لدينا في مصر مجموعة من الاعتقادات الراسخة عن الموظف الحكومي، وتحديدًا السيدات، فبمجرد أن تسمع كلمة "موظفة" في أي مكان، يقفز إلى ذهنك فورًا صورة "مدام عفاف في الدور الثاني"، وهي الصورة النمطية التي كرستها بعض الأعمال الدرامية والأفلام السينمائية. هذه المرة سأصطحبكم في رحلة مع "مدام منى" الموظفة الإدارية بمستشفى عين شمس الجامعى، تلك السيدة سريعة الأداء، صاحبة الذكاء والبديهة والفطنة الفطرية، سيدة غيّرت في ذهني الصورة التقليدية عن الموظفة الحكومية. سيدة تقوم بأداء أعمالها، وكأنها تتقاضى راتبها بالدولار من شدة حرصها على أداء مهامها بإتقان، بل وتشارك بمجهودها في كل ما يخدم مصالح المرضى وزوار مستشفى عين شمس التخصصي، حتى وإن كان مهام خارج إطار وظيفتها. أشارككم تجربة حقيقية مع هذه السيدة، أو بالأحرى "الدينامو المتحرك"، يعرفها جميع المرضى، ويبحث عنها كبار السن في عنبر العلاج الطبيعي، فهي قادرة على مساعدة الجميع وفهم احتياجاتهم. والأدهى أنها تمتلك قدرة مدهشة – نمسك الخشب طبعًا – على معرفة ملفات المرضى وعددهم بالعشرات. كل مريض يأتي لجلسة العلاج ومعه كارت متابعة مدون عليه رقم ملفه، فتجدها تحضر الملف في ثوانٍ معدودة، والأغرب أنها تفعل ذلك يدويًا وسط عشرات الملفات الطبية المتراكمة في دواليب الغرفة، دون اللجوء إلى جهاز كمبيوتر. تحدثت إليها يومًا لطلب ملفي الطبي، فوجدتها منهمكة في مهام كثيرة، هاتفها الشخصي تحول إلى "كول سنتر" يرد على ما يقرب من 300 حالة مرضية، رغم أن هذا العمل ليس من مهام وظيفتها، فكل من يبحث عن أي معلومة أو خدمة يتصل مباشرة ب"مدام منى". إنها مثال حي وحقيقي للموظفة المثالية المتفانية في عملها، التي يجب أن يُحتذى بها، وأن تكون نموذجًا ملهمًا لكل من يبحث عن قصة صادقة في التفاني وخدمة الناس، وخاصة أصحاب المرض.