محافظ الإسكندرية يُدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 ويدعو للمشاركة الإيجابية    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الإثنين 10-11-2025    جامعة كفر الشيخ تستقبل طلاب ريادة الأعمال الجدد وتكرم المتميزين    الدفاع المدني بغزة: نواجه كارثة حقيقية حال عدم إدخال مستلزمات الإيواء    محكمة بباريس تعلن أن ساركوزي سيُفرَج عنه تحت المراقبة القضائية    ترامب لفاراج عن أزمة BBC: هل هذه الطريقة التي تعاملون بها أفضل حلفائكم؟    إلغاء المئات من الرحلات الجوية في أمريكا في ظل الإغلاق الحكومي    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    أحمد الكاس يعلن تشكيل منتخب مصر أمام إنجلترا في كأس العالم للناشئين    علاء إبراهيم: ناصر ماهر أتظلم بعدم الانضمام لمنتخب مصر    تحديد موعد مباريات قبل نهائي دوري مرتبط السلة للرجال    توافد الناخبين بعد انتهاء ساعة الراحة فى لجان إمبابة    محافظ المنوفية يزور مصابى حريق مصنع السادات للاطمئنان على حالتهم الصحية    الداخلية تكشف حقيقة سكب سيدة مادة كاوية على أخرى فى الشرقية    بعد تصريحاته في الجزائر.. شاهد اعتذار ياسر جلال للمصريين: كنت غلطان    فن الكاريكاتير وورشة حكى للأوبرا بمناسبة اليوم العالمى للطفولة    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    3272 متقدما فى اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    اشتريت سيارة ووجدت بها عيبا فهل يجوز بيعها دون أن أُبين؟.. الأزهر للفتوى يجيب    «درس أرنولد ومعانقة الذهب».. قصة ظهور زيزو الأول ضد الزمالك    فيلم «عائشة لا تستطيع الطيران» يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش    «السياحة»: المتحف المصري الكبير يستقبل 12 ألف زائر منذ صباح اليوم حتى الآن    بدور القاسمي تشهد إطلاق كتاب الشارقة: عاصمة الثقافة    تعرف على مدة غياب كورتوا عن ريال مدريد بسبب الإصابة    تاجيل محاكمه 17 متهم باستهداف معسكر امن مرغم بالاسكندريه    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    السجن 7 سنوات وغرامة مليون جنيه لسارقي الآثار بالشرقية    بتكلفة 2.37 مليار جنيه.. وزير التعليم العالي يتفقد مشروعات جامعة الأقصر    سفير مصر بالمغرب يحتفل بتكريم ليلى علوي في مهرجان الرباط الدولي    وزارة الصحة توفر الرعاية الطبية للناخبين أمام لجان الاقتراع فى الأقصر وأسوان    لقاء الشرع بأشد الداعمين للكيان الإسرائيلي في واشنطن يثير الجدل، والنشطاء: بداية تنفيذ مطالب أمريكا    «غير مستقرة».. آخر تطورات الحالة الصحية ل محمد صبحي بعد نقله للعناية المركزة    العرجاوي: إعفاء الصادرات المصرية من الجمارك الصينية خطوة استراتيجية لتعزيز الشراكة بين القاهرة وبكين    انطلاق برنامج «مشواري» لتنمية مهارات الشباب في الشرقية    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    سحب 837 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    من المتحف الكبير لمعرض فى روما.. كنوز الفراعنة تهيمن على العالم    البنك المركزي المصري يطرح عطاء أذون خزانة بقيمة 1.5 مليار دولار    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    المفتي: الشائعة زلزال يهز الثقة وواجبنا بناء وعي راسخ يحصن المجتمع من الاضطراب    سعر الذهب اليوم فى مصر يسجل 5420 جنيها للجرام عيار 21    وزير الصحة يلتقي وزيرة الشؤون المدنية في البوسنة والهرسك    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل أحمد المسلماني تاجر الذهب بالبحيرة لتعذر حضورهما    نفذوا جولات استفزازية.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    انطلاق أعمال التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمهندسين    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره المالي    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    «الثروة الحيوانية»: انتشار الحمى القلاعية شائعة ولا داعٍ للقلق (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"جبل على كتفي" الشعر بوصفه بناءً شعوريًا مفككًا
نشر في اليوم السابع يوم 25 - 07 - 2025

في زمنٍ يزداد فيه الشعر انكماشًا داخل قوالب السوق أو يتوارى خلف ترف لغوي لا يلامس نبض الحياة، تأتي تجربة د. سارة حامد حوّاس في ديوانها "جبل على كتفي" كصرخة ناعمة، لكنها مدوّية في عمقها، تطرح علينا سؤالًا جوهريًا: ماذا يحدث عندما تخرج القصيدة عن نطاق الحقول البلاغية، وتتجذر في هشاشة الإنسان؟
إنها كتابة لا تبحث عن الإيقاع، بل عن الاختلال. لا تهتم بالبنية، بل بتشظي البنية. لا تهادن المعنى، بل تشكك فيه. ففي هذه النصوص، لا نعثر على القصيدة كما عرفناها، بل على أطياف لغوية، تتسلل كالهواجس في ليل وعي مضطرب. كأن النص ينحت نفسه من الطين الخام للروح، لا من الأحجار المصقولة للأسلوب.
"جبل على كتفي" ليس عنوانًا مجازيًا، بل جملة وجودية، تعلن أن ثقل الحياة، بكل ما فيه من قلق ومعنى وفقدان، قد استقر فوق الذات. وهذا الثقل لا يُروى بل يُعاش، لا يُتغنّى به بل يُنزَف. من هنا، فإن الكتاب ليس ديوان شعرٍ بالمعنى التصنيفي، بل شهادة ذات مأزومة، تكتب من منطقة ما بعد الألم، من منطقة اللايقين، من الحافة التي لا سند لها.
تتفكك الذات في هذه التجربة، لا لأنها ضعيفة، بل لأنها في أقصى درجات الوعي بذاتها وبعالمها. فلا غرابة أن تتكرر تصاوير تعابير الانكسار والانفصال، لا بوصفها مزاجًا سوداويًا، بل لأنها تعبير عن مقاومة داخلية ضد اللغة، ضد التنميط، ضد الاختزال. نحن أمام كتابة تعي تمامًا أن الشعر قد خان أصوله كثيرًا، وأن اللحظة الراهنة لا تحتمل إلا الصدق المجروح، المتلعثم، المنكسر.
لا تسعى الكاتبة إلى بناء قصيدة، بل إلى هدم القصيدة من الداخل، لتقيم على أنقاضها نصًا عفيًا جديدًا ينهض من شظايا الحلم والتجربة والذاكرة. هناك رفضٌ عميق لكل ما هو نهائي أو مغلق. القصائد قصيرة، مقطعة، مترددة، كأنها تصرخ من فراغ داخلي لا يمكن ترميمه. ولعل في هذا التقطيع نوعًا من مقاومة السرد، ونبذًا للنهاية. كل مقطع هنا هو بداية لجرح، لا يُكمل الآخر، لكنه يتجاور معه كما تتجاور الخسارات.
ثمة وعي نسوي باطني لا يرفع شعارات، بل يتسلل في بنية النص نفسها: في طريقة انكساره، في مقاومته للتراتبية، في انحيازه للهمس على حساب الصراخ، في إعادة تعريف الألم كهوية لا كعار. لا تقدم الكاتبة "أنثى" تطلب تعاطفًا، بل "ذاتًا" تسائل العالم. وهذا، في حد ذاته، فعل تحرر.
في هذه التجربة، لا مكان للتطريب. الصوت منخفض، لكنه حادّ. اللغة قليلة، لكنها دامية. القصيدة تتحول إلى فعل وجودي، إلى محاولة للتماسك وسط السقوط. والمفارقة أن هذا الانكسار الجمالي يفضي إلى نص أقوى من كثير من القصائد المكتملة شكليًا، لأنه لا يحاول أن يكون شيئًا سوى ما هو عليه: مجرد وجع صادق مكتوب بحبر خافت.
إننا هنا أمام كتابة تسير على أطراف أصابعها، لا تريد أن تملأ الفراغ، بل أن تعترف به، تعايشه، تمنحه صوتًا. كتابة تشبه التنفس تحت الماء، حيث كل نفسٍ معجزة، وكل صمتٍ حياة.
بهذا المعنى، جبل على كتفي ليس ديوانًا، بل بيانًا داخليًا. لحظة نادرة من الكتابة التي لا تصرخ، بل تتهجى معاناتها. لا تعلن، بل تلمّح. لا تشرح، بل تشير.
إنها كتابة امرأة تعرف أن اللغة قد لا تنقذ، لكنها على الأقل تمنح الشكل المؤقت للتيه، وتمنحنا نحن القراء مرآة مشروخة، نرى فيها أنفسنا أكثر صدقًا مما لو نظرنا في مرآة كاملة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.