منذ نكبة 1948، ظل الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية ثابتًا لا يتغير، لم يكن مجرد دعم دبلوماسي أو شعارات سياسية، بل كان التزامًا حقيقيًا تجلى في ميادين القتال، في غرف التفاوض، وفي جهود الإعمار المستمرة. مصر، التي قدمت آلاف الشهداء دفاعًا عن فلسطين، لم تتخلَّ يومًا عن مسؤوليتها، رغم تعقيدات المشهد السياسي والضغوط الإقليمية والدولية. واليوم، مع استمرار العدوان على غزة وتدمير البنية التحتية بالكامل، يطرح حزب مصر أكتوبر رؤية جديدة تتجاوز الدعم التقليدي إلى مبادرة عربية شاملة: "صندوق الأمة لإعمار غزة". من الحروب إلى المفاوضات.. مصر الدرع والسند لم تكن حرب 1948 سوى البداية، حيث خاض الجيش المصري معارك شرسة للدفاع عن الأراضي الفلسطينية. وتكرر الدور في حروب 1956 و1967 و1973، حتى جاءت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، التي ورغم الجدل حولها، لم تضعف الالتزام المصري تجاه فلسطين. بل استمر الدور المصري في دعم الحقوق المشروعة للفلسطينيين، والتوسط بين الفصائل، واحتواء الأزمات، وهو ما رأيناه في اتفاقيات أوسلو، وانتفاضات الشعب الفلسطيني، وصولًا إلى عدوان 2023 الذي كشف الوجه الحقيقي للاحتلال أمام العالم. في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تصاعد الدور المصري في حماية غزة سياسيًا وإنسانيًا. القاهرة كانت السباقة في وقف العدوان، فتح معبر رفح لإغاثة الجرحى، وإطلاق مبادرات الإعمار، كان آخرها توجيه الشركات المصرية للعمل على إعادة بناء ما دمرته الحرب الإسرائيلية، رغم استمرار القصف والاستهداف المباشر. من الدعم السياسي إلى البناء.. "صندوق الأمة" ما يحدث في غزة اليوم ليس مجرد أزمة سياسية أو عدوان عابر، بل محاولة ممنهجة لتدمير الحياة بالكامل. عشرات الآلاف من الشهداء، منازل مهدمة، مستشفيات مدمرة، وشعب يواجه الإبادة البطيئة. ورغم الجهود المصرية الكبيرة، فإن العبء ضخم ويتطلب رؤية عربية شاملة. وهنا تأتي فكرة "صندوق الأمة لإعمار غزة" كخطوة عملية لتوحيد الجهود المالية والإنسانية على مستوى العالم العربي، بدلًا من الاعتماد على مساعدات متفرقة قد لا تصل إلى الفئات الأشد احتياجًا. كيف يعمل الصندوق؟ 1. مشاركة الدول العربية: يتم إنشاء الصندوق بمساهمة مباشرة من الحكومات العربية، بحيث تكون هناك التزامات سنوية لدعم غزة، سواء في البنية التحتية، أو إعادة بناء المنازل، أو دعم الاقتصاد الفلسطيني. 2. مشاركة الشعوب: من خلال فتح باب التبرعات للأفراد والشركات، مع شفافية كاملة في إدارة الأموال وتوجيهها عبر لجنة عربية مستقلة. 3. التكنولوجيا في خدمة الإعمار: يمكن استخدام منصات رقمية حديثة لتمكين الأفراد من متابعة أثر تبرعاتهم، ورؤية كيف تساهم في بناء المنازل، المدارس، والمستشفيات. 4. الشراكة مع المؤسسات الدولية: لضمان التدفق المستمر للمساعدات بعيدًا عن الابتزاز السياسي الذي تمارسه بعض الدول المانحة. لماذا الآن " صندوق الأمه " العدوان الحالي كشف زيف كثير من الوعود الدولية، وأثبت أن الدعم العربي يجب أن يكون مستقلًا، بعيدًا عن حسابات السياسة الغربية. مصر وحدها تحملت الكثير، ومن مصلحة الأمة العربية أن تكون غزة قوية، لأن سقوطها يعني تهديدًا للأمن القومي العربي كله. "صندوق الأمة" ليس مجرد فكرة، بل ضرورة.. فإعمار غزة اليوم هو حماية لفلسطين غدًا، وضمان ألا يصبح أطفالها جيلًا ضائعًا بين الركام واللجوء. مصر قامت بدورها وستظل، لكن آن الأوان أن يتحرك الجميع.