الجالية المصرية بالكويت تواصل التصويت في اليوم الأخير لإعادة انتخابات النواب    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    إجراءات جديدة لدخول المعتمرين الروضة الشريفة، تعرف عليها    تراجع أسعار الذهب في بداية تعاملات البورصة العالمية الثلاثاء 16 ديسمبر    أمريكا: مقتل 8 أشخاص في 3 غارات استهدفت قوارب مشتبها بها لتهريب مخدرات    وزير الخارجية: يجب استدامة وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترامب    موقف صلاح ومرموش، التشكيل المتوقع لمنتخب مصر أمام نيجيريا    مصر ضد نيجيريا.. مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء    الحالة المرورية اليوم.. سيولة بالقاهرة والجيزة    الطقس اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025.. أجواء شتوية وأمطار متفرقة واضطراب بالملاحة والحرارة الصغرى بالقاهرة 13 درجة    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    وزارة التعليم توضح آلية عقد امتحان مادة البرمجة لطلاب أولى ثانوى    محافظ أسوان: صرف العلاج لأصحاب الأمراض المزمنة كل شهرين    نقيب المهن الموسيقية: فصل عاطف إمام جاء بعد تحقيق رسمي    عمرو أديب لمحمد صبحي: هيئة الترفيه لا علاقة لها بفيلم «الست».. هل الدولة ستتآمر على نفسها؟    عائشة بن أحمد تحسم موقفها من دراما رمضان 2026 وحقيقة الجزء الثاني من «الغاوي»    ماكرون: نمضي قدما نحو سلام راسخ ودائم في أوكرانيا    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    جمارك مطار أسيوط تضبط تهريب كمية من مستحضرات التجميل    وزير قطاع الأعمال العام: عودة منتجات «النصر للسيارات» للميني باص المصري بنسبة مكون محلي 70%    حورية فرغلي: بقضي وقتي مع الحيوانات ومبقتش بثق في حد    وكيل صحة الغربية يعلن افتتاح وحدة التصلب المتعدد والسكتة الدماغية بمستشفى طنطا العام    أيامى فى المدينة الجامعية: عن الاغتراب وشبح الخوف!    انهيار ضريح وظهور رفات الجثامين يثير موجة غضب في المنوفية    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 16 ديسمبر    وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة بالغربية    لقاح الإنفلونزا.. درع الوقاية للفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الشتاء    إنقاذ قلب مريض بدسوق العام.. تركيب دعامتين دوائيتين ينهي معاناة 67 عامًا من ضيق الشرايين    العربية لحقوق الإنسان والمفوضية تدشنان حوارا إقليميا لإنشاء شبكة خبراء عرب    ثماني دول أوروبية تناقش تعزيز الدفاعات على الحدود مع روسيا    لوكاشينكو يؤكد أن أبواب بيلاروس مفتوحة أمام مادورو    5 أعشاب تخلصك من احتباس السوائل بالجسم    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    نهائي كأس العرب 2025.. موعد مباراة المغرب ضد الأردن والقنوات الناقلة    منذر رياحنة يوقّع ختام «كرامة» ببصمته... قيادة تحكيمية أعادت الاعتبار للسينما الإنسانية    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    تحطم زجاج سيارة ملاكي إثر انهيار شرفة عقار في الإسكندرية    مصرع طفلين وإصابة 4 أشخاص على الأقل فى انفجار بمبنى سكنى فى فرنسا    شيخ الأزهر يهنئ ملك البحرين باليوم الوطني ال54 ويشيد بنموذجها في التعايش والحوار    الكونغو: سجن زعيم المتمردين السابق لومبالا 30 عامًا لارتكابه فظائع    منتدى «السياحة والآثار» وTripAdvisor يناقشان اتجاهات السياحة العالمية ويبرزان تنوّع التجربة السياحية المصرية    في جولة ليلية.. محافظ الغربية يتفقد رصف شارع سيدي محمد ومشروعات الصرف بسمنود    غزل المحلة يطلب ضم ناصر منسى من الزمالك فى يناير    السعودية تودع كأس العرب دون الحفاظ على شباك نظيفة    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    حسام البدرى: من الوارد تواجد أفشة مع أهلى طرابلس.. والعميد يحظى بدعم كبير    الأهلى يوافق على عرض إشتوريل برايا البرتغالى لضم محمد هيثم    الأمر سيصعب على برشلونة؟ مدرب جوادلاخارا: عشب ملعبنا ليس الأفضل    العمل: طفرة في طلب العمالة المصرية بالخارج وإجراءات حماية من الشركات الوهمية    الثلاثاء إعادة 55 دائرة فى «ثانية نواب» |139 مقرًا انتخابيًا بالسفارات فى 117 دولة.. وتصويت الداخل غدًا    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    الإدارية العليا ترفض الطعون المقدمة في بطلان الدوائر الانتخابية في قنا    اللمسة «الخبيثة» | «لا للتحرش.. بيئة مدرسية آمنة» حملات توعية بالإسكندرية    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن سرد الجريمة!
