السيسي: الحلم أصبح حقيقة بفضل العلاقات الاستراتيجية مع روسيا    أحلام ناخب    لوجود عيب تصنيع.. حماية المستهلك يستدعي هذا النوع من الشواحن    عن عملات مستقرة وغير مستقرة    السعودية وأمريكا تتفقان على بناء وتطوير بنى تحتية متقدمة للذكاء الاصطناعي    جيش الاحتلال: بدأنا مهاجمة أهداف لحركة حماس في أنحاء غزة    الدكتور مصطفى ثابت يقدم خالص العزاء للنائب محمد شبانة عضو مجلس نقابة الصحفين    لقطات من وصول شيكابالا لحفل «كاف» للأفضل في أفريقيا 2025    الملحقان العالمي والأوروبي.. 22 منتخبا يتنافسان على 6 بطاقات للتأهل إلى كأس العالم 2026    ضبط صانعة محتوى بثّت فيديوهات خادشة للحياء بهدف الربح.. فيديو    تأجيل محاكمه 56 متهم بالانضمام للجماعه الارهابيه بالتجمع لهذا السبب    محمد سامي يثير الجدل بمطالبة جمهوره باختيار موعد عرض مسلسله الجديد 8 طلقات    نجوم الفن.. سلامتك يا تامر    جمال حسين: سنطلق أول قناة فضائية عربية متخصصة في الثقافة من مصر    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    دول منظمة D-8 تعتمد إعلان القاهرة لتعزيز التعاون الصحي المشترك    خبراء الطب يحذرون من التشخيص الخاطيء ل«الانسداد الرئوي»    46.200 مشجع في استاد القاهرة لمباراة الزمالك وزيسكو بالكونفدرالية    هل دخل الشقق المؤجرة الذي ينفق في المنزل عليه زكاة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ كفر الشيخ يناقش جهود مبادرة «صحح مفاهيمك» مع وكيل الأوقاف الجديد    منتخب مصر في المستوى الثالث لكأس العالم 2026 بعد تصنيف فيفا لشهر نوفمبر    تعزيز الانتماء والولاء عبر أدب اليافعين في مناقشات المؤتمر السنوي العاشر    شيخ الأزهر: القضاة ركيزة أساسية في إرساء العدالة وبسط الأمن والاستقرار في المجتمعات    منتخب مصر يتراجع في تصنيف فيفا ويحتل المركز 34    جنازة المخرج خالد شبانة عقب صلاة العشاء بالمريوطية والدفن بمقابر العائلة بطريق الواحات    من يعود إلى المنزل بهذه الجوائز.. كاف يبرز كؤوس الأفضل في حفل الرباط    غرامة 100 ألف للمخالف.. بدء الصمت الانتخابى بانتخابات مجلس النواب ظهر غدا    جامعة أسيوط تطلق قافلة طبية مجانية لعلاج أسنان الأطفال بكلية طب الأسنان    وجبات ذهبية للأطفال بعد التمرين حفاظا على صحتهم ونشاطهم    إبراهيم صلاح: تعجبت من قرار إقالتي من تدريب جي.. وسأرد في الوقت المناسب    استعدادا لاستضافة cop24.. البيئة تكثف أنشطة التوعوية بالمحافظات    المسلماني: برنامج دولة التلاوة يعزز القوة الناعمة المصرية    إزالة 296 حالة مخالفة ضمن «المشروع القومي لضبط النيل» بالمنوفية    النيابة الإدارية تبدأ التحقيق في واقعة تنمر واعتداء على تلميذة بالدقهلية    الأرصاد تكشف تفاصيل الطقس..ارتفاع درجات الحرارة مع فرص أمطار متفرقة    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    انهيار والدة وخطيبة صاحب ملجأ حيوانات ضحية صديقه أثناء جنازته.. صور    سارة خليفة متورطة في شبكة عائلية لتصنيع وترويج المخدرات    بعد اكتمال المشروع| ماذا تعرف عن الكابل البحري العملاق 2Africa ؟    منتخب شباب الهوكي يتوجه للهند 23 نوفمبر للمشاركة في كأس العالم    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    محمد حفظي: العالمية تبدأ من الجمهور المحلي.. والمهرجانات وسيلة وليست هدفا    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    معرض رمسيس وذهب الفراعنة في طوكيو.. الأعلى للثقافة: دليل على تقدير اليابان لحضارتنا    فيلم بنات الباشا المقتبس عن رواية دار الشروق يُضيء شاشة مهرجان القاهرة السينمائي    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    الإحصاء: معدل الزيادة الطبيعية في قارة إفريقيا بلغ 2.3% عام 2024    الإعدام والمؤبد ل 4 عاطلين.. قتلوا شابا لخلافهم على قيمة المخدرات    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت البنية التحتية للطاقة والسكك الحديدية    محافظ قنا يوجه بتسريع وتيرة التقنين والتصالح واستكمال معاينات المتغيرات المكانية    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حول الإسعافات الأولية لتعزيز التوعية المجتمعية    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من تاريخ الخوارج «4»
نشر في اليوم السابع يوم 14 - 05 - 2025

ما زلنا مع الحديث عن حركة الخوارج، فأرجو من القارئ العزيز مراجعة الحلقات السابقة من هذه السلسلة.
