المذيعة مها عثمان كتبت أول أمس على الفيس بوك عبارة أرى أنها تعبر بالفعل عن المأزق الذى تمر به البلاد بسبب لجنة المائة التى اختارتها جماعة الإخوان المسلمين فى مجلس الشعب لوضع دستور البلاد القادم، كتبت تقول: «الحاجات الغريبة فى مصر أنه مش مسموح للأُمى أنه يستخرج رخصة قيادة لأن جهله سوف يضر بأبناء الوطن ومسموح له بالانتخاب ليتسبب بجهله فى الإضرار بالوطن نفسه، سبحان الله تعمل حادثة واللا تجيب بلدك الأرض؟». هذه القضية التى أثارتها المذيعة مساء أول أمس، سبق وأثيرت سنة 1922، وقد أثارها بعض النخب السياسية من أعضاء لجنة الثلاثين التى كانت تضع دستور سنة 1923، فى منتصف شهر ابريل سنة 1922 كان أول اجتماع للجنة الثلاثين برئاسة حسين رشدى باشا، وعقد الاجتماع فى قاعة الجمعية التشريعية، أول قضية تمت مناقشتها فى الجلسة، كانت حق الاقتراع، من الذى سيمنحه الدستور حق الاقتراع؟، هل يفتح الباب لكل المصريين أم نغلقه على المتعلمين فقط؟، هل من حق الفلاح أو العامل الأمى أن يختار أعضاء مجلس النواب؟، كيف نعطيه هذا الحق وهو لا يعرف فى الدنيا أكثر من الفلاحة، حتى اسمه لا يعرف كتابته؟. حسب رواية الدكتور محمد حسين هيكل: اللجنة انقسمت إلى فريقين، الأول ضم المكباتى بك، وعبدالعزيز فهمى بك وقدا أيد تمتع كل مصرى يبلغ الحادية والعشرين بحق الانتخاب، الفريق الثانى وكان على رأسه إسماعيل أباظة باشا وقد رفض عمومية الانتخاب، وقال مثلما قالت المذيعة مها عثمان: إننى لا أستطيع أن أتصور أن أتساوى (يقصد أن يساويه الدستور) أو يتساوى عبدالعزيز بك فهمى أو المكباتى بك مع الرجل الذى لا يقرأ ولا يكتب، والذى لا يعرف من الحياة إلا أن يفلح الأرض، وطالت المناقشة فى هذا الأمر (حسب رواية هيكل باشا) فأيد الذين يرون الاقتراع العام حقا لكل مصرى نظريتهم، بأن الانتخاب حق لكل مترتب على واجب هو الجندية، ومادام هذا الذى يفلح الأرض يحمل من حق الجندية ما يحمل غيره، فحقه فى الانتخاب لا يصح أن يكون محل نزاع، الفريق المعارض أيد رأيه بأن الانتخاب عملية من عمليات الحكم، إذ يترتب عليه اختيار النواب الذين تعتمد الوزارة فى بقائها على ثقتهم بها، فلا مفر من أن يكون صاحب الحق فى الانتخاب على علم، وإن قل، بشيء من أمور الحكم، ولا بد أن تكون له فى الحكم مصلحة تجعله يتابع أعمال الحاكمين ليترتب عليها رأيه عندما يجيء وقت الانتخاب». الدكتور محمد حسين هيكل كان من مؤيدى نظرية المذيعة مها عثمان، حيث كان مع الفريق الذى رأى أن يكون الناخب على قدر كاف من التعليم والمعرفة، واستشهد بذلك برأى الفيلسوف الفرنسى «هبوليت تين» الذى كان ينادى بهذه النظرية. نظرية مها عثمان هذه يتبناها العديد من النخب المصرية، حيث يطالبون برفع نسبة الخمسين فى المائة للفلاحين والعمال من الدستور، كيف نخصص نصف مقاعد البرلمان لفئات لا تمتلك القدر الكافى من التعليم والثقافة، البرلمان هو الذى يشرع القوانين ويحاسب الحكومة ويضع سياسة الدولة فكيف يكون نصف أعضائه من الفلاحين والعمال؟. ومع أننى ضد نظرية السيدة مها عثمان، إلا أننى أرى أهميتها فى الأخذ بها لتقييم لجنة المائة التى اختيرت لوضع الدستور القادم، فكيف بالله عليكم ان أغلب المهن والتخصصات قد مثلت فى اللجنة، ولا يكون بعضها من المتخصصين فى القانون الدستوري، الطبيعى أن تشكل لجنة داخل اللجنة من القانونيين والدستوريين والمفكرين ويتم تكليفهم بوضع مشروع الدستور، بعد الانتهاء من المشروع يتم عرضه على أعضاء اللجنة ككل لمناقشة مواده وإجازته، لكن لأمر ما جماعة الإخوان وتوابعها من السلفيين استبعدوا الذين يمتلكون المعرفة، لماذا؟، ربما لكى ينزلوا بالسيارة فى الترعة.