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 01 - 2025

انشغلت، منذ حوالي ربع القرن، بقراءة سرد الجرائم المنشور في الصحف، ليس على سبيل معرفة ما يجري بقطاع من المجتمعات فحسب، وإنما أيضا، وهو الأهم بالنسبة لي، على سبل تأمل الكيفيات التي يسرد بها المحررون الصحفيون الجرائم التي ينشرون أخبارهم وتغطياتهم عنها، وأحيانا تحليلاتهم أو "قصصهم" لها.. وظل عندي مشروع مؤجل لكتابة دراسة أتناول فيها هذا السرد.. ولسنوات طويلة، ظللت أشتري الجرائد "صغيرة الحجم" المتخصصة في "الحوادث"، بجانب قراءة الصفحات المخصصة للجريمة في الجرائد الأخرى.. والآن أصبحت أتابع "أونلاين" أبواب الحوادث في بعض الجرائد، ومن أهمها، وأكثرها حيوية، فيما أتصور، الباب اليومي في "اليوم السابع". .. وبوجه عام، كنت ولا زلت أتصور أن الجرائم تنطوى على كثير من الملامح التي تستحق التأمل في أسبابها وملابساتها وأدواتها وكيفيات حدوثها، وأن سرد الجرائم يستحق التوقف عنده.
بدأ الاهتمام، في ذلك الزمن البعيد، بملاحظة بعض العبارات والتعبيرات التي تتكرر مع كثيرين من المحررين الصحفيين آنذاك؛ فوصف كثير من الجرائم كان يبدأ عادة بعبارة مثل: "كانت عقارب الساعة تشير إلى كذا.."، وسبب العديد من الجرائم هو أن المجرم "كان يمرّ بضائقة مالية"، وقد كانت هذه العبارة الأخيرة مجالا لحوار ساخر مطول بين الكاتب الروائي والقصصي الراحل محمد البساطي وبيني..
خلال مرور السنوات الطويلة تغيرت، إلى حدّ، طرائق سرد الجرائم، وأصبحت هناك عبارات متكررة جديدة، وبعض هذه العبارات يتلاقى، بنوع من "خفة الدم"، مع عناوين أفلام شائعة، فكل شخص يقوم بتزوير الأوراق الرسمية هو "ابن قنصل"، وكل "بوّاب" يشارك في جريمة هو "البيه البواب".. ويضاف إلى هذا اشتقاقات وتنويعات كثيرة جدا على كلمة "مستريح" أو "مستريحة" التي باتت بديلا عن كل التعبيرات عن الاحتيال المرتبطة بمن يجمعون نقودا، من أفراد كثيرين، بحجة "توظيفها" ثم يتضح فيما بعد أنهم محتالون.. وما أكثر المستريحين والمستريحات، في مجالات عديدة للاحتيال، خلال السنوات الأخيرة !
ومن الملاحظات على التعبيرات المتكررة الشائعة في السنوات الأخيرة ما يرتبط بمحكمة الأسرة، حيث يكرر أغلب الأزواج والزوجات الذين واللائي يطلبون ويطلبن الطلاق عبارات اتهام، مثل: "دمّر (أو: دمرت) حياتي"، أو: "لأعيش في جحيم".. وكأن هناك استعادة لذلك المشهد السينمائي القديم: كاتب يجلس مع منضدة أمام المحكمة ليصوغ "بمعرفته" شكاوى هؤلاء الأزواج والزوجات!
سرد الجرائم لا يفصح فحسب عما يدور في غرف سرية مظلمة من بعض النفوس البشرية، وعما يجري في بعض قطاعات المجتمع، وإنما يشير أحيانا إلى درجات من المواهب السردية، وأحيانا يعبر عن أشكال من "خفة الظل" عند بعض محرري هذه الجرائم.. وفي أحايين كثيرة يشير إلى إمكانات تعدد الرؤى ووجهات النظر للجريمة الواحدة، خصوصا تلك التي يتم النشر عنها في أكثر من جريدة، ولأكثر من محرر، وبأكثر من منظور.. وفي هذا المنحي يمكن التساؤل عن مدى حرية المحرر الصحفي في صياغة الجرائم التي يرصدها، وعن مدى الاختلاف بين سرد محرري الجرائم في الصحف وسرد بعض الكتّاب الروائيين الذين اتخذوا من بعض الجرائم أو بعض "المجرمين" مادة خاما في بعض أعمالهم الروائية..
لعل من أشهر هؤلاء الكتاب الروسي فيودور ديستويفسكي، في روايته الشهيرة (الجريمة والعقاب) ونجيب محفوظ في روايته الشهيرة أيضا (اللص والكلاب).. كلاهما استند في روايته إلى بذرة تنتمي إلى أصل واقعي.. ولكن كل منهما ذهب بعيدا جدا في تأمل الأبعاد الممكنة لهذا الأصل، وفي إعادة "تخييله"، بحيث تباعدت روايته، الثمرة الأخيرة لتلك البذرة الواقعية، عن ذلك الأصل تماما، وتعددت في هذه الرواية أبعاد الجريمة وتكوين المجرم وإمكانات تأويلهما على مستويات اجتماعية وفلسفية متنوعة، ولم تعد مجرد سرد لجريمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.