رئيس جامعة بني سويف يتفقد أعمال الامتحانات بكليتي الآداب وعلوم الأرض    تقبل طلاب الثانوية علمي.. 10 معلومات عن كلية علوم التغذية 2025    "حماة الوطن": نواصل اختيار المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ المقبلة    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات وأعمال التطوير بكلية التربية النوعية    وزير الري يشارك في احتفالية انطلاق "البرنامج الهيدرولوجي الدولي" بباريس    تشغيل تجريبي كامل لمستشفى طب الأسنان بجامعة قناة السويس    الذهب يتجاوز اليورو ليصبح ثانى أكبر أصل احتياطى عالمى بعد الدولار    محافظ كفرالشيخ يوجه بتيسير حركة المرور أثناء أعمال رصف عدد من شوارع «العاصمة»    الزراعة: مستمرين في التعاون مع لجنة الشؤون الأفريقية لبحث زيادة فرص الاستثمار بالقطاع الزراعي    الرئيس السيسي يتابع معدلات تنفيذ مشروعات المرحلة الأولى بمبادرة «حياة كريمة»    وزير الزراعة يتوجه إلى فرنسا للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات    المصريون سحبوا 26.57 مليار جنيه من ماكينات ATM بالبنك الأهلي في 9 أيام    سموتريتش: السلطة الفلسطينية هي العدو الأضعف لنا    واشنطن بوست: إدارة ترامب تستعد لترحيل آلاف الأجانب لجوانتانامو دون إبلاغ دولهم    وزیر الخارجیة والھجرة یعقد اجتماعاً ثلاثیاً مع وزیري خارجیة عمان وإیران    الإعلامي الحكومي بغزة: الاحتلال يتعمد خلق فوضى عبر التجويع واستهداف المدنيين    أوكرانيا تستقبل جثث نحو ألف جندي من روسيا    وزير الخارجية يلتقي بنظيريه الإيراني والعُماني على هامش المنتدى العالمي في أوسلو    سيميوني: بطولة مونديال الأندية أشبه بكأس العالم وندرك معنى تمثيل إسبانيا بها    بعيدا عن سنتياجو برنابيو.. ريال مدريد يعلن موعد تقديم ألكسندر أرنولد    رومانو: نابولي أتم اتفاقه مع دي بروين.. وموعد الكشف الطبي    تقرير: النصر يسعى لضم مدافع بايرن    «تدخل الأمن أنقذني».. أول تعليق من حسام البدري بعد الاعتداء عليه في ليبيا    كرة السلة.. الاتحاد السكندري يواجه بترو دي لواندا بنصف نهائي ال «BAL 5» الليلة    كشف ملابسات فيديو قائدى 3 سيارات بالسير عكس الإتجاه بطريق المنصورة    أبناء عمومة..إصابة 4 أشخاص سبب مشاجرة بالأسلحة النارية بمركز دار السلام بسوهاج    صباح تقتل عشيقها في الشارع بعد نشره صورها العارية: "خلّصت البشرية من شره"    جهود توعويَّة شاملة لمجمع البحوث الإسلاميَّة في موسم الحج 1446ه    انتشال جثة شاب من مجرى نهر النيل بالمنيا بعد 15 يوما من الغرق    إعلان أسماء الفائزين فى مسابقة "مصر فى عيون أبنائها فى الخارج".. الثلاثاء    " التوفيق من عند ربنا ".. أول تعليق من انتصار بعد تكريمها من إذاعة "إنرجي"    أحمد عبد الحميد ينضم إلى أبطال مسلسل ابن النادي    مش بس بالفلوس.. تعرف على أكثر 5 أبراج كرمًا فى كل شيء    عرض "شلباية" على مسرح قصر ثقافة قنا ضمن الموسم المسرحي بجنوب الصعيد    