كل من يتابع التحولات والأحداث التى تدور فى الإقليم ومسار الحرب على غزة التى تقارب العام، عليه أن ينظر إلى مقررات القمة العربية الإسلامية التى عقدت فى قطر، والتى بالرغم من التوقيت تحمل لهجة ولغة جديدة وتلويحا بأوراق وتحركات وحديثا عن إلغاء مسارات السلام، وعزل إسرائيل بشكل أكبر مما هو الآن، بجانب الدفع نحو دعم مسار الدولة الفلسطينية. القمة حملت رسائل مهمة وأفكارا وتوجهات يفترض العمل على تنفيذها، حتى لا يبقى الأمر مجرد بيانات، خاصة أنها جاءت ردا على الاعتداء الذى قام به الاحتلال الإسرائيلى على السيادة القطرية، ومحاولة اغتيال قيادات حماس الأعضاء فى وفد التفاوض مع إسرائيل بمعرفة وموافقة الولاياتالمتحدة وإسرائيل، وهو ما يجعل الاعتداء خيانة، فضلا عن أنه إهانة للولايات المتحدةالأمريكية، وهو ما دفع الأمير تميم بن حمد آل خليفة للتساؤل بكلمته فى القمة عما إذا كانت إسرائيل تريد اغتيال قيادات حماس.. فلماذا تتفاوض معهم؟. السؤال يكشف عن غياب أى أفق أو هدف لدى رئيس الوزراء الإسرائيلى بينيامين نيتنياهو، الذى يبدو هو الآخر عالقا فى غرور القوة معزولا فى الإقليم والعالم بسبب سياساته وحرب الإبادة التى يشنها على غزة، والجرائم التى يرتكبها بقتل الأطفال والنساء مع غياب أى أفق للحرب، والوصول إلى خيانة الحلفاء والاتفاقات ومع هذا فشل فى استعادة المحتجزين بالقوة أو القضاء على حماس، وإن كان بالفعل قد نفذ اغتيالات لقيادات ربما كان يمكن إنزالها أدوات سياسية تنهى الحرب. الشاهد أن بيان القمة العربية الإسلامية يدين الاعتداء على السيادة، ويطرح لأول مرة للنقاش فكرة الأمن العربى والإسلامى، حيث أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى الدعوة لمواقف رادعة تمنع تكرار العدوان. من هنا يجب النظر إلى القمة العربية الإسلامية التى انعقدت بحضور كبير لرؤساء وملوك أو مستويات تمثيل كبيرة، ومن لم يحضر أكد تضامنه مع قطر وإدانة العدوان الإسرائيلى على سيادة قطر. فى كلمته، وضع الرئيس السيسى أساسا لمعادلة جديدة تقوم على التضامن والأمن المشترك فى المنطقة، ووصف الغارة الإسرائيلية على قطر بأنها سابقة تهدد الأمن العربى والإسلامى، وطالب بمحاسبة المعتدى، بل إن الرئيس حذر نتنياهو من أن غرور القوة لا يحقق الأمن. السيسى خاطب الشعب الإسرائيلى بشدة قائلا: «إن ما يجرى حاليًا يقوّض مستقبل السلام ويهدد أمنكم، ويضع العراقيل أمام أى اتفاقيات سلام جديدة، بل ويُجهض اتفاقات السلام القائمة».. وفى حديث الرئيس تلويح واضح بإمكانية تقويض السلام والاتفاقات القائمة، وهو تلويح يحمل خطا جديدا، بل وربما ينسحب على مبادرة السلام العربية التى تم عقدها بهدف إحلال السلام وقيام الدولة الفلسطينية، وبقيت معلقة، ولم تذكر فى القمة الأخيرة لكن ذكر إعلان الأممالمتحدة قيام الدولة الفسطينية بتصويت 142 دولة، وهو ما أكد عليه الرئيس السيسى محذرا الاحتلال «لن يخسر الفلسطينيون وحدهم، بل سيخسر الإسرائيليون أيضًا أمنهم ومستقبل علاقاتهم مع الإقليم»، جدد الرئيس تأكيد رفض التهجير، والحصاد والتجويع، واستهداف المدنيين، مؤكدا أن التهجير خطر لا يخدم دولا فقط، لكن العالم كله. إقليميا، دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى وضع رؤية مشتركة للأمن والتعاون الإقليمى بشكل يمنع الهيمنة، ويضمن وجود فعل رادع وآليات لتنفيذ القرارات العربية، ودوليا أعلن دعم إعلان نيويورك ومؤتمر «حل الدولتين»، المزمع عقده فى نيويورك يوم 22 سبتمبر، داعيًا إلى الاعتراف الفورى بدولة فلسطين. الكلمات التى صيغت بها البيانات والكلمات تعبر بالفعل عن تغير ما، خاصة أن نتنياهو أصبح يشعر بالعزلة، ويشير إلى مواقف دول أوروبية واتجاهات لتأييد الدولة الفسطينية. كلمات ورسائل الرئيس السيسى منحت القمة سخونة وأعادت فكرة التلويح والردع، والتشكيك فى مدى تحقيق الأمن من القوة فقط أو الإهداء على السيادة، وهو هنا يدعم موقف وآليات يمكنها تحقيق الردع، وخطوط حمراء ضد التهجير، وتوضيح خطره على الإقليم وعلى العالم وحتى على الاحتلال، ولا يرى السيسى غير السلام القائم على الحق، بعيدا عن غطرسة قوة يثبت التاريخ أنها لا تفيد إلا فى مزيد من العنف والصراع، الذى يمكن أن يغير المشاعر والأفعال. قمة الدوحة ورسائل الردع ضد التهجير