«اعتزل يا عثمان أو نقتلك».. هكذا صاح المتمردون على الخليفة عثمان بن عفان، فلما قال لهم إنه لم يكن ليخلع قميصا ألبسه له الله، ضربوا حصارا على داره ومنعوا عنه الطعام والشراب.
كانت هذه الخطوة بمثابة «نقلة نوعية» لمنهج حركة القراء، فمن الطعن فى كفاءة الخليفة، ثم الاجتراء على الطعن فى دينه من الأساس -رغم مكانته كصحابى كبير - ولما لم يجد هؤلاء رادعا من التصعيد، انتقلوا للخطوة التالية التى ستصبح جزءا أساسيا من منهج أى تكفيرى جاء بعد ذلك: نفذ ما أقول أو أقتلك!
خطوات محسوبة بدقة، فلم يكن هؤلاء ليأخذوا الخطوة من التشكيك فى كفاءة الخليفة عثمان بن عفان وأهليته لمنصبه إلى اتهامه فى دينه إلا بعد اطمئنانهم لأنهم سيجدون «ظهيرا» لهم من القابلين للتعاطف مع دعوتهم، ولم يكونوا ليأخذوا خطوة أوسع فى رفع السلاح والتهديد بالقتل ومحاصرة دار الخليفة إلا بعد اطمئنانهم لنتائج «المظاهرة المسلحة» التى قاموا بها فى المدينة لإجبار الخليفة على تنفيذ مطالبهم.. والقاعدة معروفة: مَن أمِنَ العقاب أساء الأدب!
وستكون هذه فاتحة لاجترائهم بعد ذلك على تكفير وإهدار دم كل من خالفهم.. فطالما أنهم لم يجدوا من يردعهم عن طرق هذا الباب فسيحاولون فتحه، فإن فتحوه لم يغلقوه أبدا.
استمر الحصار رغم محاولات كبار الصحابة أن يُرجعوا القراء عن غيّهم، بل حاول أولئك الأخارى اقتحام الدار التى كان يحرسها الحسن والحسين ابنا على بن أبى طالب، ومحمد بن طلحة بن عبيدالله، وعبدالله بن الزبير بن العوام.
وأخيرا تسلل بعضهم إلى داخل دار الخليفة - عبر تسلق دار مجاورة - واقتحموا عليه مخدعه وقتلوه.. لتكون هذه هى الواقعة الأولى من نوعها فى التاريخ الإسلامى، فحتى الخليفة السابق عمر بن الخطاب كان مغتاله فارسيا عنصريا موتورا من تسيُد العرب على الفُرس، أما اغتيال عثمان بن عفان رضى الله عنه فكان أول اغتيال «تكفيرى» لرأس الدولة أو لشخصية سياسية على الإطلاق.
ولأن التطرف هو وحش ما أن ينطلق من محبسه حتى تصعب إعادته إليه، ولأن هذا الوحش قد تذوق طعم الدم واستشعر قوته، فقد كان من الطبيعى أن يصاب بالهوس بعد ذلك وأن يستمرئ هذا الشعور.
يتساءل البعض: إذا كان المتمردون - حركة القراء - قد نجحوا فى اقتحام العاصمة - المدينة - واحتلالها وقتل الخليفة نفسه، فلماذا لم يفرضوا خليفة منهم وهم الذين ينفسون على قريش تصدرها المشهد؟
الإجابة هى أن القراء لم يكونوا بالحمقى، فقد كانوا يدركون «حجم» و«أبعاد» ما حققوا، فإن كانوا قد تطاولوا على مقام الخلافة وقتلوا الخليفة، إلا أن «الاحتفاظ» بالخلافة هو شىء آخر، فلا تزال قريش هى القبيلة القوية ذات البأس والسطوة، وإن ارتكبوا أية أفعال متهورة مثل الوثوب على السلطة، فإلى جانب انكشاف الحقيقة وراء متاجرتهم بالشعارات الدينية، وبالتالى انفضاض الكثير من أتباعهم عنهم، فإنهم سيكونون مهددين بثورة أهل المدينة عليهم، ولأن مصر كانت لا تزال فى أيدى الموالين للخليفة المقتول، والشام فى يد ابن عمومته معاوية بن أبى سفيان، فقد كان هذا يعنى أنهم - القراء - سيكونون محاطين بالسيوف الغاضبة من كل اتجاه.
فكان لا بد من اصطياد عدة عصافير بحجر واحد: إخفاء هدفهم الحقيقى، تهدئة غضب أهل المدينة من مقتل الخليفة، وضرب أثقال قريش بعضها ببعض.
كيف ذلك؟ الإجابة واضحة: بترشيحهم أحد كبار الصحابة للخلافة.. ومحاولة اتخاذه ستارا لألاعيبهم.. توجهوا لكل من طلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام وسعد بن أبى وقاص، رضى الله عنهم، فتعرضوا للرفض والطرد.. فلم يجدوا بدا من التوجه إلى خيارهم الأخير: على بن أبى طالب رضى الله عنه.
ولماذا أصفه ب«خيارهم الأخير»؟ لأنه كان الأكثر أنصارا والأعز عشيرة - بنى هاشم - والأقدم إسلاما، والأكثر اشتغالا بالعلم، مما يعنى أنه كان - حسب رؤيتهم - التحدى الأصعب فى سعيهم لفرض السيطرة على كرسى الخلافة، وكذلك الأصعب فى خلعه عنه لو خرج عن «النَص» الذى كتبوه له.
توجهوا إلى على بن أبى طالب لمبايعته بالخلافة فتمنع ثم وافق بعد إدراكه خطورة بقاء الدولة بلا خليفة، ولكن على شرط ألا تؤخذ له البيعة سرا وإنما علنا فى المسجد النبوى كما هى عادة الخلفاء من قبله، وهى خطوة ذكية لأنه - الإمام على - كان يريد لتوليه المنصب أن يكون شرعيا ولا سبيل للطعن فيه، وألا يكون للمتمردين مجال أن يدعوا فضلا فيه، فإن كانوا قد دعوه للترشح للخلافة، فإنهم لم يولوه بسيوفهم، وإنما أخذ البيعة الحرة من أهل المدينة، فشرعيته من أهل المدينة وليست من القراء.
كانت موافقة الإمام على بن أبى طالب على الترشح للخلافة محل انتقاد من ابنه الحسن الذى كان قد نصح أباه عندما حوصر الخليفة عثمان أن يغادر المدينة كى لا يتهمه البعض بالضلوع فى تلك الجريمة، ونصحه عندما عرض عليه القراء الخلافة أن يرفضها كى لا يقال إنه قد بلغها بسيوفهم.. وهو نقد له وجاهته إلا أن الإمام على كانت له وجهة نظر أخرى، فقد كان يرى فى عنقه مسؤولية لم يكن ليفكر فى التخلى عنها، وكان يرى أن معركته الحقيقية هى فرض السلام لا إخلاء مسؤوليته..
لكن القراء كانت لهم معركة أخرى، فاستقرار الأمر تحت حكم خليفة واحد لم يكن ضمن أهدافهم، بل كان عليهم أن يكملوا خطتهم فى ضرب قوى قريش بعضها ببعض.. وهو أمر كانت الأحداث تسير إليه بسرعة.. وللحديث بقية إن شاء الله فى المقال القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.