في لفتة إنسانية تعكس توجهًا أوسع نحو ترسيخ مفاهيم الأمن الإنساني، واصل قطاع الأحوال المدنية بوزارة الداخلية جهوده في التيسير على المواطنين، من خلال إيفاد مأموريات ميدانية إلى عدد من المستشفيات، بهدف استخراج الأوراق الثبوتية والوثائق الرسمية للمرضى، ممن يصعب عليهم التوجه إلى المراكز أو السجلات المدنية بسبب ظروفهم الصحية. هذه المبادرات تعكس تحولًا حقيقيًا في فلسفة العمل الأمني، بحيث لا يقتصر دور الأجهزة المعنية على الجوانب الإدارية أو الإجراءات الرسمية، بل يتعداها إلى التفاعل المباشر مع الحالات الإنسانية، ومدّ جسور من الثقة والاحترام المتبادل بين المواطنين ومؤسسات الدولة. وقد عبّر العديد من المرضى وذويهم عن امتنانهم لهذا التوجه، مؤكدين أن وصول الخدمات إليهم داخل المستشفيات خفف عنهم أعباءً كثيرة، سواء على المستوى النفسي أو الجسدي، وقدم صورة حقيقية للتعاون بين الجهات الرسمية والمواطنين. وقال حقوقيون إن هذه الخطوات تنم عن وعي حقيقي داخل وزارة الداخلية بأهمية مراعاة البعد الإنساني في أداء الخدمات، وتؤكد أن المفهوم الحديث للأمن لم يعد مقتصرًا على حماية الأرواح والممتلكات فقط، بل يشمل أيضًا تقديم الدعم والرعاية والتيسير للفئات الأَولى بالرعاية، وفي مقدمتهم المرضى وكبار السن وذوي الإعاقة. ويأتي هذا التوجه في إطار سياسة أوسع تنتهجها وزارة الداخلية، هدفها تسهيل تقديم الخدمات الجماهيرية، وتخفيف التكدس داخل المقرات الرسمية، والاعتماد بشكل أكبر على وسائل وتقنيات الوصول الميداني للمواطنين، وهو ما يعزز كفاءة الأداء من جهة، ويزيد من رضا المواطنين وثقتهم في مؤسسات الدولة من جهة أخرى. كما شدد عدد من المتخصصين في قضايا حقوق الإنسان على أهمية استمرارية هذه المأموريات الميدانية، باعتبارها نموذجًا يُحتذى به في تكامل الأداء الحكومي، حيث يتم المزج بين الجانب الأمني والتكافل الاجتماعي، بما يعكس صورة حضارية لمنظومة العمل داخل مؤسسات الدولة. وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية كانت قد أطلقت في السنوات الأخيرة عدة مبادرات خدمية وإنسانية مشابهة، تستهدف الوصول إلى الفئات الأكثر احتياجًا في مواقعهم، سواء داخل المستشفيات أو دور الرعاية أو المناطق النائية، ما يعكس تفهمًا حقيقيًا لاحتياجات المجتمع، ويؤكد على أن المواطن يظل في قلب أولويات العمل الأمني.