يقدّم المبدع كريم الشناوي في فيلمه ضي او سيرة أهل الضي "لوحة بصرية غاية في الجمال وعاطفية حد ذرف العبرات تنسج من هموم الهامش خيوطًا من الأمل. إنه ليس فيلمًا عن مرض جلدي أو مراهق مختلف، بل حكاية عن الحلم الذي يصر على أن يشق طريقه وسط ظلال التهميش وقسوة النظرات. وجراح التنمر. الفيلم يتتبع قصة ذلك الفتى الألبينو النوبي "ضي" (بدر محمد) الذي يجد نفسه غريبًا في قريته بجنوب مصر، حيث يفضحه بياض بشرته في مجتمع تعوّد على السمرة ولون طمي النيل لكنه حمل في قلبه حلمآ آخر هو أن يكون مغنيًا مثل مثله الأعلى محمد منير. ومن تلك الرغبة تبدأ رحلة عائلية من أسوان إلى القاهرة، رحلة تحمل في ظاهرها محاولة لتحقيق ودعم طموح وفي باطنها بحث عن هوية وانتماء ومعنى. كل مافي هذا الشاب مضئ يعكس احلامه التي تبدد الظلام من حوله . الإخراج اعتمد بساطة مؤثرة، بعيدًا عن المبالغات الميلودرامية. لغة الصورة كانت رائعة بعدسة عبد السلام موسى تحوّل المكان إلى شعور؛ النيل والطرق الطويلة رموز للقدر، والقاهرة فضاء للاختبار والاصطدام بالعالم الجديد . اختيار هذا القالب منح السرد مرونة، وأتاح للشخصيات التغيّر والنضج مع كل محطة جديدة الأداء التمثيلي جاء عفويًا وصادقًا، خصوصًا من بطل الفيلم الشاب، الذي أضفى على الشخصية هشاشتها ونورها في آن واحد .اجادت (زينب) اسلام مبارك التعبير وتوصيل كل مشاعر الأمومة بقوتها وحزنها وايمانها بأبنها باستخدام كل ادوات الممثل المحترف، وضيوف الشرف مثل محمد منير .محمد ممدوح وأحمد حلمي .أضافوا لمسات صغيرة لكنها ذات أثر إنساني واضح، لتعزيز فكرة أن التعاطف يمكن أن يأتي من أبسط المواقف. الموسيقى والغناء يشكلان العمود الفقري للعمل؛ فالحلم بالغناء ليس هروبًا بل مقاومة، إعلان أن الصوت أقدر من الصمت على مواجهة العتمة. كأن الإبداع نفسه يصبح سلاحًا ضد التنمر والخذلان. في النهاية، "ضي" قصيدة عن القدرة على تحويل الضعف إلى قوة، والاختلاف إلى نور. فيلم يهمس للمشاهد بأن الجمال قد يولد من قسوة التجربة، وأن الحلم، مهما بدا بعيدًا، يظل قادراً على إنارة الطريق