لا تتكأ على أحد، ولو اضطررت فلابد أن يكون هذا الاتكاء بقدر محدود ولفترة محددة، لسبب بسيط للغاية أنه على قدر الاتكاء يكون السقوط، لذا على الإنسان أن يتكئ على نفسه ويتخذ من قدميه عُكازًا له، ولا يستند على غيره حتى لا يسقط. فهناك أشخاص عديدة تستسهل الأمور، وتتواكل على غيرها في شئونها، اعتقادًا منهم أن هذا أفضل وأيسر فهم لا يرغبون في تحميل أنفسهم الكثير ولا يرغبون في استهلاك إرادتهم، ويبحثون دائمًا عن مَنْ يحل محلهم في إدارة شؤونهم، وتسيير أمورهم، وفجأة عندما ينسحب هؤلاء من حياتهم، يشعرون بالضياع والشتات والارتباك، ويبدأوان في مرحلة السقوط، لأنهم اعتادوا على الاعتماد الكلي على الغير. وللأسف، هذه التصرفات تبدر كثيرًا من أشخاص لديهم قدر عالٍ من الثقافة، ولكنهم اعتادوا على أن يكون لديهم مَنْ يحمل عنهم أعباءهم، ربما نوع من الرفاهية، أو هذا ما نشأوا وتأسسوا عليه، في حين أن البعض الآخر يستسلم لفكرة أن هناك مَنْ يحمل مسؤوليته ويتبناه، فهذه الفكرة تكون مستساغة له، فيجد فيها لذة الاهتمام والراحة في آنٍ واحد.
والحقيقة أنه بالرغم من أن هذه المشاعر تخلق حالة من السعادة بداخل النفس، إلا أن إدمانها والاعتياد عليها يتسبب في حالة من البلادة والاتكال غير المُبرر، وتكون نتيجتها الصدمة المؤكدة عند مُواجهة الحياة مُنفردًا بدون عُكاز، فهنا يسقط الجسد، لأن الساق لا تستطيع حمله، فهي لم تعتاد على تحمله، فلقد كان العُكاز هو كل شيء وبدونه ينهار الجسد ويسقط، لأن العضلات باتت ضعيفة واهنة ليس لديها القدرة على الوقوف صامدة.
ومما لا شك فيه أن هذا هو السبب الحقيقي والمُباشر في ضياع وانهيار العديد من الأشخاص الذين ألفوا فكرة الاتكاء، فبمجرد ان تأتي عاصفة شديدة تتسبب في تحطيم عُكازهم يبدأوا في الترنح مع العاصفة، فيتمايلون يمنة ويسارًا بلا هدف، ولا يستطيعون صلب عُودهم والوقوف شامخين، فتخور قُواهم ويسقطون، وللأسف، أحيانًا كثيرة ما يكون هذا السقوط لا قيام له.
وأخيرًا، إذا أردت أن تسقط واقفًا، فعليك أن تتخذ من ساقيك عُكازًا لك، حتى إذا حدث وسقطت، حملتك حتى تستعيد قُواك مرة أخرى.