بقيادة حسام حسن، من أجل الفوز على جيبوتي وتحقيق حلم التأهل إلى كأس العالم 2026، التي ستقام في الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا والمكسيك. كما أنه مع اقتراب موعد بطولة كأس الأمم الأفريقية "كان 2025" بالمغرب، يعود الحلم من جديد، ويعود الأمل في أن نرى منتخبنا الوطني فوق منصة التتويج بعد غياب طويل دام 15 عامًا، منذ آخر تتويج عام 2010. كل الأنظار تتجه نحو حسام حسن، الذي جاء ليعيد الروح للمنتخب، ويزرع من جديد "القتال والانتماء" في نفوس اللاعبين، وهي القيم التي طالما كانت سر قوة الفراعنة عبر التاريخ. بدا واضحًا أن حسام حسن يعتمد في مشروعه مع المنتخب الوطني على مزيج من الخبرة والشباب، وعلى مجموعة من المحترفين المميزين في أوروبا مثل محمد صلاح، وعمر مرموش، ومصطفى محمد، إلى جانب نجوم آخرين مثل محمود حسن تريزيجيه، ومحمد الشناوي، وأحمد زيزو، ليقود بهم رحلة البحث عن النجمة الثامنة التي طال انتظارها. روح حسام حسن القتالية، وطريقته التي تجمع بين الحماس والانضباط، جعلت الشارع المصري يتنفس الثقة من جديد، خصوصًا أن المنتخب ظهر مرة أخرى بروح المقاتل الذي لا يعرف المستحيل، مؤمنًا بأن "الانتماء قبل الإمكانيات"، وأن اسم مصر وحده كفيل بأن يخلق من اللاعبين أبطالًا فوق العادة. نحتاج الآن إلى أن نقف جميعًا خلف المنتخب، بلا انتقادات أو تشكيك في اختيارات المدرب، فكل مدرب له فكرته وطريقته، والعبرة ليست في البداية بل في الخاتمة، البطولة لا تُكسب بالكلام، بل بالعزيمة، والروح، والاتحاد خلف الهدف. ختامًا، يبقى المشهد الذي نحلم جميعًا برؤيته في النهاية هو ملايين المصريين في الشوارع، يحملون الأعلام ويحتفلون بالتأهل إلى كأس العالم للمرة الرابعة في تاريخنا، ويهتفون بعد رفع الكأس الثامنة في سماء المغرب، ليعود الفرح إلى الوجوه من جديد، كما كان في أيام الجيل الذهبي الذي حقق الثلاثية التاريخية أعوام 2006 و2008 و2010.