منع أعضاء التدريس والعاملين من نشر أخبار تتعلق بنظام العمل داخل جامعة المنيا    "تضامن النواب" توصي عدم الكيل بمكيالين واستخدام حقوق الإنسان ذريعة الأهداف سياسية    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    رئيس الوزراء يؤكد على العلاقات الوطيدة بين مصر وييلاروسيا بمختلف المجالات    وزير خارجية الأردن لنظيره الأمريكي: يجب منع أي هجوم إسرائيلي على رفح    تويتر الآن بث مباشر مباراة الهلال والاتحاد في نصف نهائي كأس الملك    كلاسيكو أوروبي.. زيدان يطلق تصريحات مثيرة بشأن مباراة ريال مدريد ضد بايرن ميونخ    جنايات المنصورة تحيل أوراق الأم المتهمة بقتل ابنها إلى مفتى الجمهورية    بطولة دنيا سمير غانم.. محمد رضوان ينضم ل «الجارداية»    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    «معروفة من 2021».. الصحة تكشف احتمالات حدوث جلطات بعد التطعيمات بلقاح كورونا    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    بسبب الأزمة المالية.. برشلونة مهدد بفقدان أحد صفقاته    كرة سلة – قمة الأهلي والزمالك.. إعلان مواعيد نصف نهائي دوري السوبر    موقف طارق حامد من المشاركة مع ضمك أمام الأهلي    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    غرق بمياه ترعة.. العثور على جثة شخص في الصف    15 مايو.. أولى جلسات محاكمة 4 مسئولين كهرباء في حريق ستوديو الأهرام    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    الجمعة.. الأوبرا تنظم حفلا للإنشاد الديني بمعهد الموسيقى العربية    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    حفل ختام فعاليات مهرجان الإسكندرية ل الفيلم القصير في الدورة العاشرة    90 محاميا أمريكيا يطالبون بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    الشوري القطري والبرلمان البريطاني يبحثان علاقات التعاون البرلماني    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    قواعد صارمة من مدرب ليفربول المنتظر بعد أزمة محمد صلاح وكلوب    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    «التنمية الشاملة» ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة بالأقصر (تفاصيل)    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    موعد غلق باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية في العام الجديد    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    مستشارة أوباما السابقة: أمريكا تسعى لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن    كولر يدرس استبعاد رباعي الأهلي أمام الإسماعيلي    وزير التجارة والصناعة يرافق رئيس الوزراء البيلاروسي خلال تفقد الشركة الدولية للصناعات    وزير التموين يعلن تفاصيل طرح فرص استثمارية جديدة في التجارة الداخلية    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    كينيا تلغي عقد مشروع طريق سريع مدعوم من البنك الأفريقي للتنمية    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    رفع مستوى الإنذار وإغلاق مطار دولي.. ثوران بركان جبل إيبو في إندونيسيا|فيديو    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    متحدث الزمالك: أخطاء إدارية فادحة في 14 قضية على النادي تستحق المساءلة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبطال ملحمة "كبريت" في ندوة "الجمهورية":
صمدنا 134 يوماً حفاظاً علي الموقع وأثبتنا للعالم قوة وصلابة المقاتل المصري.

مهما كتب المؤرخون وحكي الحكاءون عن النصر ومعجزات العسكرية المصرية ودروسها التي تدرس في أكاديميات العالم العسكرية والتخطيط والتنفيذ وبطولات الرجال وخوارق العادات في المعارك الحربية والمواجهات المرعبة التي اذهلت العدو ومعه كل المراقبين بلا استثناء.. يظل الحديث الحي مع الابطال لهپ مذاق خاص وفعل السحر.. فليس من رأي كمن سمع.. فما بالك اذا كان المتحدثون هم من كانوا تحت القصف ليل نهار..هم من كانوا يثأرون للوطن وينتقمون لكرامته.. من اذاقوا العدو ويلات الحرب بالفعل فوق الأرض وتحت الارض وفي الاجواء المفتوحة وفي البحر وما ادراك ما ملاحم البر والبحر.
من هذا المنطلق نظمت "الجمهورية" ندوة عن معركة كبريت 1973 استضافت خلالها عددا من أبطال تلك الملحمة هم اللواءات جابر أحمد الشعراوي. عصام هلال. سعيد آدم. سعد الدين أنور محمد. الذين كانوا برتب نقيب وملازم أول حينذاك. حيث تعتبر معركة كبريت من أكثر المعارك التي أظهرت بسالة وجدية المقاتل المصري أثناء حرب أكتوبر. وقد ظهر ذلك في صمود رجال الكتيبة 603 مشاة برمائي بقيادة الشهيد المقدم ابراهيم عبدالتواب أمام الحصار "134 يوماً" والذي كان أطول حصار خلال الحرب وتكبد العدو الإسرائيلي خسائر فادحة وفشل في استرداد النقطة الحصينة في كبريت.
في بداية الندوة رحب الكاتب الصحفي حمدي حنضل مدير تحرير الجمهورية بأبطال معركة كبريت نائبا عن الكاتب الصحفي عبد الرازق توفيق رئيس التحرير الذي حال سفره مرافقا للرئيس إلي الولايات المتحدة الأمريكية دون حضوره لهذه الندوة
وقال إن جريدة "الجمهورية" وهي تعظم شهداء مصر الذين سقطوا في حروب الشرف والفخر -وفي حرب مصر ضد الإرهاب إنما تريد أن تحمل للأجيال الجديدة نماذج للعطاء غير المحدود للوطن قدمها أبطال مصر في حرب الاستنزاف وفي حرب اكتوبر المجيدة وتهدف إلي تعميق الانتماء للأجيال الجديدة وإذكاء الروح الوطنية فيهم وتحصينها من دعاة الفتنة والتطرف والإرهاب.
أضاف حنضل أن مصر فخورة بأبطالها الذين سطروا واحدة من أقوي المعارك العسكرية في التاريخ البشري ورغم مرور ما يقرب من 45 عاما فإن المعاهد والأكاديميات العسكرية تنظر إلي معركة كبريت التي جرت في 9 أكتوبر 73 كأحد نماذج العبقرية العسكرية والتضحية إلي حد أن هنري كسنجر وزير الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت قال عنها أنها إحدي المعارك الكبري التي شرفت العسكرية المصرية وضعتها في مكانة متميزة بين أقوي جيوش العالم وقال كيسنجر انه كان يتمني أن يقابل قائد الكتيبة الشهيد إبراهيم عبد التواب ويصافحه وقال عنها ضباط وعسكريون إسرائيليون إنهم لا يدرون كيف استطاع المصريون أن يصمدوا في حصار دام "134 يوما" دون مياه أو إمدادات ولم يستسلموا بل كانوا يبادروننا بالهجوم.
من جانبه تحدث الكاتب الصحفي مجاهد خلف قال: ان اسرارا كثيرة لاتزال تحتفظ بهاپحرب اكتوبر المجيدة.. كل يوم تتكشف اضواء مبهرة عن عظمة المقاتل المصري بل وكل ابناء الوطن علي مختلف درجاتهم..
وقال إن الحوار مع ابطال اكتوبر والمشاركين في صناعة النصر بايديهم ودمائهم هو كنز لا يقدر بثمن وأن الحديث المباشر مع الابطال حتي بعد مرور زمن طويل نسبيا يعكس ويقدم صور ونماذج الحب الحقيقي للوطن ويجسد بشكل رائع معاني التضحية والبذل من أجل أن يحيا الوطن ومن اجل فعل اي شيء لرفعة الوطن والحفاظ علي كرامته من ان يمسسها أحد بسوء لتظل الصفحة ناصعة متطاولة في الآفاق تشع نورا واشراقا علي العالم كله.
أكد مجاهد أن حديث أصحاب البطولات وذكريات صانعي النصر وقاهري العدو بامتياز افضل هدية يمكن ان نقدمها لشبابنا وكل الاجيال التي لم يسعدها الحظ ان تعيش ايام معارك العزة والكرامة.. افضل هدية أن تضع ايديهم علي الابطال الحقيقيينپفي لحظات المواجهة مع عدو غاشم ومغتصب للارض ويدنس التراب الوطني..پ
أشار مجاهد الي انه من المفارقات ان تتواكب احتفالاتنا بذكري نصر أكتوبرپمع استمرار البطولات علي الارض نفسها.. في سيناء الحبيبة..حيث تجري وقائع وملاحم البطولة في العملية الشاملة سيناء 2018 لدحر الارهاب واستئصاله جذوره السوداء.. حيث يقدم ابطال مصر وخيرة أبنائها كل غال ونفيس لتطهير الارض من الرجس.. رجس لا يقل خطورة ودناءة عن العدو الصهيوني..فسيناء التي شهدت اعنف المواجهات والمعارك من قبل مع العدو لا تزال تعيش معارك النصر والبطولةپ..
ستظل أرض سيناء وترابها شاهدة علي عظمة المقاتل المصري وما سطره المصري من تضحيات بروحه ودمه.. وهذه من المرات المعجزة التي يحفظ فيها الرمل ويعي الصخر حقيقة ما حدث من اعمال عانقت المعجزات.. بطولات فردية وجماعية في الصفوف الامامية والخلفية علي السواء حتي عاد الجميع بالنصر واندحر العدو خائبا خاسئا بعد ان لقنه الجيش المصري درسا لن ينساه علي مر التاريخ..پ
من جانبه قال العميد محمد نبيل عضو اتحاد الكتاب المصري ضيف الندوة أأخذت علي عاتقي أن أهب نفسي وجهودي في سبيل الله والوطن بالمساهمة في توثيق ملاحم حرب أكتوبر المجيدة بعدما لاحظت أن هناك أجيالاً لا تعلم شيئاً عنها. وهو ما ينذر بنكسة جديدة لأن عددا كبيرا من الشباب الذي يمثل مستقبل مصر يكاد يجهل أسطورة أكتوبر 73 وما حققته مصر من نصر عظيم وفريد أبهر العالم أجمع.
وأشار نبيل إلي أنه بعد 45 عاما مرت علي حرب أكتوبر 1973 مازال التاريخ العسكري في مختلف دول العالم يضع معركة كبريت كأحد النماذج في العبقرية العسكرية في التضحية بلا حدود. حيث لم تشهد معركة ظروفاً حوصرت فيها قوة عسكرية في ظروف مثل التي حدثت في كبريت. حيث قاوم أربعمائة مقاتل مصري تواجدوا في موقع لا تزيد مساحته علي كيلو متر مربع في ظروف بالغة القسوة وانقطاع الإمدادات الحيوية 134 يوما. ولم يستسلم مقاتل واحد برغم الواقع القاسي والجوع والظمأ وظروف الحصار. وشهدت ملحمة كبريت أكبر ما يمكن أن نتصوره من معاني التضحية والصمود.
