52 عاما ومازال أكتوبر نابضا بالبطولات، ولازال السادس من اكتوبر 1973 العاشر من رمضان لعام 1393 يشى بحكايات النصر وبطولات الرجال لمن يريدون تحصين الوعى للأجيال القادمة لتكون وهجا ساطعا ورافدا ثريا يفجر الطاقات الإبداعية نظما ونثرا بالكلمات وومضا بالعدسات وعزفا بالأوتار ليملأ وجدان الأجيال القادمة فخرا وشموخا لانتسابهم لهذا الوطن الذى طالما جاد بالشجعان من رجاله، ومازل التاريخ يحفظ انفرادا للمقاتل المصرى على مر العصور, وحده المقاتل المصرى الذى كانت له التحية من عدوه ونده، فسيذكر التاريخ على مداره تحية عدونا للبطل النقيب جابر شعراوى واحد من أبطال معركة كبريت، مقاتل أكتوبر وآخر معارك الجيش فى حرب 73. يقول البطل :" نتج عن المعارك التى خاضها أبطال كبريت خسائر فادحة للعدو منها 19 دبابة من أحدث الدبابات ومركبة قيادة مدرعة و 6 مدرعات نصف جنزير بعضها داخل حقول الألغام و بعضها على بعد 1 إلى 2 كم من الموقع ولكن فى مدى النيران وبعض هذه المدرعات سليمة تماما وهرب منها جنود العدو ولم نكن نستطيع سحبها لأن العدو يحميها بالنيران البعيدة ولم يكن العدو يستطيع سحبها لأننا لا نسمح له بالإقتراب منها وكانت مقولة القائد حدود الموقع ليست كم مربع واحد فقط, ولكن حدود الموقع هى مدى نيران الموقع فلم نكن نسمح باقتراب العدو من الموقع و هذا سر الاشتباكات اليومية بيننا و بين العدو. وبعد استشهاد القائد إبراهيم عبد التواب فى 14 يناير 1974 توقف القتال وفى 27 يناير و مع فض الاشتباك الأول رفض العدو الانسحاب من حول الموقع قبل سحب مدرعاته السليمة و المدمرة لأن ذلك سوف يسبب له فضيحة إعلامية و جاءتنا أوامر من قيادة الجيش بالسماح له بسحب مدرعاته من حول الموقع وفى وجود مندوب الصليب الأحمر وخرجت أنا من الموقع وحدى للتفاوض مع جانب العدو للاتفاق على أسلوب تطهير الألغام حول القطع المدمرة و أسلوب سحبها. وقبل خروجى من الموقع فكرت مع زملائى أنه من المهم التأثير على العدو من عدة جوانب منها المظهر الذى خططنا له وان يبدو مندوب الكتيبة امامهم وكان الكتيبة بالكامل لاتعانى من من أى صور النقص فى التسليح أو حتى المهمات وغيرها , فقمت بكى الأفرول تحت المرتبة وتعاون زملائى لتوفير علبة سجائر كاملة معى ولمعت البيادة ولبست النظارة لزوم الشياكة!. خرجت وحدى وخلفى الموقع كلة متأهب لحمايتى بالنيران تحسبا لاى طارئ,اقتربت من مجموعة من أفراد العدو ضباط برتب صغيرة و جنود حوالى 10 إلى 15 فرد و بمجرد اقترابى منهم تقدموا منى وأدوا التحية العسكرية احتراما و تقديرا لكل الجنود والضباط الصامدين داخل الموقع وبدأو يصافحونى جميعا. تحدثت اليهم باللغة الإنجليزية و كانوا يتعجبون كيف استطعنا الصمود طوال هذه المدة – 134 يوما - بدون امداد كيف كنا نقاتل, وفى معظم الأحيان كنا البادئين بالاشتباك. وفى هذه الأثناء حضر بسيارة جيب أحد القادة الكبار وتقدم منى متجهما وسألنى:" هل انت قائد الموقع حاليا؟" فأخبرته أنى ممثل للموقع, فقال:" احييكم" وانصرف ووجهة مملوء بالغيظ. وأعلم جيدا إن تلك التحية العسكرية لم تؤد لشخصى وإنما كان فحواها الاحترام والتقدير لمقاتلين أسطوريين دافعوا عن موقع كبريت منهم من استشهد ومنهم من أصيب ولم يفرطوا فى حبة رمل واحدة وفرضوا احترامهم على العدو