جامعة العاصمة تنظم معرضا متكاملا بالتعاون مع محافظة القاهرة    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين" بعددٍ من المدن الجديدة    أشرف خيري رئيسا لغرفة الدعاية والإعلان.. وعبدالعاطي ورفان وكيلين    بعد حادث تريلا المريوطية.. كيف تحصل على تعويض حال تعرض سيارتك للحريق؟    388 شاحنة مساعدات ومواد بترولية تغادر معبر رفح إلى كرم أبو سالم دعما لغزة    البيت الأبيض يعلق على احتجاز ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا    مركز الميزان يدين بشدة استمرار جرائم قتل وتجويع وتهجير المدنيين الفلسطينيين    هايدينهايم ضد بايرن ميونخ.. البافاري بطل الشتاء في الدوري الألماني    الجيش اللبناني يعلن العثور على جهاز تجسس إسرائيلي مزود بآلة تصوير    تشكيل منتخب جزر القمر لمواجهة المغرب في افتتاح كأس أمم أفريقيا    حملة مكبرة على محور السيالة لإزالة المخالفات بدمياط    ريهام عبد الغفور تصل إلى العرض الخاص لفيلمها الجديد خريطة رأس السنة    التواء في القدم، المهن التمثيلية تكشف تفاصيل الحالة الصحية ل إدوارد    مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة ينظم عرضا خاصا لفيلم فلسطين 36    في جولة جديدة.. المركز الثقافي بطنطا يستضيف العرض المسرحي توتة توتة    محمد المشعل وحازم أحمد يقدمان ديو "جناين ورد" باللهجة المصرية    أسباب قلة الوزن عند الأطفال الرياضيين    مجلس الشيوخ يوافق على تعديلات قانون الكهرباء لضبط المال العام    تجاوزت 8% خلال أسبوع.. استمرار قفزات الفضة بسبب نقص المعروض وتزايد الطلب    مدير تعليم القاهرة تكرم الطلاب ذوي الهمم بمدرسة الفسطاط    التشكيل الرسمي لمباراة مانشستر يونايتد وأستون فيلا في الدوري الإنجليزي    حقيقة توقيع يوسف بلعمري مع الأهلي 3 مواسم ونصف.. مصدر يكشف    الأهلي يفوز على إنبي بثلاثية في دوري السيدات    ضبط طرفي مشاجرة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    سيسكو يقود هجوم مانشستر يونايتد أمام أستون فيلا في البريميرليج    وكيل الأزهر يلقي محاضرة لعلماء ماليزيا حول "منهج التعامل مع الشبهات"| صور    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    على أنغام الربابة.. نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك| صور    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    الصحة: إغلاق 11 مركزًا خاصًا للنساء والتوليد ب 5 محافظات لمخالفتها المعايير الطبية    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    رئيس الإمارات يبحث مع نظيره الفرنسي تعزيز العلاقات    أمن الجيزة يفحص فيديو اقتحام عدد من الخيول فناء مدرسة بمنطقة بولاق    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    فيديو | الجمهور يتجمع حول محمد إمام إثناء تصوير "الكينج"    الداخلية تكشف حقيقة فيديو محاولة سرقة شخص بالسيدة زينب: خلافات عائلية السبب    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    27 سفينة بضائع إجمالي حركة السفن بميناء دمياط اليوم    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    محافظ أسيوط: استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف المواهب الرياضية    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    فضل العمرة فى شهر رجب.. دار الإفتاء توضح    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    شهر رجب.. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    كورتوا: حمل شارة قيادة ريال مدريد كان حلما.. ومن الصعب إيقاف مبابي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر في محور النفوذ: قراءة في التحولات الاستراتيجية والإقليمية
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 09 - 2025

يشهد الشرق الأوسط اليوم تحولات جيوسياسية متسارعة تكاد تعيد رسم خريطة القوة والنفوذ في المنطقة. تصعيد عسكري عبر حدود دولية، ضربات جوية متفرقة، وعمليات استخباراتية تستهدف مواقع حساسة، كل ذلك يثير سيناريو "انتشار الصراع" ويضع الدول الكبرى في الإقليم أمام تحدي موازنة الردع مع تجنب الانزلاق إلى مواجهة شاملة. في قلب هذه المعادلة تقف مصر، قوة تاريخية وجامعة، تجمع بين دور الوسيط الدبلوماسي وبين سياسة أمنية رادعة تحفظ لها مكانة محورية في معادلات الإقليم.