وقال الكاتب الصحفي مجاهد خلف إنه يسرنا اليوم ان نسمع بكل الحب وأعناقنا تطال السماء ابطال معركة كبريت.. واحدة من اقوي وأشرس المواجهات مع العدو في الساعات الاولي للمعركة.. معركة الالتحام المباشر وجها لوجه مع عدو فوجئ بالابطال امامه.. في مواجهة لم يردها ولم يكن يفضلها علي الاطلاق.. لانهم- الصهاينة- لا يقاتلون الا في قري محصنة او من وراء جدر.. فذاق العدو الامرين علي يد الجنود البواسل حتي اضطر الي الاستغاثة بأمريكا ويطلب النجدة من هول ما جري وما وقع له علي الارض.
في البداية وجه اللواء د.جابر أحمد الشعراوي الشكر لجريدة "الجمهورية" علي تنظيم تلك الندوة. وروي تفاصيل ملحمة كبريت قائلاً: " كنت برتبة نقيب بسلاح المدرعات في الكتيبة 603 مشاة الأسطول والتي كان لها دور مميز في أحداث حرب أكتوبر 1973 حيث كانت تلك الكتيبة فريدة في تكوينها والمهام التي أسندت إليها وفريدة أيضا في شجاعة أبنائها وتضحياتهم. كنا نتدرب تدريبات شاقة علي السباحة والعبور في أقسي الظروف الجوية وكانت تدريباتنا تتم في خليج أبو قير بالإسكندرية وكان ضمن تسليح كتيبتنا مركبات برمائية. وفي يوم 16 سبتمبر 1973 تلقينا أمراً بالتحرك من الإسكندرية والتمركز في الأدبية جنوب السويس. فتحركنا ليلا حتي لا يشعر بنا العدو الإسرائيلي وبدأنا نأخذ تعليمات الخطة التدريبة التي تحولت بعد ذلك إلي حرب حقيقية حيث إننا لم نكن نعلم أننا سنحارب وكان ذلك ضمن خطة الخداع الاستراتيجي. وفي يوم 5 أكتوبر تلقينا أمرا بالتحرك علي شاطئ البحيرات المرة. وفي يوم 6 أكتوبر تم تكليف الكتيبة 603 ضمن تشكيل اللواء 130 مشاة أسطول بالعمل كمفرزة أمامية للجيش الثالث الميداني خلال العمليات الحربية. وقامت الكتيبة بالعبور باستخدام المركبات البرمائية ومدعمة بدبابات برمائية من جنوب البحيرات المرة في الساعة الثانية والتقدم شرقا بأقصي سرعة في اتجاه الممرات واحتلال ممر متلا لإعاقة تقدم احتياطيات العدو المدرعة ومنعها من الوصول إلي الضفة الشرقية للقناة أثناء إنشاء رءوس كباري الجيش الثالث. واصطدمت الكتيبة بقوات العدو المدرعة علي مسافة 25 كيلو متر شرق القناة وقمنا بالاشتباك معها وأحدثنا بها خسائر كبيرة ومنعناها من التقدم غربا في اتجاه رءوس كباري الجيش الثالث. حيث إن وقت إنشاء الكباري هو أضعف وقت تكون القوات فيه قادرة علي الدفاع ولذلك كنا نحن مفرزة الجيش الثالث التي تتولي الدفاع في ذلك الوقت. وفي الساعة العاشرة مساء صدرت لنا الأوامر بالانسحاب والدخول في رأس كوبري إحدي الفرق لتأمين الجانب الأيسر للجيش الثالث الميداني.. ومع أول ضوء للفجر بدأ الطيران الإسرائيلي يقصف المنطقة وخاضت الكتيبة معارك دفاعية ضارية خلال يومي 7 و 8 أكتوبر وصدت هجمات العدو علي الجانب الأيسر للجيش الثالث حيث تمكنا من تدمير دبابتين للعدو وإسقاط 3 طائرات بقواذف تسمي "الحية".
قال شعراوي "في يوم 9 أكتوبر صدرت لنا الأوامر بالهجوم علي نقطة كبريت الحصينة والتي تعتبر أقوي نقاط خط بارليف ومركز عمليات القطاع الأوسط. وتم التحرك شمالا والهجوم علي النقطة الحصينة واقتحامها في نفس اليوم. وأشير هنا إلي أننا تعلمنا في التكتيك العسكري أنه حتي ينجح الهجوم يجب أن تكون قوة المهاجم 3 أضعاف المدافع وعند الهجوم علي المواقع الحصينة يكون المهاجم 9 أضعاف المدافع. ولكننا هجمنا بكتيبة واحدة في معركة غير متكافئة حيث كانت الأسلحة والذخائر والتحصينات والتجهيزات الخاصة بالنقطة الحصينة كفيلة بسحقنا ولكن الله كان معنا وألقي في قلوب العدو الرعب وكنا نراهم يفرون من الموقع تاركين أسلحتهم. وبعد سيطرتنا علي النقطة الحصينة قمنا بتعزيز الدفاع عنها وتأمينها وفتح طريق إمداد لغرب القناة من خلال لسان كبريت وتأمينه بنقاط قتال خارجية ودوريات تمكنا خلالها من تدمير دبابتين للعدو.. وكانت قوات العدو لا تتواني عن القصف المستمر للنقطة الحصينة ومحاولة اقتحامها بقوات مدرعة حتي تستردها منا إلا أننا قاومنا بشدة ولم نسمح بذلك أبدا وكان شغلنا الشاغل هو التمسك بموقعنا وحمايته فكان الكر والفر بيننا يتكرر بصورة يومية يهاجموننا فنكبدهم خسائر.. وفي يوم 17 أكتوبر قامت الكتيبة بالاشتباك مع العدو بكافة الأسلحة وتدمير دبابتين للعدو. ومع فجر 18 أكتوبر بدأ العدو في قصف الموقع بالأسلحة الثقيلة ثم الهجوم بالدبابات وخلفها المركبات المدرعة مستخدما الصواريخ والطائرات الهليكوبتر وحاول الاقتراب من الموقع واقتحامه إلا أنه قوبل بمقاومة عنيفة وتقهقر مع غروب الشمس بعدما دمرنا له 6 دبابات.
