ربما كلنا يعلم أن نسبة الأمية فى مصر كبيرة، لكننا بالتأكيد لا نعرف الإحصائية الحقيقية. التقارير الرسمية بعضها يشير إلى أنها تصل إلى 29 فى المائة، وبعضها يكون أكثر صدمة لنا عندما نسمع كلاما على لسان متخصصين يؤكدون أنها تزيد فعليا على هذه النسبة، لتصل إلى 40 فى المائة. فى كل الأحوال، نحن بلد يتم تصنيفه عالميا على أنه بلد جاهل، والذى يقترب فيه عدد الذين يقرأون ويكتبون من عدد من لا يقرأ ولا يكتب. تخيّل أن شخصا لا يعرف «الألف من كوز الدرة»، هل تتوقع أن يستطيع هذا أن يقرر مصير أسرته؟، وأن يعرف كيف يربى أولاده؟، بل ما هو أكثر، هل يستطيع أن يختار هو نفسه الطريق الصحيح له عندما يتم تخييره؟.. أعتقد لا. وهذا ليس تقليلا من ذات الشخص الأمى، بقدر ما هو تأكيد لمقولة «العلم نور».. هل جرّبنا أن نتوقف عند هذه الحكمة «العلم نور»؟! إذن، نحن متفقون على أن بلدا يكاد يصل نصف شعبه إلى الجهل والظلام، لا يستطيع اتخاذ قرار صائب. أو على الأقل، يمكن أن نعتبره هو الشخص المعاق، الذى يعوق عدم معرفته ببديهيات الأشياء، قدرته على اتخاذ القرار. إذن، كيف أزجّ به فى حلبة الاختيار والصراع على اختيار رئيس دولة؟ كيف أطلب منه أن يختار ما بين 13 مرشحا، وهو لا يعرف كيف يقرأ أسماءهم؟ أسئلة كثيرة أريد أن يجيب عنها ملايين الأميين فى انتخابات الرئاسة المصرية التى من المفترض أن تكون نزيهة ومتساوية الفرص، وهو لا يملك قلما للإجابة عنها، ولا يعرف كيف يسجل اسمه فى خانة الأسماء. كيف نحاسب هؤلاء على اختيارهم، وعلى وقوعهم ضحية أساليب انتخابية مستفزة، كاللعب باسم الدين، على اعتبار أن الدين فطرى الهوى، ليس له بمعرفة الكتابة والقراءة، ولكنه يدغدغ قلوب كل البسطاء؟ لكن الفرق كبير عندما يدرك المواطن المتعلم أن الدين ليس له علاقة بانتخاب رئيس جمهورية مصر العربية، وأن تدين الرئيس أو التزامه دينيا لا يجعل لديه القدرة على حل مشاكل الشعب، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فهذا التدين لا ينقذ إلا صاحبه يوم لا ينفع مال ولا بنون. أما مصر، فهى فى حاجة إلى رئيس قوى، سياسى محنك، رجل قادر على توجيه الدفة، والاختيار بين الصح والخطأ. لذلك فإننى أدعو إلى أن يضع قانون الانتخابات المقبل قانونا يلزم الناخب بأن يكون حاصلا على شهادة محو الأمية، قبل أن يدلى بصوته، حتى لا يُغرر به، ويختار ما بين رسوم تافهة، كالكورة والسهم وخلافه، فيصبح اختياره لاسم بعينه ينتخبه لأنه يعرف كيف يقرأ برنامجه.