الدور المصري لا يقتصر على الحضور الأمني، بل يتجسد في قدرة القاهرة على إدارة ملفات شائكة عجزت عنها قوى كبرى. ففي التاسع من سبتمبر 2025، نجحت مصر في إعادة استئناف التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، عبر وساطة دقيقة أثمرت اتفاقًا تقنيًا حال دون تصعيد أزمة نووية إقليمية. هذا النجاح لم يكن مجرد إنجاز دبلوماسي، بل شهادة على قدرة مصر على استثمار ثقلها السياسي لتثبيت الاستقرار ومنع تفجر أزمات عابرة للحدود.
التحرك المصري نحو توسيع التعاون مع تركيا، وفتح قنوات سياسية وأمنية مع إيران، يمثل خروجاً مدروساً عن قيد الاصطفافات الجامدة التي هيمنت على المنطقة لعقود. القاهرة لم تنخرط في تحالفات شكلية، بل وظّفت علاقاتها لبناء محور ردع مرن، يتيح لها إدارة الملفات الشائكة في سوريا وليبيا والسودان وغزة. نجاحها في رعاية اتفاق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد فشل قوى كبرى في ذلك، برهان على امتلاكها أوراقاً لا يملكها غيرها.
إقليميًا، تنسج القاهرة شبكة علاقات معقدة تتراوح بين التنسيق والتوتر. فالتقارب المصري-التركي في ملفات أمنية محددة، وفتح قنوات اتصال مع حماس والجهاد، يوجهان رسائل واضحة لإسرائيل بأن مصر تملك هامش حركة أوسع مما تتصور. في المقابل، يتسم موقف القاهرة بالحذر إزاء قضايا مثل الملف اليمني أو تصاعد نفوذ الحوثيين، وهو ما يشي باستراتيجية مرنة تحافظ على استقلال القرار المصري، وتتيح إمكانية تغيير المواقف عند أي مساس بالمصالح القومية. هذه السياسة المتوازنة تزيد من حساسية الحسابات الإسرائيلية وتجبرها على إعادة تقييم علاقتها بمصر، خصوصًا مع تراجع مستويات التنسيق الأمني مؤخرًا واتخاذ القاهرة إجراءات إدارية ودبلوماسية تُقرأ كإعادة ضبط لأسس العلاقة، لا كقطيعة نهائية.
العلاقة بين القاهرة وتل أبيب تمر بمرحلة توتر متنامٍ. تخفيض مستوى التنسيق الأمني، وتعليق اعتماد السفير، والتصريحات الصريحة برفض تهجير الفلسطينيين، كلها مؤشرات على أن مصر ترسم خطوطاً حمراء لا تقبل التجاوز. هذه السياسة لا تعني اندفاعاً نحو المواجهة، لكنها رسالة ردع واضحة: مصر قادرة على تعطيل المخططات الإسرائيلية متى استشعرت تهديداً مباشراً لأمنها القومي.
على الضفة الأخرى، تسعى مصر إلى تعميق شراكاتها الدولية، مستفيدة من ثقلها الجيوسياسي. فإعلان الاتحاد الأوروبي عن قمة مع القاهرة في بروكسل في أكتوبر 2025 يمثل اعترافًا متجددًا بمكانة مصر كشريك استراتيجي في ملفات الطاقة والتجارة والهجرة، ويفتح أمامها مسارات اقتصادية جديدة تعزز قدرتها على مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية. هذه الشراكة الأوروبية ليست مجرد تعاون اقتصادي، بل امتداد لاستراتيجية مصرية أوسع توظف الاقتصاد كأداة قوة موازية للقوة العسكرية.