انقطاع الإمدادات
استطرد اللواء جابر الشعراوي قائلاً "استمرت الاشتباكات من الجانبين بالمدفعية والهاون ليلا ونهارا والعدو يحاول إسكات الأسلحة بالموقع. ومع فجر يوم 21 أكتوبر عاود العدو القصف المركز علي الموقع بالمدفعية الثقيلة والهاونات وبدأت دباباته في التقدم نحو الموقع فدمرنا له دبابتين وعربة نصف جنزير وعربة جيب وأسرنا 3 أفراد من العدو منهم ضابطان من اللواء التاسع المدرع. فانسحبت دباباتهم ليبدأ العدو في الهجوم الجوي بوحشية مستخدما 4 طائرات فانتوم كل 5 دقائق تلقي القنابل زنة 1000. 2000 رطل والقنابل الحارقة والصواريخ الموجهة ضد الدبابات. لتتهدم أجزاء من النقطة الحصينة ويدمر العديد من الدبابات والمركبات البرمائية الخاصة بنا بالموقع. ومع غروب الشمس توقف الهجوم واستدعي القائد الضباط لحصر الخسائر وإصدار التعليمات وما هي إلا دقائق وبدأت المدفعية الإسرائيلية في قصف الموقع مرة أخري وبكثافة ثم تقدمت دبابات العدو من اتجاه الشرق والشمال الشرقي تحت ستر نيران المدفعية. وهنا أصدر القائد البطل الشهيد المقدم إبراهيم عبدالتواب أوامره بحبس النيران حتي يقترب العدو من حقل الألغام المصرية ثم أصدر أوامره بإضاءة أرض المعركة وانطلقت جميع أسلحة الموقع ليفاجأ العدو بالكمين وندمر له 12 دبابة و4 عربات نصف جنزير. وفي اليوم التالي 22 أكتوبر بدأ العدو بقصف الموقع بالمدفعية الثقيلة ثم شن هجوما مكثفا بالطائرات ثم بدأت مدرعاته في الهجوم علي الموقع ولكن بحذر واستمرت الاشتباكات لينتهي اليوم بفشل العدو وتدمير دبابة وعربتين مجنزرتين. ثم بدأ حصار موقع كبريت من جميع الاتجاهات لتبدأ مرحلة الصمود وتحدي العطش والجوع ونقص الذخيرة والسلاح والدواء وعدم إخلاء الجرحي وانقطعت الاتصالات مع الجيش الثالث الميداني ونظرا للغارات المكثفة علي النقطة والتدمير الذي حل بها ظن قيادات الجيش الثالث أن نقطة كبريت قد سقطت في يد العدو. وكانت الفرحة غامرة لهم عندما نجحنا في إرسال دورية مسلحة للاتصال بالجيش الثالث وإبلاغه بالموقف وعادت الدورية بجهاز لاسلكي ودفتر شفرة وبعض الإمدادات الطبية العاجلة. وبدأت من بعدها رحلات الموت حيث كان يتم إرسال دوريات ليلية مسلحة من نقطة كبريت إلي الجيش الثالث الميداني تحمل الجرحي 18 كم علي الأقدام وتعود بالإمدادات وكثيرا ما تتعرض هذه الدوريات للاشتباك مع العدو وتعود تحت ستر نيران الهاونات والمدفعية حتي اكتشف العدو خط سير الدوريات وانقطع الطريق البري.
كانت المشكلة الكبري هي توفير مياه الشرب ثم التعيينات حتي وصل تعيين الفرد إلي نصف كوب ماء ونصف علبة معلبات ونصف باكو بسكويت في اليوم. وتمكن عدد من رجال الكتيبة من ابتكار جهاز لتقطير المياه المالحة من مكونات الدبابات المدمرة وتم عمل جهاز بكل سرية ليصل تعيين الفرد إلي زمزمية مياه في اليوم.
