إعلام الاحتلال: مقتل 6 ضباط وجنود فى غزة وعلى الحدود مع الأردن خلال اليوم    جاهزية 75 قطعة أرض بمشروع «بيت وطن» لتوصيل الكهرباء في القاهرة الجديدة    قرض ومنحة ب60 مليون يورو.. قرار جمهوري بشأن مركز التحكم الإقليمي بالإسكندرية    جامعة الإسماعيلية الجديدة تستقبل طلابها بجاهزية كاملة للعام الدراسي    تجهيز 558 مدرسة لاستقبال 186 ألف طالب بالعام الدراسي الجديد في بورسعيد    وزير التعليم ومحافظ الجيزة يفتتحان 3 مدارس جديدة استعدادًا لانطلاق العام الدراسي الجديد    المشاط تلتقي وزيرة الدولة للتجارة الإسبانية خلال فعاليات منتدى الأعمال المصري الإسباني    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات الخميس    أسعار المستلزمات المدرسية 2025 في محافظة الدقهلية اليوم 18+9-2025    الوزير " محمد صلاح ": الشركات والوحدات التابعة للوزارة تذخر بإمكانيات تصنيعية وتكنولوجية وفنية على أعلى مستوى    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين من الهلال الأحمر المصري عبر قافلة زاد العزة ال40    أشعر بكِ جدا.. ملك إسبانيا ينزل من المنصة ليصافح سيدة فلسطينية ويتحدث عن غزة    بعد افتتاح سفارتها في القدس.. فيجي الدولة الجزرية الصغيرة التي أثارت جدلًا دوليًا    محمد صلاح يرفع شعار الأرقام خلقت لتحطم    إنتر ميامي يتفق مع ميسي على تجديد تعاقده    ميدو: مواجهة الزمالك والإسماعيلي فقدت بريقها.. وأتمنى عودة الدراويش    الكلاسيكو 147.. التاريخ يميل نحو الزمالك قبل مواجهة الإسماعيلي الليلة    شبانة: وكيل إمام عاشور تخطى حدوده    بينهم رضيع.. إصابة 12 شخصا في حادث انقلاب سيارة أجرة بأسوان    المشدد 15 عاما وغرامة 200 ألف جنيه لمتهمين بالاتجار في المخدرات بالشرقية    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    بعد اختفاء إسورة أثرية.. أول تحرك برلماني من المتحف المصري بالتحرير    فى حوار له مع باريس ريفيو فلاديمير سوروكين: نغمة الصفحة الأولى مفتتح سيمفونية    معا من أجل فلسطين.. حفل خيري بريطاني يهدم جدار الخوف من إعلان التضامن مع غزة    الصحة: المبادرة الرئاسية «صحتك سعادة» تقدم خدماتها المتكاملة في مكافحة الإدمان    نائب وزير الصحة تشهد إطلاق ورشة عمل للإعلاميين حول الصحة الإنجابية والتنمية السكانية    وزير الدفاع الصيني يجدد تهديداته بالاستيلاء على تايوان لدى افتتاحه منتدى أمنيا    "الرحلة انتهت".. إقالة جديدة في الدوري المصري    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    فيديو متداول يكشف مشاجرة دامية بين جارين في الشرقية    فرنسا تستعد لاحتجاجات واسعة وسط إضرابات وطنية ضد خطط التقشف الحكومية    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    "الطفولة والأمومة" يطلق حملة "واعي وغالي" لحماية الأطفال من العنف    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    اليوم.. افتتاح الدورة الأولى من مهرجان بورسعيد السينمائي    «نعتز برسالتنا في نشر مذهب أهل السنة والجماعة».. شيخ الأزهر يُكرِّم الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    النقل تناشد المواطنين الالتزام بقواعد عبور المزلقانات حفاظًا على الأرواح    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    الصحة تشارك في مؤتمر إيجي هيلث لدعم الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع الصحي    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته بمساكن الأمل في بورسعيد    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    التحفظ على أكثر من 1400 كتاب دراسى خارجى مقلد داخل مكتبتين    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكمّل عشاءها ديموقراطية
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 01 - 2009

باكستان دولةٌ فقيرةٌ مثلنا، لكنها «تُكملُ عشاءَها ديموقراطيةً». هذه الجملة قالها مجدى الجلاد فى مقاله: «مَن يعزلُ الرئيس مبارك؟» بجريدة «المصرى اليوم». والجملة اشتقاقٌ فانتازىٌّ من الحكمة الدارجة المصرية «الفقير بيكمّل عشاه نوم». كان ذلك فى معرض المقارنة بين ديمقراطية باكستان «الحقيقة»، وبين لا ديمقراطيتنا، أو بالأحرى ديمقراطيتنا «الصورية». فالرئيسُ الباكستانى السابق طولبَ بالاستقالة، فاستقال، أما الرئيسُ الجديد فتخلّى طواعيةً عن بعض امتيازاته وطالبَ البرلمانَ بتقليص صلاحياته الدستورية لصالح جهات سيادية أخرى فى البلاد، طامحا، بذلك، فى دخول باكستان عصرًا ديمقراطيا مختلفا، فى حين كل ذلك نجد أن حكام الدول العربية لا يتركون مقاعدهم إلا موتى أو مغتالين، ولا بديلَ ثالثا! كأنما ثمة مادة فى الدساتير العربية تقرُّ بتأبيد هذه «الوظيفة» الحكومية إلى أجلٍ هو: «الأجل».
