تجدد العطاء عبر بوابة الحب، الذي لا ينضب يزيد من روابطنا، وتواصلنا، ومقدرتنا على استكمال المسيرة الحياتية بكل تنوعاتها وفي كافة مراحلنا العمرية، وبدون هذه العلاقة المفعمة بالحنان المتجدد، ينتاب الإنسان منا كثير من السلبيات، التي قد تسبب له إحباطات متتالية، أو تجعله أنانيًّا، لا يرى إلا كل ما يحقق له نفع، يعود إلى شخصه، ورغم ذلك تراه غير راضٍ، أو قانع، بل، تجد المطامع لديه، لا تنتهي، والخروج عن السياق بالنسبة له، مبرر من أجل أن ينال ما يريد. تآلف الأرواح تقوم على ماهية الحب اللامتناهي، الذي لا تتوقف تدفقاته في الشرايين؛ فيبدو نبض القلب، يستمد قوته من فيضه، رغم ما نواجه من ضغوطات جرّاء مواقف، تحمل في طياتها آلامًا، تشوبها مشاعر الحزن؛ لكن أحاسيس المحبة، التي تترجمها همسات القرب، وكلمات تخترق سياج الوجدان؛ لتبعث فيه طاقة تتجدد من الحين إلى الآخر، وهنا نوقن سحر المعاني، التي تغمر قلوبنا سعادة، توعز إلينا شعور اللهفة لكل من نُكِنُّ له هذه العاطفة الجياشة، التي نرصدها في ملامح تراها العين، وتترجمها الجوارح. سبب الاشتياق يكمن في حب، لا يتوقف مداده تجاه من نحيطه بنسيج الرعاية، والاهتمام عبر تواصل روحي، ومادي، وهنا ندرك الفلسفة، التي تقف خلف زيادة الحنين في قلوبنا؛ لذا فإننا نعي الأسباب تجاه محاولات سدّ سبر هذه العاطفة؛ فتهدأ النفوس عندما تتسمع أو تسمع، أو تهمس لكلمات من نحب، وينشرح الوجدان، عندما نرى من نُكِنُّ له مقدار المحبة، وتتعالى طرائق الإشباع لدى الإنسان منا وفق طبيعة العلاقة السوية المتبادلة بين الطرفين. العطاء، الذي لا ينضب، ولا يتوقف، مهما تبدلت الظروف، وتغيرت الأحوال، وتعددت المتغيرات، يكمن في حب، غير محدود؛ ومن ثم ندرك أن العاطفة لا تحكمها قوانين النفعية، أو هواجس المتعة المؤقتة، أو أهداف نخطط من أجل بلوغها، أو مرامٍ مشتركة، تعود بالثمرة على طرفي المعادلة، أو تكوين علاقات، وروابط، سواءً أكانت مؤقتة، أم مستدامة؛ لكن عاطفة الحب تحمل في مكنونها تقاربًا في سحائب الأفكار، التي تجعل أرواحنا تسكن في قلوب من نحب؛ فتستقر تموجات المشاعر، وتقلبات الأحاسيس في واحة هادئة، يحوزها الحبيب دون مواربة. من يرغب في فهم ماهية السكينة، التي تكسو القلوب، عليه أن يطالع فلسفة الحب، الذي لا يتوقف مداده؛ ليكتشف أن ضياء الأفئدة مستمد من علاقة، تسيطر عليها مهجة القلوب؛ لتسقط في كهوف الوجدان؛ فتنير أوصاله؛ ليقضي على وجد ما يعكّر الأمزجة، ويسبب التعاسة، ويورّث الحزن؛ فنخرج من ضلالات التيه إلى طيف رقى المشاعر، التي تدفعنا إلى الاستمتاع بمن له مقدار في القلوب ودرجة في المحبة؛ فنغرف له من كل ما يشبع سعادته؛ ليزداد القرب، وتذوب مسببات الخلاف، والاختلاف بين الأحبة، وتمتلئ القلوب بالطمأنينة. العطاء اللامتناهي عبر بوابة الحب، لا يسمح للقسوة أن تأخذ مكانًا في القلوب، بل، تستخدم على سبيل حماية من نحب؛ لنحرك مشاعره في الاتجاه القويم، ونصون وجدانه من الهرولة وراء المتعة المزيفة، وندفع بأحاسيسه تجاه الاستمتاع بجمال مفردات الحياة، ونحفظ عقله من غيابات الريبة، والشك؛ لتهدأ صراعات النفس الداخلية، وتستلهم طاقتها من جعبة من تحب، وهنا نصل إلى مرحلة اليقين تجاه مشاعر الآخرين. عطاء الحب نهر جارٍ، لا يتوقف أبد الدهر؛ فيحتمل في مكنونة خواطر الشوق، والاشتياق، ويمكث في أعماقه كنوز المحبة والعشق، يعلوه مقادير من أمنيات، وأمل، وطموح، لا ينقطع مداده، ويطفو على سطحه فيض المحنة، والحنان؛ فعلى أعتابه نتجاوز قسوة الأيام، ونوازل الزمن، وعلى إثره نواصل مسيرة العطاء.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.