قتال مستمر
أضاف اللواء شعراوي أن الاشتباك مع العدو استمر يوميا طوال مدة الحصار صباحا ومساء حيث كان العدو يستخدم الطريق العرضي والذي يقع في مدي نيران الموقع في إمداد قواته بالثغرة وكنا لا نسمح له بذلك ونشتبك معه فاضطر العدو لإنشاء طريق آخر في العمق بعيداً عن كبريت. واستمرت الاشتباكات رغم قلة الذخيرة والتعيينات فتم في 15 نوفمبر تدمير دبابة ونقطة ملاحظة للعدو وإسكات موقع هاون. وظل موقعنا صامدا رافعا علم مصر العزيزة في أعلي قمة. وكان آخر الاشتباكات في 14 يناير 1974 حيث كان العدو يطلق النيران ويتقدم ببعض العربات المدرعة لإقامة موقع متقدم له فتم الاشتباك معه وتدمير مركبة قيادة فازداد قصف المدفعية الإسرائيلية ووقف القائد البطل إبراهيم عبدالتواب في نقطة الملاحظة يقود المعركة ويوجه النيران فسقطت دانة هاون بالقرب منه واستشهد هو وضابط المدفعية وتوقف القتال بعد استشهاد ستة أبطال وثلاثة جرحي. وفي 16 يناير تم إخلاء الجرحي وفي 20 يناير تم وصول الإمداد للنقطة لأول مرة بواسطة الصليب الأحمر. وفي 27 يناير تم التصديق علي قيام العدو بسحب مدرعاته المدمرة من حول النقطة والتي تبلغ 27 دبابة ومركبة مدرعة حيث رفض العدو فك الحصار قبل أن يجر خسائره بعيداً عن أعين الصحافة والإعلام. وفي 12 فبراير تم انسحاب نقاط العدو الإسرائيلي من حول نقطة كبريت الحصينة. وفي 13 فبراير قمنا بتسليم الموقع معززا شامخا إلي قوات الجيش الثالث الميداني.
إفشال خطة إسرائيل
أوضح اللواء جابر الشعراوي أن إصرار إسرائيل في ذلك الوقت علي احتلال نقطة كبريت كان يرجع لخطتها في الرد علي انتصار القوات المصرية في أكتوبر 73 وذلك بتنفيذ هجوم مضاد شامل علي القوات المصرية علي محورين المحور الأول اقتحام قناة السويس من منطقة الدفرسوار ثم التقدم شمالا لمحاصرة الجيش الثاني الميداني وصولا إلي مدينة الإسماعيلية ثم بورسعيد والمحور الثاني اقتحام قناة السويس من منطقة كبريت ثم التقدم جنوبا لمحاصرة الجيش الثالث الميداني وصولا إلي مدينة السويس ولكن فشل العدو المتكرر في اقتحام موقع كبريت منعه من تنفيذ هذا المخطط وكسر خطته ووضعه في مأزق الثغرة.
اللواء سعيد آدم أحد أبطال كبريت قال إنه من الضروري أن يبني كل منا علي من سبقه ولا يبدأ بمفرده. وحرب الاستنزاف هي التي مهدت لانتصار أكتوبر. مشيرا إلي أن مهمة الكتيبة 603 كانت اقتحام الموقع الخارجي لنقطة كبريت. والمهمة كانت انتحارية بكل المقاييس. حيث كان هناك تفوق نوعي كبير في الأسلحة لصالح العدو الصهيوني.
مهمة انتحارية
أضاف.. بدأنا عبور البحيرات في تصميم واصرار وبمجرد وصولنا إلي الشاطئ الشرقي للقناة بدأت نيران العدو تتساقط علينا واشتبكنا مع العدو. وقمنا بالاستيلاء علي النقطة. وفوجئنا بوجود حقل ألغام مضاد للدبابات. وفكر الشهيد الملازم أول صبري هيكل بفتح ثغرة في حقل الألغام أمام موقع فصيلته لتخرج منها دوريات الإغارة وكان العدو في هذه الأثناء يعيد تجميع قواته وأدرك قائد الكتيبة أن العدو يستعد للهجوم وخشي أن يستغل الثغرة فأمر صبري هيكل بسرعة إغلاقها بالألغام وعلي الفور بدأ صبري في سد الثغرة ولان الوقت لم يسعفه حيث بدأ هجوم العدو فما كان منه إلا أن بعثر الألغام في كل اتجاه دون تقيد بنظام الرص في الحقل وانسحب مسرعا وبدأت دبابات العدو في الهجوم وهم يتقدمون في حقل الألغام وفق خريطتهم لتفادي الألغام لكن فجأة توالت الانفجارات فقد دخلوا في الحقل المبعثر. وتنسحب دبابات العدو بعد تدمير عدد كبير منها.
حفر برميلية
قال اللواء سعيد آدم. مكثنا ثلاثة أشهر تحت الحصار وعانينا عدم وجود طعام أو مياه. وتحصنا في حفر برميلية من قصف طائرات العدو. وكنا نصلي جميعا مسلمين ومسيحيين في مكان واحد.
ذكريات خالدة
أكد اللواء سعيد انه من المواقف التي لا تنسي عندما كانوا يوزعون علينا الأعلام طلب البطل الشهيد المقدم إبراهيم عبد التواب علمين وعندما سألناه قال سأحتفظ بواحد منهم لألف به عندما استشهد. وبالفعل كفن بالعلم الذي احتفظ به. لقد استشهد يوم 14 يناير عام 1974 بعد آخر اشتباك وفجأة توقفنا جميعا عن الضرب نحن والعدو وشعرنا جميعا أن إبراهيم عبد التواب استشهد. هذه كانت بعض من كثير من البطولات والملحمات التي عزفها أبطالنا في ملحمة كبريت.
