هذه الكلمة التى قالها ميكافيلى فى كتابه الأمير، كرهتها تماماً، كما كرهت حالة الفجور السياسى والبلطجة التى يمارسها رموز العمل السياسى على الشعب، حتى صارت هى السمة الغالبة على ما نعيشه فى مصر اليوم، فتاه الناس وتاهت منهم الحقيقة وشوه الحق حتى اختفى، وبدا الباطل للناظرين، والكل يسعى لتحقيق حلمه على أجساد الباقين، لا يبالى بهم ولا يرى إلا لنفسه، ويسعى بكل الطرق والسبل والوسائل أن يقضى على غيره، ليبقى هو فى الصورة وحده. وللأسف فإن هؤلاء المدعين لحب مصر، المتشدقين فى كل الوسائل والمحافل الإعلامية بقيم العدل الاجتماعى وحرية الشعوب وكرامة الوطن والديمقراطية بلا قيود، فعلوا فى شهر واحد أكثر مما فعله مبارك فى 30 عاماً، وهم من قالوا عنه إنه ظالم حرمنا من نسيم الحرية وممارسة الديمقراطية، ومنع عنا النور والماء والهواء، وباعه للشيطان وقبض الثمن، واليوم وبعدما صار الماء صفوا، ونسيم الهواء يجوب مصر ليحيى النفوس، وأشعة النور تذيب الظلام، وعلا صوت الحق وتوارى ضجيج الباطل، وقيدت خطى الشياطين وأذنابها وأعوانها، وصارت لدينا إرادة حرة، يختار كلنا من يريد دون تزييف أو تزوير، أو إهانة لكرامة، أو سلب لحق مكتسب، عاد إلينا المتشدقون والمدعون بليل ليعيدونا للوراء، ويقتلون الحلم فينا، ويمنعون الأمل منا فى يوم جديد ومستقبل سعيد، ويطالبون بإلغاء أول انتخابات حرة ونزيهة عرفتها الأرض المصرية على مر التاريخ، لا لشىء إلا ليصبحوا هم القادة والرؤساء، برغم أنهم راسبون، لم تختارهم إلا فئة قليلة من الشعب، ولم تمنحهم الأغلبية صوتها، ورغم ذلك فإنهم يريدون للناجح أن يتنازل للفاشل، ويريدون أن يلغوا إرادة ملايين أعطت صوتها لمرسى وشفيق، رغم اعتراضنا على الثانى، ويقيننا التام بأن مكانه الحقيقى هو السجن فى زنزانة موقعها بين مبارك والعادلى، إلا أنه من حق من الخمسة ملايين الذين اختاروه ألا تضيع أصواتهم، فهم مصريون تماماً مثلنا. كما أنه من حق المرشح الرئاسى د. محمد مرسى أن يكمل مشوار نجاحه، ويحقق مشروعه الوطنى الذى يأمل فيه لكل مصرى أن يكون إنساناً آخر، وشخصاً جديداً، فى الفعل والقول والعمل والسلوك والحياة بأكملها، ويريد لمصر أن تحيا مرفوعة الرأس شامخة، كما كانت على مدى الدهر. وأعجب من المرشحين الخاسرين صباحى وأبو الفتوح، بعدما رأيت منهما من حالة الأنانية، وحب النفس، والغطرسة السياسية، والافتئات على الشعب، ومحاولة إلغاء حقه فى الاختيار، ومطالبتهما بمجلس رئاسى هما من يمثله، مع المحامى خالد على الذى لم يحظ إلا بأصوات قرية أو عزبة، ومع ذلك فإنه يرى نفسه أحق من غيره بالكرسى، ويريد على الأقل أن ينال قطعة من الفطيرة مع صباحى وأبو الفتوح. وسقط من الثلاثة أقنعة وماسكات طالموا تغنوا بها على مدار شهور، فى الندوات والمؤتمرات والقنوات، ولو أعدنا على مسامعهم ما قالوه قبل الانتخابات لسقطوا مغشياًَ عليهم مما يقولون ويفعلون اليوم، ويطالب الثلاثة بإلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية، بعدما كان من نجاحها الذى شهد له العالم، وبعدما أنفق من مال، وسال من دم، وأزهقت من نفوس، وإن كانوا حقاً لا يريدون مرشح الفلول، أو إعادة إنتاج نظام مبارك، فلماذا يفرضون الشروط والشيكات على بياض على مرشح الإخوان، ويطالبونه بالتسليم لهم ويتهمونه بالانقياد لجماعة الإخوان ويطالبونه بعدم السماع لرأيها، ويعطون هذا الحق لأنفسهم فقط. وأقول لهم، يا سادة نريد رئيساً صاحب رأى حر القرار، قوى الإرادة، غير مكبل بقيود، غير متردد أو مهزوز، ليس أنانياً لا يرى إلا نفسه، حصنه وأمانه الشعب، يمد يده للجميع بحب، يأخذ من الغنى حق الفقير، يكون ملاذ الضعيف أمام القوى، لا يضيع بين يديه حق ولا ينصر عنده باطل، لا يظلم ولا يجهل، قوته ونجاحه فى الشورى على يد أهل الثقة والعلم والخبرة والدين. فتعقلوا يا سادة ولا تثيروا الفتنة فى الشارع ولا تحرضوا على مقاطعة الانتخابات، إن كنتم حقاً تحبون مصر، فلابد أن تقفوا إلى جوار الحق واختيار الشعب، ولتدعموا مرشحه ولتقفوا إلى جواره، بعدما عرض عليكم التعاون والتكاتف، ومد يده إلا أنكم وللأسف فرضتم الشروط المعجزة، ولا تريدون إلا أنفسكم وفقط مثل مبارك ونظامه، وتؤمنون كغيركم بأن الغاية تبرر الوسيلة، ألف ألف خسارة على كل كلمة صدقناكم فيها، وكل وعد حلمنا به معكم، وكل أمل فى مصر كريمة عشناه بين أيديكم، فهل تعودوا للحق أم أنكم لا تسمعون؟.