نود أن نغرس في وجدان أبنائنا أن الوطن بحدوده المترامية، وجغرافيته المتميزة، يقطنه شعب أصيل، له حضارة غائرة، وتاريخ مشرف، وثقافة زاخرة بالتراث المفعم بالقيم النبيلة، والأخلاقيات الفريدة، والخصائص التي شكلت طبيعة، وهوية الإنسان المصري؛ كي تتحمل الأجيال تلو الأخرى مسئولية الحفاظ على هذا الوطن، وتحصن أركانه؛ فلا يتجرأ على ترابه كائن من كان؛ ومن ثم نود أن نعمل بصورة مقصودة على تنمية وعيهم تجاه مفاهيم عظيمة الشأن، والقدر، يتوقف عليها بقاء الأمم والأوطان، وصمودها، ومقدرتها على اجتياز الصعوبات، والمحن، وصورة المستقبل خاصتها. تعزيز الهوية يتوقف على وعي قويم، يتضمن جملة من المعارف والممارسات، والوجدانيات، التي تجعل الجيل يحافظ على مكنون ثقافته، ويفتخر بلغته، ويتمسك بمعتقده، كما ينبغي أن يدرك الأبناء ماهية الاندماج الاجتماعي، الذي يخلق نسيج الأمة المتين؛ فنضمن تماسكنا، وصلابتنا، فلا نُصاب بمرض الانقسام، ولا الشرذمة، ولا البحث عن الخصوصية، التي تضير بالمصالح العامة؛ ومن ثم تشفى الصدور، وتصطف الأبدان، والبنان، التي تسحق مخططات من يريد النيل من الأوطان. الحرية المسئولة، تقوم عليها فلسفة العدالة، والمساواة؛ فالحفاظ على كيانات الدولة فوق كل اعتبار، وأمن، وأمان، واستقرار ربوع الوطن بيئة مواتية للتنمية، والتقدم، والازدهار؛ حيث تطمئن القلوب، وتجتهد الأيدي، وتفكر العقول؛ حينئذ ترى نتاجًا يانعًا، لا يتوقف في شتى المجالات، وترقب حالة من النشاط لصورة إنسان محب، وعاشق لتراب بلده؛ فتشاهده يبدع ويبتكر، ويبني، ويعمر، ويشيد، ويحافظ، ويصون، ويقوم بشتى الممارسات الإيجابية، التي تضفي لمسات الجمال على كل بقعة من الأرض، والجدران. سلاح العلم، وفقه المعرفة، والمقدرة على صناعة المعلومات، وخوض غمار التقنية، والحرص على متابعة اكتساب خبراتها المتجددة، يساعد كل ذلك في بلوغ الريادة، ويضعنا على طريق التنافسية المحمودة، التي تجعلنا قادرين على الإنتاج، ساعيين إلى تحقيق حالة الاكتفاء، وراغبين في شراكات تضيف إلى الحياة جودة، ولمجالاتها رفاهية، غير مسبوقة؛ لذا يتوجب أن يدرك فلذات أكبادنا أن الأمم المتقدمة بمنهجية العلم، تفوق قدراتها ومقدراتها أمم أخرى، تخلفت عن ركابه المتسارع؛ ومن ثم تعلم علم اليقين؛ بأن النهضة تقوم على عمل، يعتمد على إتقان العلوم في شتى ألوانها. بلوغ الأحلام، وتحقيق الأمنيات، والسعي وراء أهداف مشروعة، تحتاج منا أن ندرك ماهية الصبر الجميل، وفلسفته، ويتطلب منا أن نعي فحوى، تحمل المسئولية والمثابرة، والرباط من أجل بلوغ الغاية، ويستوجب أن نفقه الأمل وجأش الرباط المجتمعي، تشكل وقود العطاء، ودافع الاستمرارية، وهذا كله لا يفارق قيمًا، عززت من العزيمة، التي عضدت مقدرتنا على التضحية، والوفاء، والأمانة والشرف، والإخلاص والصدق؛ فلا مجال لمقايضة تراب الوطن بأغلى الأثمان، ولا منزع من مناوئة كل ما يضير بحصن بلادنا، وبقاءها. على الأبناء أن يعوا بأن الحياة في مجملها تقوم على حيوية النتاج، والعطاء، والتوقف عن ذلك يؤدي إلى الذبول؛ فصعود أمم، واندثار أخرى، مرهون بمواكبة التطور، واللحاق بقطار النهضة؛ فالعمران برهان على النور، الذي يشع من قلوب أنارت الطريق بالعلم، والمعرفة، وسارت تواجه العواصف، حتى تغلبت على تموجات المخاطر؛ فصارت البصيرة صوب أبواب العمل، وإبداعاته، التي تغير مجريات الحياة من الحسن إلى الأحسن؛ فأضحت الأرض خصبة، يخرج منها الكلأ، وتحمل جنباتها خيرات لا تنتهي. سبيلنا نحو تنمية، وبناء يشمل مجالات الحياة المختلفة، لا يخرج عن ضرورة الوعي بهويتنا، التي تزيد رغبتنا في تحصيل خبرات العلم؛ لنصل للابتكار، وهذا لا ينفصل عن إدراك لتاريخنا المجيد، ولا يجعلنا نحيد عن مسئوليات تحقق التكافل فيما بيننا، وتفتح أبواب الشراكة نحو بناء وطن حر، ويساعدنا في استشراف مستقبلنا المشرق؛ فنتحول من قائمة المستهلكين في كل شيء، إلى الذين يمتلكون التفرد في الإنتاج؛ ومن ثم نضيف إلى رصيد حضارتنا، ونثري مكنون ثقافتنا، ونحافظ على أمجاد السابقين ممن نفتخر بهم في هذا البلد الأمين.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.