انقلاب على الثورة

طوال الشهور الماضية بنى المصريون أحلامًا عريضة من الحرية والديمقراطية وتقدُّم بلادهم بعد الثورة العظيمة التى استطاعت أن تخلع أكبر نظام ديكتاتورى فى الشرق الأوسط.. كل هذه الأحلام أصيبت بخيبة أمل مع حكم المحكمة الدستورية بالإبقاء على شفيق فى انتخابات الرئاسة وبطلان البرلمان المصرى المنتخب من قبل الشعب.. الأمر الذى يعد انقلابًا صريحًا على الثورة أولا وعلى الإسلاميين ثانيًا ويرجع مصر إلى المربع صفر.
أعتقد أن الإسلاميين، وعلى رأسهم الإخوان، قادرون على استيعاب الصدمة التى مثلها حكم المحكمة الدستورية بما لديهم من مرونة وديناميكية سياسية وبما يملكون من قوة وتواجد بالشارع المصرى.
لقد أصبحت اليوم مهمة الجماهير المصرية مضاعفة الاحتشاد والمشاركة على صناديق الانتخابات الرئاسية والوقوف بقوة خلف مرشح الثورة الدكتور محمد مرسى لقطع الطريق أمام فلول النظام البائد من الوصول لكرسى السلطة.. أعتقد أن الشعب المصرى الذى سطر ملحمة من البطولة وأدهش العالم بنضاله وثورته قادر على أن يواصل صنع الدهشة بعزل أحمد شفيق عن المشهد السياسى من خلال صناديق الاقتراع بإسقاطه فى انتخابات الرئاسة.
اليوم الشعب المصرى فى اختبار حقيقى، فهو أمام خيارين لا ثالث لهما، إمَّا أن ينحاز للثورة والحرية وبناء دولة جديدة قائمة على الديمقراطية وتداول السلطة، وهو ما يُمثِّله الدكتور محمد مرسى.. وإمَّا أن ينحاز للعودة إلى الاستبداد وإنتاج نظام مبارك وهو ما يُمثِّله شفيق، وهو أمر محال لأن الشعب الذى ذاقَ طعم الحرية وضحَّى من أجل الثورة بدمِه وأبنائه لا يمكن أن يعود للقهر والاستبداد بقدميه مرة أخرَى.
على شفيق الذى فرح بحكم الدستورية أن يدرك أنَّ الشعب هو سيد الموقف فى الانتخابات، وعليه أن يتوارَى خجلاً عن المشهد السياسى فيدُه مُلَوَّثة بدماء الثوار فى موقعة الجمل.
رغم ضبابية المشهد فعلينا أن نَثِق بنصر الله واكتمال الثورة، ونسعى بكل قوة لتعبئة الجماهير لعزل شفيق وتأييد محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية، ولا نملك إلا أنَّ نردِّد قول موسى لقومه: «اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَْرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ».