أيا كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية، وسواء فاز بها محمد مرسى أو أحمد شفيق، فإن المؤكد أن الخريطة الانتخابية فى مصر تغيرت، وظهر فيها لاعبون جدد يستحقون الإشادة، فتيار الإسلام السياسى لم يعد كما كان يروج له أنصاره بأنه المكتسح للشارع وأنه صاحب النصيب الأوفر فيه، نعم حصل مرسى على المركز الأول من الأصوات لكن فى المقابل تلقى الإخوان ضربات قاضية على يد اثنين من المرشحين كانا فى نظر كثيرين أبعد ما يكونا عن المنافسة وهما أحمد شفيق وحمدين صباحى، فالاثنان كما تنبأت بهما مراكز الأبحاث الأمريكية استحقا لقب فرسا الرهان، لأنهما لم يبقيا -كما أراد لهما منافسوهم- خارج إطار المنافسة، وإنما تحولا إلى رقم صعب فى العملية الانتخابية المصرية. حمدين صباحى تفوق على نفسه فى هذه الانتخابات وضرب كل التوقعات عرض الحائط، فرغم الحملة الشرسة التى واجهها على يد أقرب المرشحين إليه صداقة، وهو الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، فإنه انطلق بخطى ثابتة فى الانتخابات واستطاع أن يوجه لأبوالفتوح ومرسى ضربات قاضية فى معقل الإخوان والسلفيين فى الجيزة والقاهرة والإسكندرية، ليثبت لهما أنه لم يكن فى نزهة، وأنه عندما رفض نصائح البعض بأن يتنازل لصديقه أبوالفتوح لم يكن مخطئا وإنما صديقه هو من أخطأ فى تقدير قوته الانتخابية. أما الفريق أحمد شفيق والذى لم يهنأ بمؤتمر انتخابى واحد كان مفاجأة الجميع حتى أنصاره ممن كانوا يخشون البوح بتأييدهم له خوفا من ملاحقتهم بمصطلح «الفلول»، فقد حقق شفيق المعادلة الصعبة واستطاع الصمود فى وجه سيل الاتهامات التى وجهت له، محققا رقما انتخابيا كان يعتبر الكثيرون أن مجرد الحديث عنه هو نوع من الحلم صعب المنال. لقد حقق شفيق وصباحى الرقم الصعب فى هذه الانتخابات وأثبتا أن الشارع المصرى ليس ملكا لفصيل أو تيار سياسى معين، وإنما هو ملك لكل المصريين الذين انتفضوا على كل من حاول الحجر على رأيهم وإرادتهم، ووجه لهذه التيارات رسالة شديدة اللهجة لعله يفهمها.