الإرادة الشعبية تكتمل من خلال نظم ديمقراطية تقوم على حرية مسئولية عبر صناديق انتخابات لا تشوبها شائبة تتيح لمن له حق التصويت أن يدلي برأيه دون توجيه، أو ممارسة ضغوط، أو تزييف، أو أي ممارسة من شأنها تحدث خللًا في نزاهة وشفافية تلك العملية التي يقع على عاتقها تكوين كيانات تعمل على تحقيق غايات هذا الشعب، الذي اختاره بعناية وبمحض إرادته كي يصل صوته من خلاله ومن ثم يفي بمتطلباته واحتياجاته ويحاول بكل السبل أن يصل لمستويات طموحاته وأحلامه المشروعة. الدستور أقر النظام الانتخابي لتبنى مؤسسات قادرة على العطاء المستدام من خلال مراقبة ومتابعة ومطالبة وتحفيز وتعزيز لمؤسسات الوطن التي تقدم خدمات وتنتج ما يعود أثره الطيب على الوطن؛ ومن ثم لا منأى عن ديمقراطية تقوم على النزاهة في الممارسة والتحالف من أجل مصالح الوطن؛ وهذا لن يتحقق بعيدًا عن مشاركة فاعلة وواسعة من قبل جموع هذا الشعب الذي يمنح الشرعية للمؤسسات المنتخبة التي تعبر عن مطالبة. الحق الدستوري يحث أن نختار من فئات هذا المجتمع من يمثله بعدالة؛ ليتنازل عن مسار خصوصيته ويرتقى وينحاز لهذا الشعب؛ فيطالب بمنهجية منضبطة وفق إجراءات معلومة بما يحقق مصالحة ويزيد من ثقته في مؤسساته الوطنية وقيادتها، وهنا يستلزم وجوبية المشاركة التي تؤكد على أمرين، أولهما شمولية وعمومية الانتخابات في كافة ربوع الوطن بكامل دوائره المختلفة، والأمر الثاني يتعلق بعدالة التوزيع؛ لنضمن أن يصبح صوت الشعب بكافة مكوناته ممثلًا في المؤسسات البرلمانية، وهذا ما يؤكد فلسفة الانضباط المؤسسي والديمقراطية الشاملة. إمكانية المساءلة والمحاسبية بوابتها الرئيسة الانتخابات التي تكون برلماناتٍ له هو حق الأصيل؛ ليخضع كل مسئول للاستجواب، ويقدم انجازاته وتقدمه في الملف المخول له؛ ومن ثم يقيم ويمنح الثقة من عدمه، وهذه الممارسة تمثل حق دستوري يجب التضافر من أجل اختيار من لديه مقومات ومهارات المحاسبية في إطارها العلمي الصحيح؛ وفي خضم ذلك تصبح لدينا مؤسسات برلمانية قوية قادرة على العطاء وتقدم أفضل ما لديها لشعب يستحق التقدير والاحترام والامتنان. لا ننظر إلى الانتخابات بأنها فرض كفاية إذا ما قام بها جزء من الشعب سقط عن الباقيين؛ لأنها حق دستوري للجميع ترقى لكونها مهمة قومية؛ ومن ثم يجب ألا يستثنى منها أحد، أو يتقاعس عن واجبها أحد؛ فلا ندع الفرصة لمن يروجون للشائعات المغرضة أن يكرسوا السلبية في النفوس، من خلال العمل الممنهج حول إضعاف الثقة في مؤسساتنا الوطنية، وهنا نؤكد أن قوتنا في تضافرنا من أجل أن نمضي في طريق النهضة والتنمية مرورًا بحالة من الاستقرار المجتمعي والسياسي على السواء. الشعب الحر يدافع عن مؤسساته الوطنية ويقويها بالطرائق الشرعية من خلال مشاركة فعالة في العملية الانتخابية، تلك الممارسة الديمقراطية الحميدة التي تؤصل للحريات المسئولة وتخلع نظم الوكالة وكل ممارسة الانحراف المؤسسي التي تبقى على من يحولنها عن مسارها القويم ويحققون منها مصالح خاصة تضير بمصالح الشعب دون مواربةٍ؛ لذا لا مأمن لفرض حالة الانضباط إلا بمؤسسات لها حق إذعان الجميع تحت إطار المساءلة والمحاسبية المستمرة. تعالوا بنا نوري العالم قاطبة قوة المصريين في المطالبة بحقهم الدستوري عبر صناديق الاقتراع من خلال مشاركات جماهيرية تؤكد أننا نعشق تراب هذا الوطن فنظهر حالة التلاحم والترابط والتماسك؛ فنخرج في مظهر يهابه العدو وندلي بأصواتنا في صناديق الاقتراع؛ لنثبت أن الدولة المصرية بها شعب أبي وتمتلك مؤسسات وطنية قوية تعمل بنزاهة وشرف كي ترتقي بمقدراتها البشرية والمادية على السواء.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع. أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر