بدأ مجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، في جلسته العامة المنعقدة اليوم الإثنين، مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الطاقة والبيئة والقوي العاملة ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن الدراسة المقدمة من النائبة نهى أحمد زكي، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين وكيل لجنة الطاقة والبيئة، بشأن دراسة الأثر التشريعي للقانون رقم 102 لسنه 1983 في شأن المحميات الطبيعية. واستعرضت النائبة نهي أحمد زكي، تفاصيل التقرير البرلماني، موضحة أن القانون الذي صدر منذ أكثر من 40 عاما، لم يعد كافيا لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة، لاسيما أنه ركز فقط على الحماية البيئية المطلقة دون تنظيم العلاقة مع المجتمعات المحلية أو إتاحة الفرص للتنمية المستدامة. وعددت "زكي" ما رصدته الدراسة من أوجه القصور في القانون الحالي، أبرزها غياب الآليات القانونية لتنظيم الاستخدام الآمن للموارد الطبيعية داخل المحميات، ضعف العقوبات المنصوص عليها مقارنة بطبيعة الجرائم البيئية الحديثة، محدودية دور جهاز شئون البيئة وعدم منحه الصلاحيات الكافية في إدارة وتخطيط المحميات. وقالت "نهي أحمد" أن الحفاظ على المحميات الطبيعية لا يجب أن يتعارض مع دعم الاقتصاد المحلي، داعيا إلى تحديث الإطار التشريعي ليتضمن أنشطة سياحية واقتصادية مستدامة داخل المحميات، وإشراك المجتمعات المحلية في إدارة المحميات، فضلا عن تغليظ العقوبات على المخالفين، ووضع تصنيف علمي للمحميات وتحديد استخدامات كل نوع، مع إنشاء آليات تمويل مرنة تضمن استدامة حماية الموارد. وانتقدت "زكي"، غياب أي تنظيم قانوني يتيح للمجتمعات المحلية المقيمة داخل أو بالقرب من المحميات أن تكون جزءا من إدارتها أو الاستفادة من مواردها بطريقة مستدامة، مشيرة إلى أن هذا الانفصال تسبب في نشوء صراعات وممارسات ضارة بالبيئة، كما قلل من فرص التنمية الاقتصادية المحلية، داعية إلى إعادة النظر في فلسفة القانون ككل، بحيث يتحول من إطار للحماية البيئية الصارمة إلى أداة لتحقيق تنمية متوازنة تأخذ في الاعتبار البعد البيئي والاقتصادي والاجتماعي في آن واحد. ونوهت "زكي" إلي أن اللجنة المشتركة من لجان الطاقة والبيئة والقوى العاملة، ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، عقدت جلسات حوار موسعة مع وزارات البيئة والسياحة والتنمية المحلية، بالإضافة إلى عدد من الخبراء، والتي أجمع الجميع خلالها علي ضرورة تعديل القانون بما يتناسب مع التحديات الحالية والفرص التنموية المرتبطة بالمحميات. ولفتت البرلمانية، إلي أن التقرير أكد علي أن القانون رقم (102) لسنة 1983 بشأن المحميات الطبيعية، وعلى الرغم من كفاءته في الفترة التي صدر فيها، لم يعد كافيا في ظل التطورات البيئية والتشريعية والاقتصادية التي شهدتها مصر والعالم خلال العقود الأربعة الماضية، فضلا عن التوصية بتعديل تشريعي شامل للقانون رقم (102) لسنة 1983، مع التأكيد على ضرورة ألا يكون التعديل جزئيا أو ترقيعيا، بل متكاملا يستجيب لتحديات الحاضر والمستقبل. وعددت نهي أحمد زكي، التوصيات التي انتهت إليها اللجنة ومنها توسيع اختصاصات جهاز شئون البيئة ليقوم بدور محوري في تخطيط وتصنيف المحميات الطبيعية علميًا وجغرافيا، إدارة المحميات بالتعاون مع المجتمعات المحلية القاطنة فيها أو المحيطة بها، إعداد وتنفيذ استراتيجيات تنمية مستدامة توازن بين الحفاظ على البيئة وتحقيق عوائد اقتصادية. وفي محور العقوبات، أوصى التقرير بضرورة تحديث مواد العقوبات لتكون أكثر فاعلية وردعا للمخالفين، خاصة في ظل تصاعد التعديات البيئية والأنشطة غير القانونية داخل بعض المحميات، مشددًا على أهمية أن تتناسب العقوبات مع حجم الأضرار التي قد تلحق بالنظم البيئية الفريدة داخل تلك المناطق. واقترحت اللجنة إنشاء آليات تمويل مستدامة لدعم إدارة وتشغيل المحميات، سواء من خلال إنشاء صندوق خاص للمحميات، أو فرض رسوم دخول واستغلال بيئي وسياحي منظم، على أن تُوجه هذه الموارد مباشرة لصيانة وتطوير المحميات دون تحميل الدولة أعباء إضافية. وشدد التقرير على ضرورة السماح بممارسة أنشطة اقتصادية وسياحية داخل المحميات، لكن وفق ضوابط بيئية دقيقة وصارمة، بما يضمن عدم المساس بالتنوع البيولوجي أو النظم البيئية الهشة، مشيرًا إلى أن كثيرًا من دول العالم نجحت في تحويل المحميات إلى مصدر دخل قومي دون الإضرار بجوهرها البيئي. ودعت اللجنة في توصياتها إلي ضرورة إصدار لائحة تنفيذية تفصيلية للقانون المعدل، تحدد بدقة مهام الجهات المختصة، وآليات إصدار التراخيص، وأوجه الرقابة، وشروط تنفيذ الأنشطة داخل المحميات، لضمان التنفيذ السليم والفعال للنصوص القانونية الجديدة.