اللواء سعد الدين أنور أحد أبطال الملحمة قال: بعد تخرجي في الكلية الحربية عام 70 تم توزيعي علي قوات الصاعقة بقاعدة رأس التين بالاسكندرية وبحلول عام 71 تم تشكيل اللواء 130 برمائي مشاة وتم اختياري ضمن 6 من زملاء القاعدة وبدأنا مرحلة التدريب علي دبابة برمائية وقبل العبور بيومين وتحديدا في 4 أكتوبر 73 شرفت باستدعائي للتوجه إلي الجبهة بعد مقابلة المقدم إبراهيم عبد التواب قائد الكتيبة الذي أخبرني بتولي مهمة رئيس فرع الإشارة بالكتيبة. وعندما تم تكليفنا باقتحام نقطة كبريت الحصينة كانت فرحتي لا تقل عن زملائي المشاركين بالعملية الذين غمرتهم السعادة بهذا النبأ. وفي وقت العبور كانت مهمتنا صد مواجهات العدو الموجهة نحو قواتنا العابرة للقناة وذلك باتجاه ممر متلا .
أضاف اللواء سعد الدين أنور أن منطقة كبريت كانت تمثل أهمية استراتيجية للعدو الإسرائيلي كونها تقع في الجزء الفاصل بين الجيشين الثاني والثالث وفي الفاصل الضيق بين البحيرات المرة الصغري والكبري وهنا تكمن الخطورة لاحتمالية ان يخترق العدو الاسرائيلي القوات المصرية بين الجيشين الثاني والثالث واحتلال مدينة السويس من خلال هذه النقطة الحصينة.
أشار "أنور" إلي أنه في يوم 7 أكتوبر صدرت أوامر من القيادة العامة بتكليف الكتيبة 603 مشاه أسطول باقتحام نقطة كبريت الحصينة فقمنا بتنفيذ خطة الاقتحام التي وضعها الشهيد ابراهيم عبد التواب قائد الكتيبة ونجحنا في الاستيلاء علي النقطة الحصينة والمؤمنة من العدو بفصيلتين من المشاة الميكانيكي وأخري للدبابات.
وقال عندما توفرت المعلومات لدينا بأن العدو يخطط لمهاجمتنا ليلا في محاولة منه لاسترداد الموقع قام قائد الكتيبة بوضع خطة هجوم استباقية تم تنفيذها بنجاح وكان الجميع يتسابق ويتصارع علي الاشتباك مع العدو الذي تم إرباكه تماما وكبدناه خسائر جسيمة في سلاحه ومعداته وفي أشخاصه ما بين قتلي وجرحي.
أشار "أنور" الي قوة وصلابة رجال الكتيبة الأبطال ضد العدو الاسرائيلي خلال هذه المدة التي وصلت الي 134 يوما من الحصار كان الصراع فيها مريرا والقتال عنيفا مع عدو مدجج بالسلاح يفوقنا مرات ومرات تسليحا وعددا اضافة الي انعدام الإمداد بالغذاء والماء والسلاح نتيجة الحصار وبدأت عملية ترشيد بقايا ما معنا من طعام وبدأ الضعف والوهن يتملك الجميع نتيجة قلة الغذاء الي ان توصل البطلان محمد نور ابراهيم وصبري هيكل إلي عملية تحلية المياه المالحة بغليه ثم تبخيره فالحاجة أم الاختراع. وبالاصرار والعزيمة والارادة والصلابة يتحقق المستحيل.
أضاف أنور أن تحقيق الاتصال بين قيادة الكتيبة والمستوي الأعلي للقيادة كانت مهمتي كقائد لفصيلة الإشارة بالكتيبة وقد استمر تحقيق الاتصال خلال مرحلة العبور من يوم 6 حتي 23 أكتوبر بما تبقي لدينا من اجهزة نتيجة لحدوث خسائر في الأجهزة والمعدات والأرواح حتي تم احضار اجهزة أخري استطعنا من خلالها استمرارية الاتصال مع القيادة بنهاية الحصار. وكنا خلال الحصار نخلق من العدم فرصا للحياة والنجاة ونجحت العملية بصلابة وصمود الرجال فمن رحم المعاناة يولد الأبطال حتي جاء يوم 14 فبراير وفك الحصار.
النصر أو الشهادة
يقول اللواء عصام هلال والذي كان برتبة نقيب وقت الحرب. تخرجت في الكلية الحربية يوليو 1969. وسط ظروف صعبة للغاية. أعقبت نكسة 67. وأنه وزملاءه من الضباط الخريجين أجمعوا علي هدف واحد فقط هو الثأر واسترداد الأرض والكرامة. فكنا نتدرب ليلًا ونهارًا. لا نعرف طعما للراحة أو النوم. غايتنا "النصر أو الشهادة". مشيرًا إلي أنه كان ضابط مدرعات. وقد كان وزملاؤه أول من وصلوا إلي الضفة الشرقية. واستطاعوا إيقاف هجوم سرية الدبابات الإسرائيلية المضادة. وإلحاق العدو خسائر ضخمة.
أكد أن اقتحام النقطة الحصينة للعدو في كبريت والاستيلاء عليها كانت بمثابة صدمة للإسرائيليين لأنها احدي أهم النقاط الاستراتيجية المهمة لهم. ولذلك فقد كانت محاولاتهم مستمرة من اجل استرداد نقطة كبريت. ولكنهم فشلوا أمام صمود رجال المعركة. الذي استمر 134 يومًا منها 114 يوما تحت الحصار.
دوريات الموت
أشار هلال. أنه تعلم بالفعل معني الوحدة الوطنية في تلك الأوقات. التي يظهر فيها معدن المصري الأصيل لا فرق بين مسلم ومسيحي فقد كنا نصلي بينما زملاءنا المسيحيون يقومون بتأميننا. كما تعلمنا معني الفداء والإيثار حيث كان الجميع يتسابق علي حماية الأخر. والكل يتقاسم ما تبقي من مأكل ومشرب. لافتًا إلي أنه كان يتحمل مسئولية نقل الجنود المصابين والجرحي إلي نقطة الإسعاف والعودة بالمؤن من "أكل وشرب". وقد أطلق عليها "دوريات الموت" نظرا لخطورتها علي حياتنا حيث كنا نتعرض للضرب والقصف المباشر من جانب العدو الإسرائيلي. ولكنها عناية الله التي كانت تحول بيننا وبينهم.
أوضح انه مع استمرار الحصار كانت معنويات الصمود والجلد ترتفع. رغم المعاناة من عدم توافر المأكل والمشرب. وظللنا علي هذا الحال أكثر من 3 شهور. نواجه الموت مئات المرات يوميًا. تقصفنا الطائرات الإسرائيلية بلا هوادة صباحًا. بينما يأتي دور المدفعية ومدرعات العدو مساء. كنا نقاتل من أجل الوطن. عزيمتنا من حديد. النصر أو الشهادة. ولا تراجع مهما كانت الظروف. إلي أن جاءت قذيفة غادرة من العدو سقطت علي نقطة ملاحظة القائد الشهيد البطل إبراهيم عبدالتواب. والذي لم تنطلق من بعدها رصاصة من الجانبين. وقد تم تكريمي بعد ذلك بمنحي نجمة الشرف العسكرية.
أهمية الموقع
نقطة كبريت كانت مقرا لإحدي القيادات الإسرائيلية الفرعية ضمن النقاط الحصينة بخط بارليف. كان موقع النقطة مجهزا بحيث يتحمل الموجات الانفجارية لجميع أنواع القنابل حتي زنة ألف رطل. ويقع في ملتقي الطرق العرضية شرق القناة وهو الأمر الذي يعكس أهمية الموقع الذي يمكن من خلاله السيطرة علي كافة التحركات شرق أو غرب منطقة كبريت حيث تعتبر نقطة فاصلة بين الجيشين الثاني والثالث. وتقع في أضيق منطقة بين البحيرات المرة الكبري والصغري والمسافة بين الشاطئين الشرقي والغربي عند هذه المنطقة لا تزيد علي 500 متر. وتوجد في الوسط جزيرة يستطيع من خلالها العدو تطويق الجيش الثالث والوصول لمدينة السويس الباسلة.
سجل الشرف للأبطال
المقدم إبراهيم عبدالتواب والرائد سعد الدسوقي والنقيب شوقي عبدالرحمن والنقيب مدحت منير فهيم والنقيب جابر أحمد شعراوي والنقيب محمد حسين الخولي والنقيب خليل محمد خليل والملازم أول نبيل عبدالشهيد والملازم أول محمد حسين علام والملازم أول صبري عبدالسلام هيكل والملازم أول سامي عبدالحميد حجازي والملازم أول محمد صبحي نور والملازم أول خليل المهدي والملازم أول محمود درويش والملازم أول عطية فراج جرامون والملازم أول محمد نور الدين والملازم أول محمود مصباح والملازم أول طبيب محمد عبدالجواد والملازم مصطفي حسين كامل والملازم أسامة أحمد عبدالله والملازم ابراهيم أحمد العجمي والملازم سعيد آدم والملازم علي عساف والملازم رضا زكي التقلي ودوريات الموت النقيب عصام سلطان والنقيب حمدي نجيب والملازم السيد حرب.
إبراهيم عبدالتواب.. أيقونة صمود "كبريت"
أحمد هاشم
بطل من رجال القوات المسلحة الذين حفروا أسماءهم في تاريخ العسكرية بحروف من نور.. رمز الصمود والشجاع والفدائية.. قائد بدرجة إنسان.. عاشق لتراب الوطن.. أب روحي لكل من اقترب منه وقدوة ومثال يحتذي به.. هو قائد معركة كبريت في حرب اكتوبر 73.. ظل وزملاؤه 134 يوماً دون شراب أو طعام.. تحت قصف الطيران الإسرائيلي نهاراً ومدفعية العدو مساء.. رافضاً فكرة الاستسلام والتفريط في ذرة من تراب مصر.. أوقف أعداؤه إطلاق الرصاص بعد استشهاده احتراماً لتمسكه بموقعه واستبساله في الدفاع عنه.. إنه البطل الشهيد مقدم.أ.ح.إبراهيم عبدالتواب الذي أشاد به أعداؤه في محادثات الكيلو "101" عام 1974.. فقال عنه قائد الموقع الإسرائيلي: إنه أسطورة عسكرية تُحترم. كما تمني هنري كسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق أن يقابله.
ولد البطل "عبدالتواب" في 10 مايو 1937 بمركز أبنوب بمحافظة أسيوط.. ترك كلية التجارة ليلتحق بالكلية الحربية وتخرج فيها عام 1956 برتبة ملازم بسلاح المشاة ميكانيكا. وشارك في حرب اليمن لمدة عامين وكشفت الحرب عن كفاءته. وبعد عودته عُين مدرساً بالكلية الحربية عام 1967.