وأسألُ نفسى: أليس لدينا ديمقراطية حقا؟ وإذن كيف يُتاحُ لنا أن نكتبَ فى الصحف ما نكتب الآن؟ حينما زرتُ سورية لأول مرة قلتُ لأصدقائى: الميزةُ الكبرى من هذه الزيارة هى أننى سأعود إلى بلادى وأنا موقنةٌ أن لدينا قدْرًا من الحرية والديمقراطية مهولا. أما هناك فلا صحفَ معارضة، ولا أنتَ تجرؤ على أن تقول رأيا فى النظام إلا تحت أعلى درجات السريّة. يعنى أن تُسرَّ برأيك لأحد خُلصائك، وأنت وهو تتلفتان يمينا ويسارا. والأضمن دائما أن تقول رأيك لنفسك، يعنى تفكر به فى صمت. إذ لا قانون عربيا، حتى الآن، يمنعُ التفكيرَ الصامت. ليس لأن الأنظمةَ العربية تشجعُ الفكرَ والتفكير، معاذ الله، بل لأنها وحسب لا تقدر أن تقبض على الفكرة فى رأسك. ستقبضُ عليها وعليك فقط حينما تقفز الفكرةُ الملعونةُ من رأسك إلى لسانك، اللى عاوز قطعه لأنه أودى بك للتهلكة! المهم، عدتُ من سورية وأنا فرحة بمصريتى وحريتى وديمقراطيتى! صحيحٌ أننا لا نقدر أن «نخلع» رئيسا، وصحيحٌ أن انتخاباتِنا كوميديةٌ شكلانيةٌ موضوعةُ النتائج سلفا، وصحيحٌ أن المواطنَ ليس له ثمنٌ، وصحيحٌ أن ثرواتِ مصرَ كلها فى جيب نفرٍ أقلَّ من القليل، وبقية الملايين الثمانين تتأرجح فوق وتحت خط الفقر، وصحيحٌ أن أيمن نور معتقلٌ، وصحيحٌ أن الصحافيين يُعتقَلون أو يشترون حريتهم بالفلوس، إلا من رحِمَ ربى، والريّس، لكنك مع ذلك بوسعك، إن كنتَ كاتبا، أن تكتب ما تشاء، إلى حدٍّ ما، ضدّ الحكومة دون أن يوضع جسدُك فى بانيو من حامض الكبريتيك المركز، فلا يبقى منه إلا خصلةُ شعرٍ تجرى مع مياه الصرف. وبوسع كل مواطن أن يُطلق النكات التى تشاكسُ النظام فى المقاهى وعلى شاشات المحمول دون كثير خوف. أما فى بلد مثل سورية فلا تقدر مثلا أن تنطق كلمة «أسد» حتى وإن كنتَ تقصد السبعَ أو الليثَ أو الضرغامَ.
وما أقوله ليس مجازا ولا مزحة، فقد حدث أن كنتُ فى جلسة حميمية مع مجموعة من أقرب أصدقائى السوريين. وكنتُ أخبرهم عن السبب وراء اتهام الحمار، ظلما وبهتانا، بالغباء؛ بينما هو من أذكى الحيوانات. أما السببُ فلأن الحمار يخاف أكثر ما يخاف الأسد، لكنه حين يراه لا يهرب شأن أى كائن حىّ يهرب مما يخاف. بل من هول رعبه يقذفُ بنفسه على الأسد، فيلتهمه الأخير بيسر. فرماه الناس بالغباء. بينما النظرية السيكولوجية تقول إن درجةً عليا من درجات الرُهاب تُفقدُ العقلَ مقدرتَه على التفكير السليم، فيرتكب الكائنُ الحى مثل تلك الحماقات. طبعا لم أصل بحكايتى مع أصدقائى السوريين إلى هذه النقطة الخُلاصة. إذْ ما أن نطق لسانى لفظة «الأسد» حتى قفز بعضهم إلى النافذة يغلقها، وبعضهم إلى فمى يكممه، وبعضهم إلى النور يطفئه. وظننت لوهلة أن زلزالا قد وقع، أو ناقوس حرب قد قُرِع. ولما فهمت مقصدهم قلت لهم: «لا، لا، لا، أنا مش قصدى أسدكم، بل أسدنا كلنا بتاع ربنا!» فقالوا: «ولو! ممنوع لكان خايتو!» فهتفتُ تعيش مصر!
ورغم أن النظام السورى الحالى أكثر انفتاحا من سابقه، لكننى بعد برهة تأمل اكتشفتُ أن بلادا كتلك، لدى شعبها فرصةٌ للانتفاض والثورة جراء الاحتقان والتعبئة التراكميّة، بينما فى مصر فالنظام أكثر دهاءً، إذ يُفرّغ طاقةَ المواطن أولا بأول بالسماح له بأن يقول ما يشاء. ذاك أن حرية «البعبعة» عندنا تريحنا وتطهرنا وتفرّغُنا من حنقنا على قامعينا. مثلما المسرح الأرسطىّ يُطهّر النظّارةَ من خطاياهم وأوجاعهم، فيخرجون أطهارا أنقياء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.