سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأمل تحت الأنقاض.. القانون الدولى يلزم دولة الاحتلال بإزالة آثار الحرب.. رؤساء البلديات: انتشار للدفاع المدني لانتشال الصواريخ وإرشادات للمواطنين.. ومبادرة لفتح شوارع شمال قطاع غزة لتسهيل عودة النازحين
تكلفة نقل الركام وحدها تبلغ حوالي 700 مليون دولار 500 هكتار تلزم لدفن الأنقاض والركام الذي لا يمكن إعادة تدويره جهود الدفاع المدني والصليب الأحمر لانتشال القنابل غير المنفجرة برفح ميكائيل بهار، مواطن يعيش في مدينة رفح الفلسطينية، ما إن دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حتى سارع إلى العودة لمنزله، ليفاجئ أنه انهار مثلما تدمر معه باقي المباني المجاورة خلال القصف الإسرائيلي تلك المدينة الحدودية في الجنوب، والتي كانت تأوى في يوما من الأيام أكثر من مليون ونصف نازح خلال العدوان، ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل شاهد "بهار"، أطنان من الصواريخ غير المنفجرة وقد أحاطت بالشارع الذي يسكن فيه وسط خوف عارم أحاط بالمواطنين العائدين لبيوتهم. انتشار الأجسام المشبوهة في رفح ويقول ميكائيل بهار، في تصريح ل"اليوم السابع"، إنه فوجئ خلال عودته إلى منزله المنهار، أن هناك أعداد كبيرة للغاية من القذائف والصواريخ التي لم تنفجر – والتي وصفها بأنها أطنان – بجانب أجسام مشبوهة، منتشرة في المكان، موضحا أن هيئة هندسة المتفجرات حذرت السكان بعدم لمس تلك الأجسام وتبليغ الجهات المختصة على الفور ليتوجه فريق للمكان والتعامل مع هذه الأجسام بمعرفتهم وتحييدها إلى أماكن مخصصة لذلك. ويوضح أن السكان بالفعل أبلغوا الجهات المختصة، والتي أرسل وحدات البحث عن المتفجرات بجانب فريق من الدفاع المدني، والذي عملوا على إزالة تلك الأجسام بطرق آمنة حتى لا يتضرر أحد من المواطنين بسببها، مشيرا إلى أنه منذ أيام لعب طفل بجسم مشبوه على شكل معلبات وأقدم على فتحها فانفجرت فيه واستشهد. جهود الدفاع المدني والصليب الأحمر لانتشال القنابل غير المنفجرة برفح هنا يكشف الدكتور أحمد الصوفي رئيس بلدية رفح، جهود التخلص من مخلفات الحرب في المدينة والتي مكث فيها جنود الاحتلال لشهور عديدة، مشيرا إلى أنه بمجرد دخول الاتفاق حيز التنفيز بدأت تهيئة الظروف لعودة النازحين في رفح، وعملت فرق الدفاع المدني والبلدية مع خبراء المتفجرات ومنظمات دولية والصليب الأحمر والأممالمتحدة على تفقد المباني والشوارع والتعامل مع الأجسام المشبوهة لضمان سلامة عودة المواطنين إلى أماكن سكانهم. ويضيف "الصوفي" في تصريحات ل"اليوم السابع"، أن هذه الفرق انتشرت في كل ربوع المدينة، ووزعت إرشادات للمواطنين لتجنب الاقتراب من أي قنابل غير منفجرة أو أجسام مشبوهة، لافتا إلى أنه لا يوجد إصابات من مخلفات الحروب حتى الآن، لكن هناك العديد من الشهداء بسبب تصرفات جيش الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة الحمراء الممنوعة بالقرب من الحدود الفلسطينية . كما يؤكد اكتشاف العديد من الأجسام المشبوهة في المدينة والتي تعاملت معها الطواقم المختصة في كل مكان برفح، بالتعاون من الصليب الأحمر، ودائرة الأممالمتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام. 700 مليون دولار تكلفة