بن غفير يقتحم المسجد الأقصى برفقة كبار ضباط الشرطة الإسرائيلية    الفنان محمد ثروت يدعو لشفاء آدم تامر حسني .. اللهم متّعه بالصحة والعافية    المفتي الأسبق يوضح مراحل طلب العلم    السبكي: نثمن ثقة شركة الخدمات الطبية في خدماتنا.. وملتزمون بتطبيق أعلى معايير الجودة    اعتماد وحدة التدريب ب"تمريض الإسكندرية" من جمعية القلب الأمريكية- صور    ماذا يحدث للجسم عند تناول الزبدة يوميًا؟    بعد عريس متلازمة داون.. التفاصيل الكاملة عن المرض    إيلون ماسك: نادم على بعض منشوراتي عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب    وزير الزراعة: تشجيع صغار المزارعين على التوسع في زراعة القمح    يحيى الفخراني يكشف سر موقف جمعه بعبد الحليم حافظ لأول مرة.. ما علاقة الجمهور؟    وزارة الدفاع الروسية: قواتنا وصلت للجهة الغربية لمنطقة دونيتسك الأوكرانية    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص أعلى كوبري قها بالقليوبية    دموع الحجاج فى وداع مكة بعد أداء المناسك ودعوات بالعودة.. صور    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    حالة الطقس اليوم في الكويت.. أجواء حارة ورطبة نسبيا خلال ساعات النهار    لجنة تخطيط الزمالك تسلم جون إدوارد ملف الصفقات والمدير الفنى    عريس متلازمة داون.. نيابة الشرقية تطلب تحريات المباحث عن سن العروس    تعاون بين «الرعاية الصحية» و«كهرباء مصر» لتقديم خدمات طبية متميزة    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)    زيزو يكشف سر تسديده ركلة الترجيح الأولى للأهلي أمام باتشوكا    تعرف على آخر تطورات مبادرة عودة الكتاتيب تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي    «فتح» تدعو الإتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات حاسمة ضد المخططات الإسرائيلية    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكمّل عشاءها ديموقراطية
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 01 - 2009

باكستان دولةٌ فقيرةٌ مثلنا، لكنها «تُكملُ عشاءَها ديموقراطيةً». هذه الجملة قالها مجدى الجلاد فى مقاله: «مَن يعزلُ الرئيس مبارك؟» بجريدة «المصرى اليوم». والجملة اشتقاقٌ فانتازىٌّ من الحكمة الدارجة المصرية «الفقير بيكمّل عشاه نوم». كان ذلك فى معرض المقارنة بين ديمقراطية باكستان «الحقيقة»، وبين لا ديمقراطيتنا، أو بالأحرى ديمقراطيتنا «الصورية». فالرئيسُ الباكستانى السابق طولبَ بالاستقالة، فاستقال، أما الرئيسُ الجديد فتخلّى طواعيةً عن بعض امتيازاته وطالبَ البرلمانَ بتقليص صلاحياته الدستورية لصالح جهات سيادية أخرى فى البلاد، طامحا، بذلك، فى دخول باكستان عصرًا ديمقراطيا مختلفا، فى حين كل ذلك نجد أن حكام الدول العربية لا يتركون مقاعدهم إلا موتى أو مغتالين، ولا بديلَ ثالثا! كأنما ثمة مادة فى الدساتير العربية تقرُّ بتأبيد هذه «الوظيفة» الحكومية إلى أجلٍ هو: «الأجل».
