التفاعل المباشر والسريع واللامحدود لأجهزة البحث الجنائى بوزارة الداخلية مع فيديوهات المواطنين أو ما يمكن تسميته ب"البلاغات المصورة" أوجد حالة كبيرة من الارتياح بين أوساط الناس فى كافة أنحاء الجمهورية فى المناطق الراقية والشعبية وفى الحوارى والأزقة، لإعادة الانضباط الأمنى فى الشارع المصرى، وترسيخ مفهوم الأمن الجنائى، ومحاربة المظاهر الدخيلة على المجتمع المصرى، خاصة مظاهر البلطجة واستخدام الأسلحة النارية بجرأة لم يعتادها المصريون. فرحة المواطنين بالتجاوب السريع من جانب وزارة الداخلية أعاد الثقة بين أجهزة الوزارة وأقسام الشرطة وبين الناس مع تشجيع الإعلام الأمنى وإطلاقه لمبادرة "صور وابعت" عبر جهاز المحمول لأية مخالفات مرورية أو جنائية فى أى منطقة فى مصر، وبعث الأمل فى استعادة هيبة الأمن فى الشارع حتى تطمئن الأسر على أبنائها وبناتها. لا يمكن إغفال المجهودات الكبيرة التى تقوم بها الشرطة المصرية فى ضبط الأداء الأمنى فى الشارع فى ظل التحديات الأمنية الأخرى التى تواجه البلاد فى الداخل والخارج، والنجاحات التى حققتها -وما زالت- الشرطة ضد تنظيمات الإرهاب. علاوة على المسئوليات الأمنية مع التوسع العمرانى والتمدد السكانى، وهو ما أضاف مهاما ضخمة على عاتق الأمن المصرى فى الداخل. مصر توسعت عمرانيا فى كل أنحاء البلاد بصورة لافتة وفقا لخطة التنمية الأفقية التى أعلنت عنها الدولة منذ 10 سنوات تقريبا، ويتطلب ذلك التوسع فى الخدمات الأمنية والتواجد الأمنى فى المدن والمناطق السكنية الجديدة مع زيادة الاهتمام بالمناطق القديمة سواء بإعادة هيكلة المنظومة الأمنية والتوسع فى خريطة انشاء أقسام الشرطة أو زيادة عدد الدوريات الراكبة والراجلة وتوظيف التطور اللافت مجال تكنولوجيا المعلومات لصالح استتباب الأمن فى الشارع المصرى، ومواجهة الجريمة ومظاهر الانفلات الأخلاقى والاجتماعى والسلوكي. تسخير وسائل التواصل الاجتماعى واستخدامها بصورة إيجابية بالتعاون بين المواطنين وأجهزة الأمن يساهم بالتأكيد فى الردع والحد من حالة الانفلات والاسهام فى انخفاض معدلات الجريمة، واستعادة الثقة فى أجهزة الأمن. فالفيس بوك أصبح بصورة أو أخرى هو المعادل العصرى لعسكرى الدرك الذى كان ينتشر فى شوارع المحروسة، كما رصده عدد لا بأس به من أفلام الأبيض والأسود فى السينما المصرية ويمكنه مع خطط وإجراءات أمنية أخرى تحقيق الأمن الجنائى المثالى فى مصر. فالأمن الجنائى فى مصر هو مسئولية قطاع الأمن العام بوزارة الداخلية، والذى يضع وينفذ الخطط لمكافحة الجريمة بكافة أشكالها، ويعمل على كشف الجرائم وضبط مرتكبيها، بالإضافة إلى متابعة المحكوم عليهم والهاربين، وتطوير أدوات البحث العلمى والفنى لمواجهة الجرائم المستحدثة كالجرائم الإلكترونية، بالتعاون مع أجهزة البحث والتحقيق والجهات المختصة. فالتكنولوجيا سلاح ذو حدين، حد الإيجابى باستغلالها كأحد الأدوات المهمة فى مكافحة الجريمة وجمع الأدلة المتصلة بالواقعة وضبط المتهمين، العمل على تحديد أماكن المتهمين الهاربين والقبض عليهم دون الانتظار للإجراءات الروتينية وتخفيف الضغط عن أقسام الشرطة، فرض الأمن وتطبيق سيادة القانون ومواجهة الظواهر السلبية والسلوكيات