نقل الركام و500 هكتار تلزم لدفن الأنقاض والمواد الخطرة وبحسب تقرير برنامج الأممالمتحدة الإنمائي عن غزة، فإن تكلفة نقل الركام وحدها تبلغ حوالي 700 مليون دولار، وتتطلب العملية سنوات حديدة، كما أن فكرة التخلص من الركام في البحر تثير تعقيدات سياسية، حيث يمكن أن تؤدي إلى تغيير جغرافي لتوسيع مساحة غزة، مشيرا إلى أن تكلفة إعادة الإعمار تصل إلى 40 مليار دولار. ويؤكد التقرير الأممي، أن أكثر من 90% من المباني تضررت، حيث هناك 160 ألف وحدة تدمرت تمامًا، و276 ألف وحدة أخرى تضرّرت بصورة بالغة أو جزئية، و65% من المباني المُدمرة كانت سكنية، و500 هكتار تلزم لدفن الأنقاض والركام الذي لا يمكن إعادة تدويره والذي يتضمن مواد خطرة، محو آثار 44 عامًا من التنمية في غزة، كما أن عملية إعادة الإعمار لن تنتهي قبل عام 2040، خاصة أن قنابل ال 2000 رطل غيرت التضاريس، فتكونت تلال لم تكن موجودة من قبل. جهود البلديات لتقليل ضحايا مخلفات الحرب البلديات بدأت اتخاذ العديد من الإجراءات لمحاولة تقليل حصيلة ضحايا مخلفات الحرب، وهو ما يؤكده المهندس عاصم نبيه المتحدث باسم بلدية غزة، في تصريح ل"اليوم السابع"، بأن البلدية طالبت المواطنين بالابتعاد عن الأماكن المشبوهة وأرسلت تعليمات للمواطنين وأبلغت لجان الأحياء بتوصية المواطنين بعدم الاقتراب من أي جسم غريب، وعملت على فتح الشوارع للجهات المختصة سواء جهاز الدفاع المدني أو وزارة الأشغال العامة لإزالة تلك المخلفات والأجسام المشبوهة. المهندس مازن النجار رئيس بلدية جباليا، يؤكد أيضا أن البلدية أطلقت مبادرة لفتح شوارع شمال غزة ليتمكن النازحين في الجنوب للعودة لمنازلهم بسلام وتمكين المؤسسات الدولية والمحلية والمحليات من إنشاء مخيمات النزوح التي يقدر عددها 20 مخيم نزوح على مساحة 30 ألف متر مربع، وإزالة مخلفات الحروب. وأطلق رئيس بلدية جباليا، في تصريح ل"اليوم السابع" استغاثة لكل المؤسسات الدولية والحكومية وكل مناصرى الشعب الفلسطيني بمساعدة القطاع في إزالة هذا الهم الكبير من التدمير لكل مناحي الحياة، مؤكدا أن البلدية في حاجة لآليات كبيرة ومعدات متطورة لإزالة الأجسام المشبوهة والقنابل غير المنفجرة، حيث لا تستطيع آليات الشمال أن تقوم بهذا الغرض بمفردها، خاصة أن هناك مباني كاملة مدمرة في الطرقات وهناك حجاة لحفر الآبار الجديدة وسيارات لنقل هذا الركام إلى أماكن أخرى. فيما يؤكد المهندس علاء العطار، رئيس بلدية بيت لاهيا – وهي من مدن شمال القطاع أيضا – أن المنطقة أصبحت منكوبة وأكثر من 95% من منازل المواطنين تدمرت، وأكتر من 100 ألف مواطن بلا مأوى، والقطاع الصحي تعرض للدمار بعد تدمير مستشفى كمال عدوان وإحراق المستشفى الإندونيسي، وانعدام الأمن الغذائي نتيجة تجريف أراضي المزارعين، وتدمير 23 آلية تابعة للقطاع الصحي بالإضافة إلى تدمير عدد من الآليات الثقيلة وجميع المباني التابعة للبلدية، وهناك حاجة ماسة لضرورة التخلص من مخلفات الحرب خاصة بعد تدمير جزء كبير من أجهزة الدفاع المدني. جهود مضنية لإزالة الذخائر والصواريخ غير المنفجرة وتأمين المناطق السكنية في بيان صادر عن المكتب الإعلامى الحكومي في 28 يناير الماضي، أكد أن الطواقم الشرطية نجحت في تحييد العشرات من مخلفات الاحتلال