وأسألُ نفسى: أليس لدينا ديمقراطية حقا؟ وإذن كيف يُتاحُ لنا أن نكتبَ فى الصحف ما نكتب الآن؟ حينما زرتُ سورية لأول مرة قلتُ لأصدقائى: الميزةُ الكبرى من هذه الزيارة هى أننى سأعود إلى بلادى وأنا موقنةٌ أن لدينا قدْرًا من الحرية والديمقراطية مهولا. أما هناك فلا صحفَ معارضة، ولا أنتَ تجرؤ على أن تقول رأيا فى النظام إلا تحت أعلى درجات السريّة. يعنى أن تُسرَّ برأيك لأحد خُلصائك، وأنت وهو تتلفتان يمينا ويسارا. والأضمن دائما أن تقول رأيك لنفسك، يعنى تفكر به فى صمت. إذ لا قانون عربيا، حتى الآن، يمنعُ التفكيرَ الصامت. ليس لأن الأنظمةَ العربية تشجعُ الفكرَ والتفكير، معاذ الله، بل لأنها وحسب لا تقدر أن تقبض على الفكرة فى رأسك. ستقبضُ عليها وعليك فقط حينما تقفز الفكرةُ الملعونةُ من رأسك إلى لسانك، اللى عاوز قطعه لأنه أودى بك للتهلكة! المهم، عدتُ من سورية وأنا فرحة بمصريتى وحريتى وديمقراطيتى! صحيحٌ أننا لا نقدر أن «نخلع» رئيسا، وصحيحٌ أن انتخاباتِنا كوميديةٌ شكلانيةٌ موضوعةُ النتائج سلفا، وصحيحٌ أن المواطنَ ليس له ثمنٌ، وصحيحٌ أن ثرواتِ مصرَ كلها فى جيب نفرٍ أقلَّ من القليل، وبقية الملايين الثمانين تتأرجح فوق وتحت خط الفقر، وصحيحٌ أن أيمن نور معتقلٌ، وصحيحٌ أن الصحافيين يُعتقَلون أو يشترون حريتهم بالفلوس، إلا من رحِمَ ربى، والريّس، لكنك مع ذلك بوسعك، إن كنتَ كاتبا، أن تكتب ما تشاء، إلى حدٍّ ما، ضدّ الحكومة دون أن يوضع جسدُك فى بانيو من حامض الكبريتيك المركز، فلا يبقى منه إلا خصلةُ شعرٍ تجرى مع مياه الصرف. وبوسع كل مواطن أن يُطلق النكات التى تشاكسُ النظام فى المقاهى وعلى شاشات المحمول دون كثير خوف. أما فى بلد مثل سورية فلا تقدر مثلا أن تنطق كلمة «أسد» حتى وإن كنتَ تقصد السبعَ أو الليثَ أو الضرغامَ.
وما أقوله ليس مجازا ولا مزحة، فقد حدث أن كنتُ فى جلسة حميمية مع مجموعة من أقرب أصدقائى السوريين. وكنتُ أخبرهم عن السبب وراء اتهام الحمار، ظلما وبهتانا، بالغباء؛ بينما هو من أذكى الحيوانات. أما السببُ فلأن الحمار يخاف أكثر ما يخاف الأسد، لكنه حين يراه لا يهرب شأن أى كائن حىّ يهرب مما يخاف. بل من هول رعبه يقذفُ بنفسه على الأسد، فيلتهمه الأخير بيسر. فرماه الناس بالغباء. بينما النظرية السيكولوجية تقول إن درجةً عليا من درجات الرُهاب تُفقدُ العقلَ مقدرتَه على التفكير السليم، فيرتكب الكائنُ الحى مثل تلك الحماقات. طبعا لم أصل بحكايتى مع أصدقائى السوريين إلى هذه النقطة الخُلاصة. إذْ ما أن نطق لسانى لفظة «الأسد» حتى قفز بعضهم إلى النافذة يغلقها، وبعضهم إلى فمى يكممه، وبعضهم إلى النور يطفئه. وظننت لوهلة أن زلزالا قد وقع، أو ناقوس حرب قد قُرِع. ولما فهمت مقصدهم قلت لهم: «لا، لا، لا، أنا مش قصدى أسدكم، بل أسدنا كلنا بتاع ربنا!» فقالوا: «ولو! ممنوع لكان خايتو!» فهتفتُ تعيش مصر!
ورغم أن النظام السورى الحالى أكثر انفتاحا من سابقه، لكننى بعد برهة تأمل اكتشفتُ أن بلادا كتلك، لدى شعبها فرصةٌ للانتفاض والثورة جراء الاحتقان والتعبئة التراكميّة، بينما فى مصر فالنظام أكثر دهاءً، إذ يُفرّغ طاقةَ المواطن أولا بأول بالسماح له بأن يقول ما يشاء. ذاك أن حرية «البعبعة» عندنا تريحنا وتطهرنا وتفرّغُنا من حنقنا على قامعينا. مثلما المسرح الأرسطىّ يُطهّر النظّارةَ من خطاياهم وأوجاعهم، فيخرجون أطهارا أنقياء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.