على خشبة الحياة، وقف سمير غانم بوجه مشرق وصوت عذب ينساب كالنغم، يزرع فى قلوبنا ضحكات لا تُنسى ويرسم على وجوهنا بسمة تتحدى هموم الزمن، لم يكن "سمير" مجرد فنان، بل كان موسوعة من البهجة ومسرحًا يمشى على قدمين، إنه ذاك الرجل الذى حول الكوميديا من مجرد كلمات تُقال إلى مشاعر تُحس، فكان حضوره كالعطر الذى يترك أثره أينما حل. ولد "سمير غانم" ليكون نجمًا، لكن نجوميته لم تكن تتعلق بأضواء زائفة أو شهرة عابرة، بل كانت فى قدرته على الاقتراب من أرواحنا، بلمسة خفيفة وكلمة صادقة، كان يستطيع أن ينسج ضحكة لا تزول حتى بعد أن يسدل الستار. من "فرقة ثلاثى أضواء المسرح"، التى وضعت بصمة لا تمحى فى تاريخ الكوميديا، إلى مسرحياته وأعماله التليفزيونية التى تعد أيقونات خالدة، استطاع "سمير" أن يخلق عالمًا خاصًا من الضحك الصادق الذى يقترب من وجدان الجميع. لم تكن عبقريته فى الكوميديا وحدها، بل فى الإنسانية التى أضفاها على كل دور أداه، كان يعرف كيف يمزج بين السخرية الرقيقة والعمق الإنساني، فيجعلنا نضحك ونفكر فى آنٍ واحد، فى أدواره، كان يعكس حياتنا اليومية، بفرحها وألمها، وكان يعطينا دروسًا بلا وعظ، ويقدم الحقيقة ملفوفة فى عباءة الضحك. خارج الشاشة، كان "سمير" إنسانًا بمعنى الكلمة، بشوشًا متواضعًا، يعامل الجميع كما لو كانوا أصدقاءه منذ زمن، كان قريبًا من زملائه وجمهوره، يحب الحياة ويعطيها بسخاء. حتى فى أصعب أوقاته، لم يكن يبخل بابتسامة أو مزحة، وكأنه يقول لنا: "الحياة تستحق أن تُعاش، مهما ثقلت الأعباء". رحل "سمير غانم" عن عالمنا، لكن روحه لم تغادر، ترك خلفه إرثًا ضخمًا من الأعمال الفنية التى ستظل حية فى قلوبنا، وكأنه كتب على كل مشهد وقفة: "هنا ضحكتكم، فلا تتركوها تذبل". "سمير غانم" لم يكن مجرد اسم فى عالم الفن، بل كان قصة تُروى، ضحكة تُخلد، ونجمًا يضىء حتى بعد أن غاب، هو دليل حى على أن الفن العظيم لا يموت، بل يعيش فى القلوب كأنشودة أبدية تُعيد إحياء الذكرى فى كل مرة نحتاج فيها إلى فرحة حقيقية.