تولي مناصب قيادية عديدة خلال 3 أعوام حتي وصل إلي منصب رئيس أركان احدي مجموعات الصاعقة. وخلال تلك الفترة صدرت الأوامر بتشكيل لواء ميكانيكي مستقل يتبع القوات الخاصة سمي فيما بعد ب "اللواء 103" مشاة ميكانيكي برمائي. وكان الهدف من إنشائه إيجاد قوة ميكانيكية لديها القدرة علي التحرك بمركباتها البرمائية في الأرض أو عبر المسطحات المائية المحدودة كالبحيرات وذلك لمفاجأة العدو في عمق دفاعاته وشل مركز قيادته وتعطيل تقدم احتياطاته الدفاعية. فكان البطل "إبراهيم عبدالتواب" أول من تقدم للانضمام إلي هذا اللواء وتم تعيينه قائداً لإحدي كتائب هذا اللواء.
كانت مهمة الكتيبة التي يقودها البطل القيام باقتحام البحيرات المرة الصغري ثم التحرك شرقاً حتي طريق الممرات للاستيلاء علي المدخل الغربي لممر متلا. وفور انطلاق الشرارة الأولي لحرب اكتوبر 1973 اقتحم "عبدالتواب" مع رجال كتيبته البحيرات المرة الصغري حتي وصل إلي الضفة الشرقية للبحيرات دون اكتشاف العدو له. وواصلت الكتيبة تقدمها وهي تقاتل العدو قتالاً ضارياً. كما تمكنت كتيبته من صد هجمات العدو الجوية والأرضية المتتالية. ليتكبد خسائر فادحة في الأرواح والمعدات. حيث تم إسقاط طائرة فانتوم وطائرتين ميراج بأيدي رجال الدفاع الجوي العاملين من الكتيبة. إضافة إلي الخسائر الجسيمة في الأفراد.
وفي يوم 9 اكتوبر 1973 صدرت الأوامر للمقدم إبراهيم بالاستعداد لمهاجمة النقطة القوية شرق كبريت والاستيلاء عليها وتأمينها.. وعلي الفور اتخذ في ذات الوقت قراره السليم باستغلال نيران المدفعية والدبابات بحيث يتم اقتحام نقطة كبريت القوية من اتجاهي الجنوب والشرق بقوة سرية مشاة مدعمة وقيام باقي وحدات الكتيبة بعزل النقطة وحصارها من جميع الاتجاهات لمنع تدخل الاحتياطي المحلي للعدو.
وفي تمام الساعة السادسة والنصف من صباح يوم التاسع من اكتوبر تحركت الكتيبة بقيادة البطل في طريقها إلي النقطة لينهال عليهم قصف طيران العدو. إلا أن معنويات البطل وجنوده كانت في السماء وواصل تقدمه نحو الهدف. وبدأ في اقتحام النقطة بالفعل ليجد دبابات العدو وبدأت في الانسحاب في اتجاه الشرق مذعورة ليصدر أوامره علي الفور لرجاله بالتعامل معها. لتكون النتيجة تدمير كل الدبابات وقتل معظم أفرادها وأسر الباقي. وتم اقتحام النقطة والاستيلاء عليها ورفع علم مصر عليها.
أدرك البطل منذ اللحظة الأولي أهمية موقع كبريت كما أدرك أن العدو سيعاود الهجوم المضاد في محاولة لاسترداده. حيث انه كان مقراً لإحدي قياداته الفرعية وملتقي الطرق العرضية شرق القناة. ويمكن منه السيطرة علي كل التحركات شرق وغرب منطقة كبريت. وأنه يعتبر نقطة الاتصال بين الجيشين الثاني والثالث. وبالفعل حاول العدو استرداد الموقع مراراً. إلا أنه فشل فشلاً ذريعاً. ونتيجة لفشل العدو المتكرر في استرداد النقطة قاموا بحصارها بأمل تحقيق هدفه عن طريق عزلها عن باقي القوات المصرية. ومنع الإمداد عنها واستمر هذا الحصار لمدة 134 يوماً كاملة حتي فرض علي العدو اتخاذ قرار الانسحاب نتيجة اتفاق الفصل بين القوات رغم ظروف الحصار القاسية.
وفي يوم 13 يناير 1974 بينما كان البطل ابراهيم عبدالتواب يقود احدي الغارات علي العدو سقطت دانة غارة للعدو بالقرب منه فاستشهد أسطورة الصمود وكانت آخر كلمات قالها: "إياكم والتفريط في الموقع فشرف مصر وكرامة جيشها معلق بنصركم".
أرسل قائد الجيش الثالث برقية إلي موقع كبريت من هيئة عمليات القوات المسلحة وذكر فيها: "نقدر فيكم روح البطولة والفداء ونحيي روح الشهيد إبراهيم عبدالتواب.. أملنا وثقتنا كبيرة في صمودكم وثباتكم.. تحيتنا لجميع رجالكم وإلي الأمام علي طريق النصر".
تعاهد الرجال علي الصمود كما أراد الشهيد العظيم.. وكانت الدانة التي استقرت احدي شظاياها داخل جسد الشهيد العظيم آخر دانة تطلق علي الموقع. فقد انسحب العدو بعد أيام تنفيذاً لاتفاقية فصل القوات وبقي موقع كبريت وقائده البطل الشهيد ابراهيم عبدالتواب إلي الأبد رمزاً للبطولة والصمود. وتم دفن الشهيد مقدم.أ.ح.إبراهيم عبدالتواب ملفوفاً بعلم مصر وإعطاء ابنته مني مصحفه وسبحته تنفيذاً لوصيته. وكرمته القوات المسلحة بمنحه وسام نجمة سيناء من الدرجة الأولي عام 1974 بعد وفاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.