في جميع محافظات قطاع غزة، حيث بذلت الفرق المختصة جهودًا مضنية على مدار الأيام الماضية لإزالة الذخائر والصواريخ غير المنفجرة وتأمين المناطق السكنية، مما أسهم في تقليل المخاطر المحتملة على حياة المدنيين، خاصة الأطفال الذين يتعرضون لهذه المخلفات أثناء اللعب في المناطق المتضررة. وأضاف أن هذه الجهود تأتي في إطار خطة الطوارئ الحكومية لضمان سلامة المواطنين وإعادة الاستقرار للمناطق المتضررة، بالتنسيق الكامل مع الجهات المعنية والمؤسسات المحلية، داعية سكان القطاع إلى أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر والانتباه خلال التحركات اليومية، والابتعاد عن الأجسام المشبوهة وإبلاغ جهات الاختصاص فورا.
إسقاط 45 ألف قنبلة على غزة خلال ال89 يوما الأولى بحسب تقرير صادر عن منظمة هانديكاب انترناشونال، المعني بحماية المدنيين من الأسلحة المتفجرة فإن الاحتلال أسقط على غزة 45 ألف قنبلة خلال ال89 يوما الأولى من الحرب بمعدل حوالي 505 قنبلة يوميا، وهو عدد ضخم للغاية، ففي حال عدم انفجار 10 فقط منها، فهذا يعني أننا أمام 890 قنبلة غير منفجرة انتشرت في القطاع خلال أول 89 يوم فقط وهو معدل كبير للغاية قد يؤدى لتزايد الضحايا بعد وقف الحرب. أنس النجار الصحفى الفلسطيني، يؤكد في تصريح ل"اليوم السابع"، أن هناك العديد من الأجسام المشبوهة التي انفجرت في المواطنين خلال الأيام الماضية ونتج عنها شهداء وإصابات، من بينها بيت مفخخ انفجر في شمال غزة انفجر في بعض السكان، فيما تؤكد دعاء صالح مدير مشاريع مؤسسة إنقاذ الطفل في فلسطين أيضا ل"اليوم السابع"، أن هناك بعض المواطنين الذين استشهدوا عند دخول منازلهم بعد وقف إطلاق النار لأنها تفجرت بهم ولم يكن يعلمون أنها مفخخة. القانون الدولى يدعو الأطراف المعنية في النزاع لإزالة المخلفات ويدعو بروتوكول بشأن مخلفات الحرب المتفجرة لاتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر "البروتوكول الخامس"، جميع الأطراف المعنية في النزاع إلى إزالة المخلفات الحربية القابلة للانفجار من المناطق التي تسيطر عليها بعد انتهاء الأعمال العدائية، ويُلزمها بتقديم الدعم لإزالة هذه المخلفات في المناطق الأخرى، نظرًا لطول فترة تطهير المناطق من هذه الأسلحة، ويجب اتخاذ تدابير مثل وضع العلامات وتوعية المجتمعات بالمخاطر لحماية المدنيين، كما يتعين على الدول دعم رعاية وإعادة تأهيل الضحايا. ويطلب البروتوكول من الأطراف تسجيل المعلومات المتعلقة بالمتفجرات المستخدمة وتبادلها مع الجهات المعنية، حيث إن نقص المعلومات قد أبطأ جهود التعامل مع مخلفات الحرب في الماضي. يمثل البروتوكول تطورا مهما يوفر إطارا لتيسير الاستجابة العاجلة، وإذا التزمت الدول بأحكامه، سيساهم ذلك في تعزيز سلامة المدنيين. ضحايا مخلفات الحروب في الأعوام الماضية كبيرة للغاية، حيث كشف مسح أجرته المنظمة الاستشارية المعنية بالألغام Mines Advisory Group عدد الضحايا بين عامي 1974 و 2008 بنحو 40 ألف شخص، و40 % من بين تلك الحالات أطفال، يتعثرون في تلك المتفجرات، مشيرا إلى أن دولة أنجولا الأفريقية، اكتشفت وجود نحو 20 مليون لغم أرضي، نتيجة الحرب الأهلية التي شهدها البلد بين عامي 1975 و2002، ما منع تلك الدولة من الاستفادة من أراض واسعة صالحة للزراعة، لأنها غير آمنة بسبب انتشار الألغام. ولكن يبقى سؤالان هامان وهما هل القانون الدولي يلزم إسرائيل بإزالة تلك المخلفات والقنابل التي أسقطتها ولم تنفجر ؟ وهل سقوط ضحايا بسبب مخلفات الحروب يلزم الدولة المعتدية بدفع تعويضات؟ هذا ما يرد عليه الدكتور جهاد أبو لحية، أستاذ القانون والنظم السياسي الفلسطيني، والذي يؤكد أن القانون الدولي يفرض قواعد واضحة وصارمة فيما يتعلق بالنزاعات المسلحة، تُلزم جميع الأطراف بالتقيد بها لضمان الحد من الأضرار الناجمة عن الحروب وتقليل آثارها إلى أقصى حد ممكن، موضحا أن الاحتلال يتصرف كدولة فوق القانون، متجاهلا هذه القواعد بشكل ممنهج، ولم تلتزم إسرائيل بأي من القواعد القانونية الدولية، بل تعمدت انتهاكها بشكل صارخ. ويضيف "أبو لحية" في تصريحات ل"اليوم السابع"، أنه خلال حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة لمدة 15 شهرًا، ظهر بشكل جلي أنها لا تأبه بالقانون الدولي أو بالمؤسسات والقرارات الدولية، وتجاوزت كافة الحدود القانونية والأخلاقية، حيث شكلت انتهاكاتها الفاضحة ضربة خطيرة للقانون الدولي، مما ينذر بتداعيات خطيرة في المستقبل، مشيرا إلى أن القانون الدولي يلزم دولة الاحتلال بإزالة مخلفات الحروب استنادًا إلى القواعد الواردة في الاتفاقيات الدولية. ويوضح أن أبرز تلك القواعد هي اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949, تنص مادتها 56 على ضرورة قيام دولة الاحتلال بتوفير الخدمات الصحية والوقائية في المناطق المحتلة، بما في ذلك إزالة مخلفات الحروب التي تهدد حياة المدنيين، وكذلك المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 والذي ينص على أن التزام الدولة المعتدية باتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية المدنيين من الأخطار الناتجة عن العمليات العسكرية، بما في ذلك التخلص من مخلفات الحروب، وتلزم المادة 58 بإزالة المخاطر البيئية والذخائر غير المنفجرة التي تشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين. ويشير إلى أن اتفاقية حظر أو تقييد استخدام أسلحة معينة (CCW) لعام 1980 والبروتوكول الخامس (2003) ينص في مادته الثالثة على أن تُلزم الأطراف المتحاربة بتحديد المناطق الملوثة بالمخلفات الحربية والعمل على إزالتها أو تحييدها لضمان سلامة المدنيين، بينما تشدد المادة الثامنة على ضرورة تقديم معلومات دقيقة حول المواقع الملوثة إلى السكان المدنيين لتجنب وقوع إصابات نتيجة التعرض لهذه المواد. ويؤكد "أبو لحية"، أن القانون الدولي لا يقتصر على تنظيم العمليات الحربية فحسب، بل ينظم أيضا الوضع بعد انتهاء النزاعات، حيث فرض قواعد خاصة للتعامل مع مخلفات الحروب حرصا على حياة المدنيين وسلامتهم، مشيرا إلى أن إسرائيل كدولة تنكر التزاماتها الدولية، تركت في غزة كميات هائلة من مخلفات الحروب، بعضها مصمم بطريقة خداعية لاستهداف المدنيين، حيث يتم تفجيرها عند العبث بها أو لمسها، وهذا الوضع الكارثي في غزة يتطلب من المؤسسات الدولية التحرك بشكل عاجل لإرسال لجان متخصصة تعمل على تفكيك هذه المخلفات وإزالتها، حمايةً للمدنيين الذين ما زالوا يعيشون تحت وطأة هذا الخطر بعد الحرب المدمرة التي شنّتها إسرائيل.