لا أحد في العالم يمتلك وضع تصور لشكل الصراعات حال اختفاء ترامب بأي صورة كانت تقليدية أو استثنائية، فاختفاء ترامب سيجعل العالم بأسره أمام لعبة الألوان الحقيقية، التي سينظر فيها الجميع للجميع، والكل يتحسس مسدسه، وغيابه الكارثى "تقليدى أو غير تقليدى" سيحدث سيحدث، ويتذكر الباحثين والمهتمين حينما رحل فرنكلين رزوفلت الرئيس الأمريكي في الحرب العالمية الثانية، وتولى ترومان المسئولية، كان ترومان هو صاحب القاء قنبلتي هيروشيما ونجازاكى، وهو الأمر المرشح بقوة أن يحدث نفس النمط تقريبا في مستقبل الصراع الأمريكي الروسى، وهذا النمط لا يدركه ترامب، ويعرفه بوتين جيدا، والمواجهة بين الطرفين نتيجتها الحتمية إما أن تنهار روسيا، أو ينهار الأمريكيين، وبوتين يستعد لتلك اللحظة جيدا، بينما لا يفهمها ترامب على الاطلاق، وقد يكون ترامب لا يحب التعمق في تلك الرؤى، لكنه في النهاية هو الشاغل الآن لمنصب رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، ونائبه دى فانس أقل خبرة وعقلانية، وقد يكون أسوء بكثير مما يظن هو في نفسه، وبالتالي نحن أمام مسدس ترامب من يستخدمه اذا اختفى، بينما يقف بوتين يمسك لوحة أوربا ويرسمها بفرشاة صغيرة، تنتظر لحظة الاختفاء!. يقول ترامب في تصريحاته المتلاحقة التي لا رقيب لها بأن بوتين الرئيس الروسى لن يسيطر على أوكرانيا، طالما كان ترامب في الرئاسة، وتلك الصياغة في التعبير هي أحد طرق النرجسية والغطرسة التي يعيشها الرئيس الأمريكي ترامب، وكأن مصير أوكرانيا، ومصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية تتوقف على بقاء ترامب، وبالتالي فاختفاء ترامب يعنى اختفاء على الضمانات والاتفاقات التي قام بتوقيعها على ضمانته الشخصية، والعاقل من القادة والرؤساء يفهم ذلك ويستوعبه، ويعد الخطط لمواجهة ذلك السيناريو. في تلك اللحظات تعمل الولاياتالمتحدةالأمريكية بأكملها على تطويع شكلها وإرادتها لتناسب أفكار شخص بمفرده، وهو الأمر الذى يتعارض كليا مع أكلشيهات الطفولة والتي كان يخبرنا بها الأساتذة في الفصول بأن أمريكا إدارة، وليست شخصا، حتى أن لقبها في العالم الإدارة الأمريكية، وقد نسف ترامب كل تلك الاكلشيهات، وهذا النسف يستدعى كل الباحثين والمعنيين، والمتخصصين في تلك المحاور، أن يحدثوا خططهم، ويتم إجراء تطوير شامل لكل الخطط، والسيناريوهات، خاصة في ظل الشره الإسرائيلي، والإحباط الأوربي، وكلها أمور تفرض الزاميا على الجميع بأن يطور السيناريوهات وفق الواقع الذى نعيشه حاليا، ولو لم يحدث ذلك، ستكون العواقب وخيمة. في غزة تلك المساحة الفاضحة للعالم وأفكاره وقوانينه، والتي لا تتعدى مساحة 365 كم، ظن البعض في وقت من الأوقات أنه يعرفها، وظن آخرون أنهم يمتلكون الرؤية في التعامل معها، وقد أثبتت الشهور الماضية أن كل ذلك كان أمرا نظريا، والواقع شيئا آخر، وهذا الواقع لا يجب تكتيفه تحت وجهة نظر واحدة أيضا، تقف مع طرف على حساب آخر، وهذا الواقع يجبرنا على التعامل بقدر من المسئولية التاريخية، وتستدعى أن نتشارك مع التاريخ بالتفاعل معه، والقيام بالدور السليم مهما كان هذا الدور لانحبه ولا نريده، و دراسة سيناريوهات صراع القوى الكبرى، وماذا يمكن أن يحدث في تلك الحالة. يقول الشاعر أمل دنقل في قصيدته الشهيرة لا تصالح "إنها الحرب، قد تثقل القلب". ونحن نكتب هذا المقال هناك عشرات من الشهداء سقطوا في غزة، دون ذنب يذكر، منهم أطفالا ونساء وشباب وكبار سن، وينتظرون كلمة من العالم الصامت!!.