لهذا فإن الدعوة الأوروبية لعقد قمة مشتركة في بروكسل، ومشاركة مصر المتكررة في قمم العشرين، تعكس إدراكاً متزايداً في العواصم الكبرى أن القاهرة لم تعد شريكاً ثانوياً، بل لاعباً رئيسياً لا يمكن تجاوزه. هذه المكاسب الدبلوماسية تمنح مصر غطاءً سياسياً واقتصادياً يحصّن خياراتها الإقليمية، ويزيد من كلفة أي محاولة لعزلها أو تهميش دورها.
المؤسسة العسكرية المصرية تظل الضامن الأول لاستقرار الدولة وأمنها القومي. فالقاهرة تدرك منذ عقود أن صلابة الداخل مرهونة بقدرة الجيش على الردع والتصدي لأي تهديد خارجي. لذلك تستثمر مصر بشكل متواصل في تحديث قواتها وتطوير قدراتها الاستراتيجية، إدراكًا منها أن الوساطة الدبلوماسية لا تكون مؤثرة إلا حين تستند إلى قوة صلبة. وفي السياق ذاته، عززت القاهرة من قدراتها البحرية والجوية، خصوصًا في شرق المتوسط، حيث يشكل الغاز والطاقة محورًا جديدًا لصراع النفوذ. هذا التمركز العسكري يمنح مصر موقعًا متقدمًا في معادلة حماية الممرات البحرية وضمان أمن الطاقة العالمي.
إلى جانب ذلك، حققت مصر مكاسب اقتصادية مهمة خلال الأعوام الأخيرة، سواء عبر استقطاب استثمارات، أو تعزيز الإنتاج المحلي من الغاز والأسمدة، أو دعم استقرار العملة وانتعاش قطاع السياحة. هذه الإنجازات الاقتصادية ليست معزولة عن بعدها السياسي؛ إذ تُوظَّف كأوراق قوة في السياسة الخارجية، تمنح القاهرة مصداقية أكبر وقدرة أوسع على التأثير في ملفات الإقليم.
في المحصلة، تتحرك مصر على خطين متوازيين: دبلوماسية نشطة تسعى إلى احتواء الأزمات وتفادي تفجرها، وقوة عسكرية واقتصادية توفر الردع وتمنع المساس بالمصالح الوطنية. هذه الثنائية تمنح القاهرة موقعًا فريدًا في زمن يتسم بالاضطراب، لكنها في الوقت نفسه تضعها أمام تحديات مستمرة، خصوصًا مع سيولة التحالفات وتغير الحسابات الدولية.
إن ثبات الموقف المصري، القائم على حماية الأمن القومي وتوظيف المكاسب الاقتصادية والدبلوماسية في آن واحد، يجعل من القاهرة قوة لا يمكن تجاوزها في أي معادلة تخص مستقبل المنطقة. فهي ليست مجرد لاعب يراقب الأحداث، بل ركيزة رئيسية تعمل على ضبط إيقاع الصراع، وتحويل مساراته نحو الاستقرار كلما أمكن، مع إبقاء يدها الأخرى على زناد الردع، لتظل قادرة على حماية مصالحها في مواجهة أي سيناريو محتمل.
مصر لا تبحث عن مواجهة مفتوحة، لكنها تبني شبكة مصالح تكسر احتكار القرار من قبل قوى إقليمية ودولية. نجاح القاهرة في ملفات حساسة، وضبط الإيقاع في إقليم ملغم بقضايا مفخخة، يجعلها لاعباً لا يمكن تجاوزه — لكن ذلك يحتاج إدارة دقيقة لتفادي تدحرج الأزمة إلى صدام شامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.