الشاذة التى تهدد المجتمع المصرى، يعزز من الاستقرار الاجتماعى والرضاء الشعبى عن أداء أجهزة الأمن الداخلية والوثوق فيها والتعاون معها، وهو ما يزيد من منسوب الوعى الوطنى والمشاركة الشعبية فى مواجهة مخاطر الأمن. متابعة الجهود المبذولة فى مكافحة الإرهاب وتوفير الأمان والاستقرار المجتمعى، والتنمية المستدامة والوعى القومى تأتى على رأس اهتمامات القيادة السياسية باعتبارها عناصر أساسية لاستراتيجية أمن مصر القومى، بجانب مهام حماية وتأمين حدود وحقوق الدولة ضد المخاطر التى تهددها على كافة الأصعدة، كما أن هذه العناصر ذاتها تشكل تحديات أيضا. التفاعل بين المواطنين والشرطة بالمبادرة الأخيرة يؤكد أن استعادة الانضباط بالشارع المصرى فرض عين على الجميع، وألا يقتصر على الالتزام بقوانين وآداب المرور فحسب بل يقتضى بذل المزيد من الجهود فى مجال الأمن الجنائى مدعوما بجهود مضاعفة من الأجهزة الأمنية المختصة، كشرطة المرافق ومباحث النشل والنقل والمواصلات وشرطة التموين والبحث الجنائى ومباحث الآداب والخدمات النظامية المختلفة وغيرها، على أن يتم ذلك وفق استراتيجية ورؤية احترافية لتحقيق الانضباط المنشود بشكل مهنى مرحلى يستهدف ترسيخ الشعور لدى المواطنين والسائقين بالتواجد الأمنى الفعال وعدم التمييز والمساواة أمام القانون. ويكون ذلك مدعوما باستراتيجية إعلامية وثقافية توعوية لتنمية الوعى القومى لدى المواطنين والارتقاء بالسلوك العام فى الشارع، والمساهمة فى إعادة هيبة القانون من خلال مواجهة الظواهر السلبية والإجرامية التى بدا أن بعضها يأخذ شكل الاعتياد مثل مخالفات المرور، الباعة الجائلون وافتراش الطرق، التسول، التوك توك، سلوك البلطجة وغيرها من الجرائم والمخالفات. من واجبنا إلقاء الضوء على مشكلات المجتمع الذى نعيش وسطه وننتمى إليه بغرض الإصلاح والصلاح، وطرح الأفكار التى يمكن ان تساهم فى القضاء على السلبيات واستعادة القيم والأخلاق النبيلة فى مواجهة بعض الثقافات الشاذة التى تستهدف قيم الأسرة والعائلة والمجتمع لصالح مجتمعات افتراضية بديلة. الأعباء الأمنية الملقاة على عاتق وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية متعاظمة بقدر الإنجازات المحققة، ومن هنا تظهر مدى الحاجة للدعم المادى والمعنوى من المجتمع للأجهزة الأمنية بالدولة، للحفاظ على مؤسسات قوية تلتزم بالدستور والقانون وحقوق الإنسان . فاستقرار الأوضاع الأمنية مسئولية مشتركة بين أجهزة الأمن والمواطنين. التحرك السريع من أجهزة الأمن للبلاغات الإلكترونية المصورة يقضى أيضا على مظاهر السلبية داخل المجتمع تجاه مظاهر الخلل داخل الشارع المصرى، بشرط ألا يتم استغلالها بصورة سيئة فى الانتقام أو الابتزاز، وهو ما حذرت منه النيابة العامة بعدم نشر أو تداول مقاطع مرئية أو صور تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، أو نشر أخبار غير صحيحة من شأنها تضليل المجتمع وتكدير السلم والأمن العام، لما يشكله ذلك من جرائم يُعاقب عليها القانون. وتناشد النيابة العامة المواطنين بضرورة الإبلاغ عن أى جرائم يشهدونها من خلال التواصل مع الجهات المختصة أو الإبلاغ مباشرة إلى النيابة العامة عبر تطبيق "واتس آب".